مصر منذ الثورة تمتلئ بالأجندات والمسودات، فمن صاحب المسودة الأخيرة؟ مجلس الوزارء:"دى مسودة" نكره المكتبات هذه الأيام ليس بسبب الأجندات وغيرها من الأدوات المكتبية لكن لأن البيع لم يعد مقتصرا عليها، كما لم تعد المسودات فى العمليات الحسابية فقط ولم يعد فقط كاتبيها هم الطلاب على جانب كراسة الإجابة فى الامتحانات أملاً فى أن يراعى المصحح حالهم وينظر إلى كم الجهد المبذول فيها فيعطيهم درجة أو نصف زيادة، تسأل لماذا طبعا؟ وأجيبك لأن مجلس وزرائنا أيضا له فى المسودات والعياذ بالله من الإمتحانات.."مجلس ثورة بقى.. لانافع معاه مظاهرات ولا تغييرات وزارء ولا حتى محافظين..مبيتأثرش". فجأة "يصطبح" الصحفيون على بيان شديد اللهجة مرسل من مجلس الوزارء موجه لإسرائيل يدينها ويحملها مسئولية ماحدث للضابط المصرى وجنوده فى سيناء ويطلب منها أن تحقق فى الحادث وتبلغه بنتائجه على وجه السرعة، كما حمل البيان جزءً مهما خاص بسحب السفير المصري من تل أبيب، وعلى وجه السرعة أيضا يتصل العاملون فى مجلس الوزارء بالصحفيين ليبلغوهم أن ما تم إرساله ليس إلا مسودة أرسلت بالخطأ ولا تعبر عن المجلس، هكذا ليقع الجميع فى "ربكة" هل سنسحب السفير أم لا؟ وهل هذا هو الموقف الرسمى؟ وإن لم يكن هذا البيان "المسودة" هو الموقف الرسمى لمصر حكومة وشعبا فأى المسودات ستكون؟. من يفكر ل"عصام شرف" وكيف يصوغ الرجل أموره هذه الأيام؟.. الدولة أدانت إسرائيل وبشدة على قتلها لجنود مصريين ولكن للأسف عن طريق الخطأ.. وكم كنا نتمنى وليس كل التمنى إثم أن تكون هذه المسودة هى البيان الرسمى لمجلس وزرائنا الذى اجتمع لأربع ساعات ونصف كاملة بمشاركة من المخابرات العامة والمجلس العسكري ليخرج فى النهاية ب"مسودة غلط"! عموما هذه المرة الأولى التى نرى فيها "مسودة" لمجلس الوزرء، صحيح كنا نتمنى أن تكون حقيقية لكن ما باليد حيلة "ده مجلسنا وده حاله"، لكن تصبح مصيبة فعلا لو كانت مسودات اجتماعات مجلس الوزراء تكون فى البداية بهذا الشكل من الجدية ثم تتحول لنوع جديد من الهزل بعد ذلك، بمعنى قد يتكون مسودة الحد الأدنى للأجور كانت 1200 جنيه ثم خرج البيان الرسمى ليصل بها للحد الأدنى من "الفقر"، وهكذا..ربنا يسترها. هل كان كثيرا علينا أن يقول مجلس الوزارء فعلاً ما جاء فى المسودة :" تستنكر مصر كذلك التصريحات غير المسئولة والمتسرعة لبعض القيادات في إسرائيل الأمر الذي يفتقر للحكمة والتروي قبل إصدار أحكام واستباق معرفة حقيقة" أو "تؤكد مصر رفضها التام لأية محاولة لإلقاء تبعة الإهمال الأمني الإسرائيلي في حماية حدودها وإقحام اسم مصر في ذلك"، طبعا سيرد علينا الجميع بأن المشكلة كانت فى فقرة أخرى وهى الخاصة بسحب السفير المصري بإسرائيل حتى موافاة القاهرة بآخر نتائج تحقيق طلبته فى نفس البيان، أليس هذا من الممكن..أليس هذا رد ديبلوماسى من المفترض أن حكومة "الثورة" قادرة عليه على الأقل. ثمة شئ آخر بعيد عن التمنى ومصر وإسرائيل .. هو كيف خرجت هذه المسودة من مجلس الوزراء؟ ومن أعطى أمراً بإرسالها لوسائل الإعلام؟ وهل الأمور "سايبة قوى كده" مع شرف؟ وهل كان يريد المٌرسل أن يحرج رئيس الوزراء أمام شعب مصر الثائر؟ أم أنه أراد تعريته؟