"الثورات لا تأتي فجأة وأن ثورة التصحيح التي قام بها الرئيس السابق محمد أنور السادات كانت مقدمة أفرزت ثورة 25 يناير" هكذا يري الدكتور محمد سعيد إدريس رئيس، وحدة الدراسات الثورة المصرية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام في تحليله للثورة المصرية وقال: هناك محفزات أخري تتمثل في تراجع دور مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الإسرائيلي وتبعية نظامها للولايات المتحدة. ثم تأسيس مبارك للدولة التسلطية أو المشخصنة وهو ما أفرز بدوره في النهاية مشروع التوريث الذي بدأ طرحه بشكل قوي منذ عام 2004. كما يري إدريس أن من مقدمات الثورة حالة احتكار السلطة من قبل الحزب الحاكم الذي أقصي باقي الأحزاب عن المشاركة في الحياة السياسية. جاء ذلك في كتاب "25يناير قراءة أولية ورؤية مستقبلية "الذي أعده مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية وحرره الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة التحول الديمقراطي وشارك في أعداده 27 خبيرا وباحثا ويعد هذا هو الكتاب الأول من نوعه لقراءة ثورة 25 يناير ويرجع أدريس بداية العمل الثوري فهو ظهور الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" في سبتمبر 2004. وهي الحركة التي كان اجتماعها التأسيسي الأول بالتزامن مع المؤتمر العام للحزب الوطني، وهي الحركة التي مهدت الطريق لكثير من الحركات الاحتجاجية، التي كان لها دور في ثورة 25 يناير، كما كان لها دور في كسر حاجز الخوف من بطش الدولة وأجهزة القمع البوليسية، وانتزاع حق التظاهر السلمي في الشارع المصري دون استئذان أجهزة الأمن. ولعل ما ساهم في اكتمال ونضوج مفهوم الثورة لدي المصريين، هو تخطي أو كسر حاجز غياب مبارك وظهور بدائل لدي المواطن العادي الذي كان يخشي غياب رئيس اعتاد وجوده لمدة ثلاثين عاماً، مثل محمد البرادعي أو عمرو موسي أو حمدين صباحي .. أما بالنسبة للشرارة الأخيرة التي ساهمت في اندلاع ثورة مصر فيري الدكتور سعيد إدريس أن حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي وقع في الساعات الأولي للعام الجاري أثر كبير في حشد الرأي العام المسيحي والإسلامي ضد الأجهزة الأمنية، بالإضافة لاندلاع الثورة التونسية والتي أوحت للمصريين بقيام ثورتهم. ومن جانبه يري عبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع أن اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة (أكتوبر 2000) هى النواة الأولى التي ساهمت في تأسيس العديد من الحركات الاحتجاجية التي لعبت دورا هاما في ثورة 25 يناير، كما يري أن مظاهرات مارس 2003 (مظاهرات رفض الاحتلال الامريكي للعراق )كانت بروفة مهمة وصاحبة الفضل فى ثورة 25 يناير، وهو الفضل الذي أكمله دور حركة كفاية في خروجها إلي الشارع وتحديها للسلطة ورفع شعار لم يكن مطروحاً من قبل "لا للتمديد .. لا للتوريث" .. وهي الحركة التي خرج من رحمها العديد من الحركات. والتي لعبت دورا كبيرا في أحداث الثورة، مثل مجموعة كلنا خالد سعيد التي تبنت دعوة الخروج إلي الشارع يوم 25 يناير، وساهم في ذلك حركات مثل الجمعية الوطنية للتغيير و6 أبريل و9 مارس وغيرها من حركات الاحتجاج. ويري شكر أن هذه الحركات نجحت في مواجهة أجهزة القمع الأمنية، كذلك فى الانتقال السريع من مطالب إصلاح النظام إلى مطالب إسقاطه، وفى تجزئة المطالب وتحديد أولويات طرحها، بجانب الوعي بمخاطر المرحلة الانتقالية وغيرها من الأمور التى أدركتها وقامت بها هذه الحركات الاحتجاجية فكتب للثورة النجاح. فى المقابل حلل اللواء عاصم جنيدي أداء وزارة الداخلية قائلا :أن هناك نبرة من الغرور انتابت قيادات الداخلية في الفترة الأخيرة قبل الثورة وتعالت مع اندلاع الثورة بارزت في تصريحات حبيب العادلي لوسائل الإعلام وهي النبرة التي ترتب عليها تقديم تقديرات موقف خاطئة. ويري جنيدي أن ما قام به الأمن المركزي في يوم 28 يناير يشير لحالة من التخبط في القرار التي تمثلت في استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين، وكذلك استخدام البلطجية كما قدم الزميل خالد السرجاني ورقة بحثية متميزة تناولت دور الصحف خلال الثورة وكيف جاءت مواقفها متغيرة مع تصاعد الأحداث واتجاهها نحو انتصار الشعب. في حين أشاد الدكتور قدري سعيد :أن القوات المسلحة لعبت دوراً جوهرياً في الحفاظ علي نجاح الثورة، وهو أمر ظهر في أداء قواتها عندما نزلت إلي الشارع مساء يوم 28 يناير، حيث تعاملت بشكل متحضر مع المتظاهرين، وهو أمر لم يتم بشكل عشوائي أو غير منظم، بل بشكل مقصود ومنظم وهو ما يدلل عليه سماح القوات المسلحة للشباب بكتابة عبارات وشعارات مناهضة للنظام السابق (قبل سقوطه) علي عربات الجيش والدبابات، ويتعرض الكاتب في بحثه إلي حالة التوحد التي حدثت بين الشباب وبين القوات المسلحة، فالجيش شريك أساسي للشباب في ثورة مصر، وهو ما عكسه رد فعل القوات المسلحة حيال الثوار بعد نزولهم إلي الشارع، بالإضافة إلي صياغة البيانات العسكرية التي أصدرتها القوات المسلحة منذ اللحظة الأولي. وتناولت ورقة الباحث هاني الأعصر دور الأحزاب السياسية في الثورة من خلال تقسيمها إلى أحزاب مع وأخرى ضد وثالثة اكتفت بالصمت. في حين قيم الباحث حسن محمد برصد ردود أفعال المؤسسة الدينية الإسلامية ممثلة في الأزهر الشريف ودار الافتاء حيث يري أنها تباينت وتقسمت لثلاثة مراحل فكانت المرحلة الأولي مرحلة ما قبل التظاهر والتي وصفها الباحث بمرحلة الصمت والتجاهل، والمرحلة الثانية تفضيل الأمن والاستقرار. والبحث عن مخرج آمن للأزمة، والمرحلة الثالثة ما بعد قرار التنحي فكانت مرحلة التهنئة والمباركة، وهي مراحل تعكس ببساطة مواقف المؤسسات الدينية الإسلامية التي عاشت سنوات طويلة تحت ظل ورعاية الأنظمة الحاكمة.