وكيل وزارة التعليم بالدقهلية يتابع الانضباط وتفعيل الأنشطة الطلابية في 6 مدارس    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للجامعات، وأبرز القرارات    حماة الوطن يعقد اجتماعا مع أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب قبيل بداية الفصل التشريعي الثاني    المدير التنفيذي للعربية للمشروعات العقارية: 3 سنوات مدة إنشاء مدينة الصحفيين    السكة الحديد: التحفظ على الصندوق الأسود لقطار البضائع المقلوب ببني سويف    وزيرة التنمية المحلية تشهد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية في مصر    قطاع السياحة يسجل معدل نمو 19.3% خلال الربع الرابع من العام المالي 2024/2025    سعر طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر فى المنيا    المبعوث الرئاسي لكوريا: مستعدون لرفع الشراكة مع مصر إلى مستوى استراتيجي شامل    تعرف علي الفئات المستحقة وموعد وطريقة اضافة الموليد لبطاقة التموين في الدقهلية    عضو المكتب السياسي لحركة حماس: منفتحون على مقترحات ترامب للسلام    عاجل- السيسي يستقبل المبعوث الخاص للرئيس الكوري الجنوبي: تعزيز التعاون الثنائي ودعم مسار السلام في غزة    وزير الخارجية يلتقي الشباب المشاركين في برنامج زمالة "شفيق جبر" من مصر والولايات المتحدة    يورتشيتش يدرس الجيش الرواندي بالفيديو قبل مواجهة دوري أبطال أفريقيا    رسميا.. إيقاف كارفاخال مباراتين في دوري الأبطال    الشرق الأوسط: مفاوضات اتحاد جدة وكلوب تسير بشكل إيجابي    مدرب نيوزيلندا: سنستعيد الثقة بالفوز على منتخب مصر في مونديال الشباب    تشافي يرد على عرض اتحاد جدة السعودي    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    ضبط متحرش الهرم بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    الأرصاد: أجواء مشمسة تأثرا بمرتفع جوي.. وبرودة في بعض المناطق ليلا    الداخلية تضبط 81 سلاحا ناريا وتنفذ 65 ألف حكم خلال يوم    تموين الفيوم يضبط 50 مخالفة تموينية متنوعة بالمحافظة    بدعوى تدهور حالتها الصحية.. تأجيل دعوى الحجز على ممتلكات الدكتورة نوال الدجوي ل30 ديسمبر    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    شهادات مزورة.. سقوط المتهم بالنصب والاحتيال على المواطنين بمصر الجديدة    طالبهم بالصبر وحسن الاستماع، اجتماع خاص ل نظير عياد مع مسؤولي الفتوى الشفوية    الأمير رحيم آغا خان: نحرص على توسيع نطاق التعاون مع مصر لدعم التنمية الشاملة    عاجل رئيس الوزراء: المكتبات المتنقلة تجسد العدالة الثقافية بوصول الثقافة إلى القرى والمناطق البعيدة    افتتاح الدورة الثامنة لمهرجان القاهرة للمونودراما بالأوبرا الخميس المقبل    قناة الوثائقية تستعد لعرض فيلم السادات والمعركة في الذكرى 52 لانتصار أكتوبر    عصام عمر يساعد جيهان الشماشرجي على استعادة ميراثها    احتفال عالمي وسط أعمدة حتحور.. قنا تحتفي باليوم العالمي للسياحة من قلب معبد دندرة    دلالة على أمراض خطيرة، جمال شعبان يكشف سر التعب والإرهاق من أقل مجهود    محافظ الشرقية يتفقد إنشاءات مستشفى أبو كبير المركزي الجديد    نائب وزير الصحة: أمراض القلب تسبب 17 مليون وفاة سنويا على مستوى العالم    تقييم ميداني للمنشآت الصحية بالمنيا استعدادا لتطبيق التأمين الشامل    أمن الشرقية ينجح فى كشف غموض مقتل موظف بالمعاش داخل مسكنه بقرية بيشة قايد    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    الملتقى الفقهى بالجامع الأزهر: "الترند" ظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    المؤتمر: تقدير ترامب للسيسى يؤكد مكانة مصر القيادية دوليا وإقليميا    الأهلى يستعيد جهود زيزو فى مباراة كهرباء الإسماعيلية بدورى نايل    سفير الصين بالقاهرة: العلاقات مع مصر تمر بأفضل مراحلها فى التاريخ    "القاهرة بقى لونها أحمر".. ريمونتادا الأهلى أمام الزمالك حديث الصحف العربية    إجازة مدفوعة الأجر.. موعد آخر عطلة رسمية خلال عام 2025    تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالطة سراي.. محمد صلاح أساسيًا    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    رئيس برلمانية الشعب الجمهوري: زيارة رئيس الإمارات لمصر ترسيخا لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين    وزيرة التضامن الاجتماعي تترأس اجتماع اللجنة الدائمة للإشراف على منظومة عمل الرائدات الاجتماعيات    ختام فعاليات التدريب البحرى المشترك المصري التركي «بحر الصداقة - 2025»    رئيس جامعة جنوب الوادي يشهد حفل تكريم أحد العاملين لبلوغه السن القانونية    الضغط الخفي لمرض السكري على قلبك وكيفية الوقاية منه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    شراقي: استمرار الفيضان الكبير من سد النهضة لليوم الخامس على التوالي    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن للإعلام التعامل بحيادية مع الانتخابات؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 01 - 2010

عقد مركز القاهرة لحقوق الإنسان مؤتمرا لمناقشة مدونة أخلاقية مهنية لتغطية الانتخابات أعدها الصحفي الكبير الأستاذ صلاح عيسي بمناسبة اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وكنت من بين عدد من المتخصصين الذين طلب منهم التعليق علي المدونة المتماسكة والشاملة التي أعدها الأستاذ صلاح. وقد كفاني الأستاذ معد المدونة عناء عرض الملامح العامة لمدونته عندما نشرها كاملة في جريدة القاهرة، كذلك كفاني الحديث بتفصيل عن التعقيب الذي قدمته مكتوبا لأنني علمت أنه سينشره كاملا في جريدته أيضا.
ولكن هناك نقطة رئيسية في التعقيب الذي قدمته أردت أن أشير لها وهي تتعلق بأننا وإن كنا في حاجة إلي مدونة أخلاقية مهنية لتغطية الانتخابات، فإننا في حاجة إلي مدونة أشمل تتعلق بالتعامل مع العملية السياسية علي أساس أن الانتخابات أحد عناصرها الأساسية. فما معني أن تظل وسائل الإعلام تشوه السياسيين طوال العام وتتعامل معهم بحيادية في فترة الانتخابات التي لا تزيد علي الشهر. وما معني أن تتجاهل وسائل الإعلام الأحزاب طوال العام اللهم إلا في حالة وجود انشقاقات أو مشكلات داخلية ثم تتذكرهم خلال شهر الانتخابات، وبالطبع فإن التغطية لن يكون لها نفس الأثر خاصة أن القارئ بالنسبة للصحف تشبع بنقد الصحف للأحزاب ونشر مشكلاتها الداخلية.
علي الجانب الآخر فإن نفس القارئ يظل طوال العام يقرأ عن الحزب الوطني وإنجازاته ويقرأ أخبار قياداته، ولا يقرأ أي مادة صحفية عن خلافات داخل الحزب الوطني. وهو ما يجعل ما يطالعه في الصحف في وقت الانتخابات تحصيل حاصل، حتي ولو أعطت الصحف للأحزاب الأخري مساحات أكبر من تلك التي تعطيها للحزب الوطني ومرشحيه.
ونقدم مثالا حديثا كاشفا فعندما تحدث الدكتور محمد البرادعي عن إمكانية خوضه انتخابات رئاسة الجمهورية بدأت الصحف القومية في توجيه انتقادات حادة إليه بعضها غير موضوعي، مثل أنه كان قبل الأخير علي دفعته في وزارة الخارجية ، ووجهت انتقادات أخري له حول إدارته للمنظمة الدولية للطاقة الذرية، وقالت بعض الصحف إنه يحمل جنسية سويدية، فإذا حدث وترشح الدكتور محمد البرادعي للانتخابات الرئاسية المقبلة، ستظل هذه الانتقادات غير الموضوعية والكاذبة عالقة في أذهان القراء أو مشاهدي القنوات الفضائية. ونفس الأمر ينطبق علي عمرو موسي.
ومن يتابع تغطية الصحف المصرية لأي انتخابات برلمانية أو محلية أو غيرها بعيدا عن انتخابات رئاسة الجمهورية سيجد العديد من النواقص التي تستحق البحث عن وسائل للقضاء عليها. فوسائل الإعلام تهتم فقط بالدوائر التي يوجد فيها شخصيات سياسية مشهورة أو ما يطلق عليها دوائر الأزمات، وعندما تغطي هذه الدوائر لا تقدم معلومات دقيقة عنها، مثل عدد المرشحين وأهمهم، والقاعدة السياسية أو الاجتماعية التي يستند إليها كل مرشح، ولا تقدم أي معلومات حول طبيعة الدوائر الانتخابية مثل التكوين الاجتماعي والإثني ولا خريطة القوي السياسية الحقيقية للدائرة، وهذا الأمر مطلوب حتي يستطيع توقع القراء النتائج المرتقبة أو حتي يفهموا النتائج بعد انتهاء الانتخابات. وفي مجمل التغطيات لا تستعين الصحف أو وسائل الإعلام بخبراء حقيقيين في تغطية الانتخابات سواء عبر نشر آرائهم في تحقيقات صحفية أو كتابة المقالات حول الدوائر الانتخابية التي يفهمونها.
ولابد من البحث عن وسيلة لإلزام وسائل الإعلام بالتعامل الأخلاقي مع العملية السياسية، فالمدونة التي اقترحها الأستاذ صلاح لن تكون ملزمة لها مثلما كان ميثاق الشرف الذي طرحه المجلس الأعلي للصحافة في الانتخابات البرلمانية السابقة غير ملزم لوسائل الإعلام التي تخضع لرقابته.
فميثاق الشرف الذي صدر عن المجلس الأعلي للصحافة إبان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة كان ينص علي أمرين لابد من الإشارة إليهما: الأول يتعلق بما ذكره حول توزيع حصص البث فيما يتعلق بالإعلام المرئي أو المسموع ، والثاني الحياد في وسائل الإعلام المكتوبة، وفي التطبيق العملي التزمت وسائل الإعلام إلي حد ما من حيث الشكل ولكن من حيث المضمون كانت هناك كارثة مهنية بكل المعايير. ففي الوقت الذي التزمت فيه الصحف القومية بالمبدأ، وأفردت مساحات متشابهة للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، كانت المساحات المخصصة للرئيس مبارك عبارة عن مساحات دعائية له والمخصصة لأحمد الصباحي عوض تدعو الناخبين إلي انتخاب الرئيس حسني مبارك، أما تلك التي خصصت لكل من أيمن نور ونعمان جمعة فكانت تطعن فيهما وأحيانا ترد علي ما يطرحانه من نقد لسياسات الرئيس مبارك خلال حكمه، وكانت أحيانا تتجاهل هذا الطعن وتنشر فقرات مما يقولونه في المؤتمرات الانتخابية عبارة عن أقوال محايدة أو بلا معني تماما. والمؤسف أن المجلس الأعلي للصحافة في تقاريره المتعددة حول تغطية وسائل الإعلام للانتخابات لم ينوه أو يشير إلي هذا القصور المهني لأن التقارير كانت عبارة عن رصد كمي تجاهلت المضمون تماما ولم تتعامل مع المادة المنشورة إلا من حيث المساحة أو التغطية الزمنية فقط.
والإلزام يكون عبر تشريع قانون يعطي لجهة مستقلة الحق في فرض غرامات علي وسائل الإعلام في حال إخلالها بمبدأ الحياد في تغطية الانتخابات وتفرض عليها أن تعترف بالخطأ وأن تعلن عن ذلك لقرائها أو متلقيها. وما دام أننا في مصر بسبب سيطرة الحزب الوطني علي العملية التشريعية وهو المستفيد الأول من الانحياز السافر للإعلام في الانتخابات، فعلينا أن نبحث في القوانين الحالية بما فيها قانون حماية المستهلك عن ثغرات تحقق المطلوب ولو في حده الأدني.
وأري أن أي مدونة أخلاقية أو مهنية تتعلق بتغطية العملية السياسية بصفة عامة أو الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو غيرها بصفة خاصة لابد وأن تفرد دورا ومحددات لوكالة أنباء الشرق الأوسط ليس لأنها وكالة الأنباء الرسمية، ولكن لأنها لو التزمت بواجبها المهني لساعدت الصحف الخاصة بالذات علي تجاوز عدد من الأعباء المهنية، وعلي الأخص فيما يتعلق بالاستعانة بالمراسلين، فالوكالة لها مراسلون في جميع المحافظات والمناطق وهم علي مستوي مهني عال، ولو قدمت الوكالة خدمتها المتكاملة للعبت دورا مهما في تجاوز العقبات المهنية التي تقع فيها الصحف عند تغطية العملية السياسية أو الانتخابية.
وهنا تجدر الإشارة إلي أن الصحف الكبري في العالم تتجاوز هذا العامل المتعلق بعدم وجود مراسلين لها في المناطق البعيدة أو النائية عن طريق الاعتماد علي المدونات الخاصة بالسكان المحليين، وهذة المدونات أصبحت في الوقت الراهن تسبب أزمة للصحافة الورقية لأنها تسبقها في نشر الأخبار، وهناك في الدول المتقدمة مهنيا في مجال الصحافة سجلات لتقييم المدونات من حيث الدقة والمهنية ومن حيث الانحياز السياسي، وهذا الأمر يجعلني أطلب من الأستاذ صلاح عندما يضع النسخة النهائية من مدونته الأخلاقية أن يبحث في وضع معايير تلتزم بها الصحف في الاعتماد علي المدونات ومواقع الإنترنت، خاصة أن الصحف المصرية الخاصة تعتمد في جزء كبير من تغطيتها علي مواقع الإخوان المسلمين مثل "إخوان أون لاين"، والمواقع المحلية للإخوان في المحافظات بما يجعل وجهة نظرهم موجودة بكثافة في التغطيات علي عكس القوي السياسية الأخري عدا الحزب الوطني بالطبع.
وهنا لابد من أن تؤكد المدونة أنه في حالة استعانة وسائل الإعلام سواء ورقية أم مرئية أم مسموعة بأي من المدونات أو مواقع الإنترنت أو مجموعات الفيس بوك أن تذكر ذلك، وفي حالة ما إذا كانت هذه الوسائل تخص تياراً سياسياً يتنافس في الانتخابات التي تقوم وسائل الإعلام بتغطيتها أن تشير إلي هذا الانتماء السياسي من أجل تقديم الحقيقة كاملة للقارئ أو المتلقي. فضلا عن أن المدونة التي يقترحها الأستاذ صلاح لابد وأن تتضمن أسس التغطية بالنسبة للمواقع الالكترونية. والذي أخشاه هو أن تصدر المدونة التي صاغها الأستاذ صلاح بعد التشاور عليها مع الاتجاهات الصحفية المختلفة ورؤساء تحرير الصحف وأعضاء في المجلس الأعلي للصحافة، ولكن ينتهي الأمر إلي التزام الصحف الخاصة بها وعدم التزام الصحف القومية الملتزمة بصورة واضحة وسافرة بالحزب الوطني. وهو ما يجعلني أقول في النهاية إن تغطية محايدة لأي انتخابات أو للعملية السياسية المصرية بصورة عامة وفي مقدمتها نشاط الأحزاب السياسية، يتطلب فصل المجلس الأعلي للصحافة عن الحزب الوطني، وأن تتحول الصحف القومية إلي قومية فعلا وليست صحفا ناطقة باسم الحزب الوطني خاصة مع ضم كل رؤساء التحرير إلي أمانة الحزب الوطني بقرار من أمين عام الحزب. وهناك قضايا قد تكون بعيدة عن العملية الانتخابية أو السياسية لكنها تدخل في صلب الموضوع علي رأسها صدور قانون يضمن حرية الحصول علي المعلومات لأننا بدون هذا القانون لن نستطيع أن نقوم بتغطية أي حدث سواء سياسياً أم اقتصادياً ولو حتي خبراً من أخبار الحوادث بكفاءة مهنية شاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.