الحركة العمالية في العقد الأخير وبالتحديد عقب 2003 وقانون العمل، باتت لا تدع بضعة أشهر تمر إلا وتصاعدت حدتها وتطورت مطالبها بحثًا عن حقوق ضائعة متمثلة في التثبيت والمطالبة بحد أدنى للأجور بل وتطورت أيضًا في بعض الأحيان إلى حد المطالبة بتأميم مصانعها أملاً في رجوع الحقوق التي نهبها رجال الأعمال على يد الدولة. "العمالة المؤقتة قنبلة موقوتة ستفنجر في وجه رجال الأعمال قبل الدولة، فالعامل المؤقت يشعر بالغربة وعدم الاستقرار مما يؤثر على إنتاجيته ويزيد من احتجاجه وتمرده"، هذا ما أكده للدستور الأصلي هيثم محمدين المحامي العمالي وعضو حزب العمال الديمقراطي مضيفًا: "أيًا كان نوع العمل الذي يقوم به فإنه يشعر دومًا بأن مستقبله في خطر، ومع أنه في أغلب الأحوال الناس لا يأخذ حقوقه في الإضافي، ولا في ساعات العمل ولا حتى في العلاوات فإنه باختصار عند أي ظرف استثنائي يمر به المصنع أو الشركة صاحب العمل بيقولوه "مع السلامة" مما يضطره للبحث عن عمل آخر وللآسف بنفس الأوضاع المزرية وربما أسوأ" ولا يرفع "محمدين" القلم عن الدولة التي يراها في تلك القضية متهمًا من الدرجة الأولى قائلاً : قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الذي أقرته الدولة أضفى مشروعية على العمل المؤقت واعترف به رسميًا، ولا أراه في مصلحة العامل أبدًا، وإنما تمهيدًا لقطار الخصخصة الذي قضى على حقوق الطبقة العاملة في مصر وزاد من نسب البطالة وخفض القوى الإنتاجية لمصر، يمكن القضاء على هذه المشكة مرحليًا عن طريق تشريعات قانونية ورقابية من قبل وزارة القوى العاملة، وضبط المخالفين، وهذا حدث بالفعل في بعض قطاعات البترول ولا بد من الحوار بين النقابات الجديدة وأصحاب الأعمال في حوار مجتمعي شامل لتصبح الأوضاع العمالية مستقرة وللوصول للحلول التي لا تضر بأحد لا أصحاب العمل ولا العمالة، لأن في النهاية الحوار مفيد لصاحب العمل قبل العمال، وهناك ميزة لا يجب إغفالها في مصر ألا وهي رخص الأيد العاملة". ويرى مجدي عبد الفتاح الناشط الحقوقي والباحث العمالي أن العمالة المؤقتة كانت جزءًا من سياسة إعادة هيكلة الطبقة العاملة التي وضعها رجال الأعمال، هدفها خلق تنافس ما بين العمال المؤقتين لزيادة ربحية رأس المال، ومن جانب أخر خلقت بطالة ولم تخلق كوادر مهنية ومدربة، ولم تخلق كوادر عمالية تستيطع الدفاع عن حقوق العمال، لأنها لا تستقر في مهنة واحدة ، وليس لديها ضمانة للصحة ولا التأمينات ولا المعاشات" وحول أثرها السلبي على الدولة والمجتمع قال عبد الفتاح "تخلق عدم ثبات تجاه مهنة معينة، أو خبرات وزيادة معدلات التضخم في الدولة نتيجة التفاوت الكبير في الأجور، وعلى مستوى الصناعة عدم قدرة مصر على التميز بصناعة معينة خاصة أنه من المفترض أن العمالة بشكل عام يتم تدريبها حتى تستفيد منها المصانع، وهذا من الصعب تحقيقه مع العمالة المؤقتة لأنها غير ثابتة مما يؤثر على جودة المنتج أيضًا". وعلى الجانب الآخر تضيع حقوق العمالة كما يضيف عبد الفتاح قائلاً: "العمالة الموسمية مثل عمال البناء والتراحيل والزراعة لا يملكون أي حقوق تذكر على الإطلاق مما يؤثر بشكل حقيقي على الأوضاع الصناعية في مصر، خاصة أنه لا يوجد مرتب ولا دخل ثابت". ويؤكد الباحث العمالي أن حلول مشكلة العمالة المؤقتة تتمثل في أن تلزم الدولة أصحاب العمل بقوانين لتثبيت العمالة المؤقتة وتثبيتها اتجاه مهام بعينها والسماح لهم بالإنضمام داخل نقابات مهنية في المصانع والشركات، وإلزام أصحاب الأعمال بتقديم نفس الخدمات والأمتيازات للعمالة المؤقتة، ومرحليًا عن طريق تشريعات قانونية ورقابية من قبل وزارة القوى العاملة، وضبط المخالفين.