عبد الحميد بركات.."ثورة يوليو هي المرجعية للتجارب النهضوية والحركات التحررية" محمد السخاوي.."التشكيلات المريضة في قلب الثورة أفرزت السادات" محمد والي.."عبد الناصر قبل وفاته أسند الامر الى غير أهله"
نظم المركز العربي للدراسات ندوة بعنوان "ثورة 23 يوليو 1952 وحزب العمل.. المنطلقات والأهداف وما تحقق وما لم يتحقق منها" وذلك يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21/7/2009 تحدث فيها الأستاذ / فاروق العشرى – أحد أقطاب الحياة السياسية فى مصر إبان ثورة يوليو، والأستاذ / عبد الحميد بركات – الأمين العام المفوض لحزب العمل ، و الأستاذ /محمد السخاوى – أمين التنظيم بالحزب ، والسفير / محمد والى - عضو اللجنة التنفيذية للحزب. وقد بدأ الأستاذ / عبد الحميد بركات.. الأمين العام المفوض لحزب العمل –حديثه قائلا "ان ثورة 23 يوليو المصرية تكتسب أهمية كبرى بين الحركات التحررية فى العالم لما كان لقيامها من مردود باعث ومرجعية استرشادية لأغلب التجارب النهضوية التى تلتها فى المنطقة ، كما انها فعليا تبنت وساعدت أغلب ان لم يكن كل الحركات التحررية فى المنطقة العربية بشكل خاص و أسس قاداتها لحركات ما يزال أغلبها باقيا بيننا لليوم ومنها على سبيل المثال حركة دول عدم الإنحياز".
ويواصل الأستاذ/عبد الحميد "حرى بنا أن نلقى نظرة عن قرب على هذا التحرك الذى أسس لحياة جديدة تماما بالمنطقة بصرف النظر عن حدود الإتفاق والإختلاف معه ،، فالثورة فى مصر لم تبدأ لحظة أعلن جمال عبد الناصر عن تنظيم الضباط الأحرار ولا وقت ان احتلت قوة الضباط الأحرار مقرات قيادة الجيش او الإذاعة المصرية .. لكن هذا التحرك كان مكملا لنضال طويل وممتد لشعب مصر الذى إشتعلت ثورته ضد الفساد والإحتلال وتأججت نيرانها قبل يوليو 1952 بعقود حيث نجحت بالفعل فى طرد الإنجليز وإجلاءهم عن البلاد ... وكانت حركة مصر الفتاة التى أسسها الزعيم / احمد حسين عام1933 واضعا نصب عينيه عبارة مصطفى كامل الخالدة "علينا ان نوقظ فى مصر الهرمة مصر الفتاة" والتى تحولت فيما بعد الى حزب سياسى أحد ابرز الحركات الوطنية التحررية فى البلاد وقد تبنت مبادىء تأسيسية سرعان ما جذبت اليها أصحاب الرؤا الإصلاحية فى مصر وفرضت نفسها فى الشارع وبين الجموع ،، وقد تعرف جمال عبد الناصر على بعض قيادات الحركة وقت ان اعتقل فى قسم اللبان على خلفية ثورة الطلبة 1935 ضد تصريحات رئيس وزراء بريطانيا المسيئة للكرامة المصرية لتجرئها بالتدخل فى أمس شئونها وكان وقتها بالمدرسة الثانوية ،، وبالفعل قرر عبد الناصر الإشتراك فى حزب مصر الفتاة وقت ان سافر الى القاهرة للإلتحاق بالكلية، ولم يتمكن من الإلتحاق بالكلية الحربية والتحق بكلية الحقوق وكان وقتها يقطن فى منزل خاله بباب الشعرية ومقر حزب مصر الفتاة كان بالحلمية وكان عبد الناصر يحضر الندوة الأسبوعية بمقر الحزب المسمى وقتها "البيت الأخضر" حيث كان يسير هذه المسافة ليدبر قيمة أعداد مجلة الصرخة الصادرة عن الحزب لتوزيعها على زملاءه ومعارفه ثم ما لبثت الكلية الحربية ان طلبت دفعة تكميلية فى نفس العام وبالفعل التحق عبد الناصر بالكلية الحربية ما تسبب فى إبتعاده نوعا ما عن الحزب . كون عبد الناصر تشكيلات سرية من الضباط أثناء وجوده بالكلية ثم صدرت الأوامر للقوات المصرية بالمشاركة فى حرب 1948 و حوصر ومن معه فى الفلوجة وكانت تلك الحرب نقطة تحول فى مشروع عبد الناصر حيث سرعت من إعلان تنظيم الضباط الأحرار الثورة .. فقد عاد منها ليعلن "ان فلسطين لن تتحرر إلا بتحرير القاهرة" !! أعلنت ثورة يوليو فى مطلع قيامها أهدافها الست المعروفة والتى تمثلت فى :- 1-القضاء على الإقطاع 2-القضاء على الإستعمار 3-القضاء على سيطرة رأس المال 4-إقامة حياة ديموقراطية سليمة 5-إقامة جيش وطنى قوى 6-إقامة عدالة إجتماعية من هذه الأهداف ما تحقق كالعدالة الإجتماعية ومنها ما لم يتحقق كالديموقراطية ومنها ما ظهر فى بدايات الثورة انه تحقق ثم أثبتت الأيام هشاشة وضعه مثل إقامة جيش وطنى قوى حيث كانت هزيمة 1967 كاشفة لخلل جسيم طال سياسات أبرز قياداتها . الأهداف المعلنة للثورة كانت من ضمن ما نادت به "مصر الفتاة" ثم قامت الثورة بحل الأحزاب فى عام1953 وظل الحال فى مصر هكذا الى أن ذهب انور السادات للقدس حيث لجأ الصهاينة الى التعلل بتمنعهم عن التفاوض بعدم وجود حياة سياسية ديموقراطية فى مصر قائمة على تعدد الأحزاب وعاد السادات وبعد عدة أشهر من الزيارة قام بعمل إستفتاء على نزاهة الأحزاب وتأثيرها على الحياة السياسية فى مصر قبل الثورة وأظهرت النتائج إجماع المصريين على حزبين فقط من بين كل الأحزاب هما الحزب الوطنى وحزب مصر الفتاة . فكان ان جدد انور السادات الحزب الوطنى واتخذ من بيت الزعيم الوطنى مصطفى كامل مقرا له وأسماه "الحزب الوطنى الديموقراطى" وأسند الى المهندس /ابراهيم شكرى إعادته حزب مصر الفتاة من جديد وكان الزعيم / احمد حسين قد مرض وقتها وعرضت قيادات الحزب عليه الفكرة فوافق لكنه آثر ان يكون الحزب تحت إسم جديد حيث حققت الثورة معظم ما نادت به مصر الفتاه ومنها القضاء على الإستعمار والإحتكار والإقطاع وعمل تأمينات اجتماعية لفئات الشعب الكادح والغاء الرتب والألقاب وتأميم قناة السويس وقانون الإصلاح الزراعى وهو نص القانون الذى تقدم به إبراهيم شكرى قبيل الثورة للبرلمان . وكانت الثورة بالفعل فى بداياتها تقدر الدور الذى قامت به زعامات ورموز مصر الفتاة وتضحايتها فى سبيل الوطن وكان أحد هؤلاء واحد من ابرز مؤسسى الحركة وهو الدكتور الفذ وعالم الرياضة البحته / مصطفى الوكيل الذى أمر جمال عبد الناصر بإعادة جثمانه من المانيا لدفنه فى بلده التى ناضل من أجلها كثيرا بعد جنازة عسكرية مهيبة . وعليه فقد تأسس فى عام 1978 حزب العمل امتدادا طبيعيا لحزب مصر الفتاة ".
ثم تحدث الأستاذ/فاروق العشرى – المحلل السياسى وأحد اقطاب ثورة يوليو مشيرا الى مرجعيته شخصيا فى نضاله متمثلة فى حزب مصر الفتاة ورموزه حيث يعتبر كتاب " الأرض الطيبة " للزعيم احمد حسين أحد اهم المرجعيات التى شكلت وجدانه النضالى منذ كان شابا .. كما ان الحياة السياسية اليوم تفتقد لأمثال قيادات الحزب أمثال عادل حسين وإبراهيم شكرى و مجدى حسين فك الله اسره . ويتحدث عن الثورة قائلا انه كان احد المشاركين فى مظاهرات عام 1951 فى طنطا ما مكنه من الإقتراب من جماعة الإخوان المسلمين ايضا وفى رحاب ذلك تمكن من إدراك اللواء محمد نجيب و جمال عبد الناصر وتعرف الى مبادىء الثورة وهو ما دفعه للمشاركة .. وكان ابرز مبادءها القضاء على الإستعمار نهائيا حيث لم يكن للملك اى سلطة فى إدارة البلاد لدرجة ان الإنجليز هم من حاصر الملك لإرغماه على اعادة وزارة النحاس من جديد بعد تقدم الألمان فى الحرب العالمية الثانية ،، حيث قمنا بعمليات فدائية فى مدن القناة فى نفس الوقت التى كانت تتم فيه المفاوضات على الجلاء وهو ما انهى طريق التفاوض بإتفاقية الجلاء عن مصر عام 1954 وتحقق الجلاء فعليا فى عام 1956 لكن الإستعمار وقتها لم مهل مصر فكان عدوان 1956 بعد ستة أشهر فقط ومن ثم قررت مصر الإستغناء عن طرد الخبراء الإنجليز والغاء إتفاقية الجلاء تماما ،،، إهتم عبد الناصر بالإعداد العسكرى فى البداية ليوازى التحرك السياسى تحركا عسكريا يدعم موقف مصر فى مفاوضاتها وهو ما تحقق كما ذكرنا فكان يجول البلاد بطولها وعرضها ليشكل وحدات الحرس الوطنى ويحضر التدريبات العسكرية ويمدها بالسلاح الذى للمرة الأولى استطاعت مصر الحصول عليه من خلال صفقة تسلح مع تشيكوسلوفاكيا بالدين الذى حسم امر سداده بالأجل من إيرادات التنمية فى البلاد لاحقا ، وهو ما كان محطما لقطبية الغرب المتحكمة فى السلاح والتى كانت تدعم به الكيان الصهيونى وتحجبه عن البلاد العربية .. تحولت مصر بالثورة من حكم الملكية الى الحكم الجمهورى الذى يفترض فيه ان يكون الأقرب للقاعدة الشعبية وبالفعل فى بدايات الثورة تركزت جهود جمال عبد الناصر بعد الإعداد العسكرى فى إحياء الإرادة الشعبية الواعية المؤثرة التى يمكن ان تشكل رأيا عاما ضاغطا على الحكام ما لم تدفع بها الى المشاركة الفاعلة فى صناعة وإتخاذ القرار وتركز إهتمام جمال فى هذا المحورعلى طبقات الشعب العاملة تحديدا . وعن أهم إنجازات ثورة يوليو يرى الاستاذ /فاروق أن تحقيقها مبدأ العدالة الإجتماعية أهم مظاهرها حيث كان الشعب المصرى يعانى سوء الحال إبان الحكم الملكى وكان محروما من كافة حقوقه فى حياة كريمة فكان ان تقرر إحياء مشروع قانون الإصلاح الزراعى لتحرير المزارعين و الذى سبق وتقدم به إبراهيم شكرى وتم تحديد الملكية الزراعية وملكت الأرض للفلاحين للمرة الأولى كخطوة على طريق تمكين هذه الفئة فى مصر من المشاركة فى إتخاذ القرار ،، كما قامت الثورة بتحديد الحد الأدنى للأجور بما يحقق تلبية الإحتياجات الأساسية للفرد والأسرة ومنع الفصل التعسفى للعمال وحددت ساعات العمل وانصفت قوانين العمل الطبقة العاملة فى مصر كما تم التأسيس للصناعات الوطنية الحيوية والمحورية لإقامة نشاط صناعى قوى و بدأت الثورة برنامج تنموى هدفه التحرر الإقتصادى .. كما تم بناء السد العالى كأحد أكبر المشروعات التى من شأنها تنمية النشاط الزراعى فى مصر ... فى بدايات الثورة حرص الجميع على التعاون مع برنامجها الإصلاحى لتحقيق اهدافها المعلنة ... فى نهايات الحرب العالمية الثانية وبعد قرار الولاياتالمتحدة الدخول فى الحرب بدأت تنشط وتشكل قطبا عالميا جديدا وتراجعت قوى فرنسا وبريطانيا فى المنطقة و أصرت امريكا على لعب دور أوربا السابق فى الشرق الأوسط فحاولت فرض المشاركة فى حلف بغداد على مصر لكنها-مصر- رفضت الدخول فى اى تحالفات وقتها ، وفى يناير 1957 حاولت فرض إرادتها مرة أخرى بإعلانها تطبيق نظرية أيزنهاور "ملىء فراغ الشرق الأوسط" ورفضت مصر ذلك أيضا وتمسكت بإتفاقية الدفاع العربى المشترك .. والتى قال عنها إيدن "استطاع عبد الناصر ان يخرج لنا مراد القومية العربية من القمقم" .. فلعبت أمريكا على وتر زرع الفتن والقلاقل والتوترات فى المنطقة وكان ان إتخذت من تبنى عبد الناصر للفكر القومى وسيلة لشق الصف حيث عمدت الى تقوية آل سعود وإظاهرهم كقطب إسلامى اوحد فى المنطقة فى مواجهة الفكر القومى لعبد الناصر ومن حوله وبدأت تظهر الإشتراكيين بمظهر الشيعوعين و تقرر إنشاء المؤتمر الإسلامى كطرح بديل يعمل على تكفير القوميين .. وهنا نقرر أمرا تاريخيا ان فى بدايات الثورة وعن طريق هيئات التحرير التى أقامتها الثورة ومنظمة الشباب وغيرها كان يتم الإهتمام بالجانب العقائدى عن يقين انه لبناء جيل شاب يقود امته فلابد من أساس عقدى سليم وكان يعد محاضرات عن الإسلام ودوره فى البناء أمثال د .كمال أبو المجد وغيره لتدرس كمحاضرة فى دورات منظمة الشباب ،، كما قامت الثورة فى عام 1963 بإنشاء مدينة البعوث الإسلامية ولها ما لها من دور دعوى فى العالم الإسلامى كله ،، وكان ان القيادة التى تولت من بعد عبد الناصر كانت اول من فرض على مصر التبعية للولايات المتحدة ومن هنا بدأ التراجع عما حققته الثورة فى بداياتها ،، فكان ان فجرت إتفاقية كامب ديفيد اللحمة العربية وتراجعت القضية وبدأ الصهاينة من جديد فى فرض شروطهم ... عودة الى أوضاع ما قبل الثورة ويرى الاستاذ/ فاروق العشري ان الاوضاع في مصر الان تشبه اوضاع ماقبل ثورة يوليو وأبشع فأكثر العوائل المصرية باتت تعيش تحت خط الفقر وانتهت الطبقة الوسطى ،، وقضى على مجانية التعليم ويتحكم فى المؤسسات التعليمية الخاصة الآن رجالات المال والسلطة الجدد وتحولت المصانع الحربية التى اعدت لتسلح الوطن العربى كله الى مصانع لمستهلكات كالأوانى والسخانات وغيرها وبيعت مصانع الأسمنت والحديد والصلب لمحتكرين يشعلون الأسواق المصرية ويتحكمون فى سوق المقاولات فى مصر ،، منحت الأراضى بالمجان لأمثال هشام مبارك وغيره كثر ومنحوا على إثر ذلك قروض لإقامة مشروعات إستثمارية كبرى تسببت فى تضخيم ثرواتهم دون ان يسددوا قيمة هذه القروض للبنوك لليوم فيما الشباب المصرى لا يجد ما يحقق به اولى خطوات حياته بتوفير مسكن ،،، قضى على حق المواطن فى العلاج بالمجان و فى سبيلهم اليوم لخصخصة التأمين الصحى ،،، قضى على النشاط الزراعى والمحاصيل الإستراتيجية فى مصر واهمها القطن ،، تراجعت مكانة مصر وريادتها عالميا وإقليميا واجهز على إستقلاليتها ،،، يتعرض الموظفون للتسريح تحت بند المعاش المبكر وتباع المؤسسات المصرية لغير المصريين الذين يأتون فيها بعمالة جديدة من خارج البلاد كالهند مثلا لرخصها ... وفي نهاية حديثه يرى الاستاذ/العشري أن ثورة يوليو لها ما لها من إنجازات وهناك ما لم يتحقق كإقامة حياة ديموقراطية سليمة وهو مما اخفقت فعلا فى تحقيقه ،، ولا ينكر احد انه ورغم المؤسسات التى عمدت الثورة الى إنشاءها إلا ان ذلك لم يعفها من قيام تكتلات من بعض العناصر التى ترسخت بعد ذلك كمراكز قوى أثرت على مسار الثورة ،، لكن تظل الثورة تجربة جديرة بالدراسة والوقوف على مواطن الإيجاب او الخلل من أجل الإستفادة منها فى تحسين اوضاع مستقبل مصر والمصريين ...
وفي حديثه عن ثورة يوليو يرى الأستاذ / محمد السخاوى .. أمين التنظيم بحزب العمل – عن ان العبرة من دراسة التاريخ هو تمكننا من الإستفادة من أخطاء الماضى وتعديل المسار اليوم لما يحقق صلاح الأمور .. معينا ان اهم إنجازات ثورة يوليو كان انحيازها للفقراء وتحقيقها عدالة إجتماعية حقيقية .وقال السخاوي "لكن يجب ان نقر أن عبد الناصر وثورة يوليو فى عام 1956 يختلف حالهما تماما عن العام 1967 ففى البداية كان عبد الناصر يسلح كتائب الحرس الوطنى مخططا ان تنتقل حكومة مصر الى جنوب البلاد معدا لحرب شعبية حقيقية لإستعادة الحقوق المسلوبة ،، فيما ان الأمر فى 1967 بات واضحا جليا بوجود تشكيلات مريضة فى قلب منظمات الثورة وكان ان افرزت هذه الأمراض التنظيمية أمثال انور السادات ودفعت به الى سدة الحكم بعد عبد الناصر ،، وهو ما يعنينا الآن بالتحديد ويرسخ لضرورة الإعتماد على ثورية مؤسسية لترشيد توجهاتها وانتخاب مبادءها و آليات عملها بصفة مستمرة بما يحقق الوصول الى ذات الأهداف المعلنة دون ان تحيد عنها ،، فالثورة يتوجب عليها الإعتماد على أسس تنظيمية صحيحة .." ويواصل حديثه "كما يجب ان أستدرك هنا ان القضية بالنسبة للخط الإسلامى لأى ثورة لا تتوقف عند حدود المحاضرات لكنها يجب ان توضع موضعها فالإسلام عقيدتنا ومنهاج حياتنا نحن المسلمين وهى القضية التى للأسف لم يكن لها هذا القدر فى المسار الثورى لثورة يوليو .. ساعد على هذا ان معظم النخب السياسية وقتها لم يعطوا للإسلام دوره ومكانته الحقيقية وعمدوا الى تصعيد الكوادر الشيوعية الماركسية التى عملت فيما بعد على نفى الدين تماما . للأسف لم تكتمل فكرة الإتحاد الإشتراكى وغيره من المنظمات كما خطط لها فإختفت المؤسسية فى ثورة يوليو وكان ان أفرز ذلك عناصر غيرت مسار البلاد الى غير الطريق الصحيح وتم تولى انور السادات حكم مصر لينعطف بالبلاد باتجاه إسرائيل وراعيتها امريكا و تخرج مصر رسميا من الصراع العربى الإسرائيلي وتتخلى عن مسئولياتها ويتراجع دورها القيادى لتنهار من بعد ذلك كل اوجه الحياة فى مصر وتؤول لما نراه اليوم من حال يوجب الحوار بين أقطاب القوى الإصلاحية فى مصر لتحدث لحمة بين الإسلاميين و القيادات التاريخية والكوادر من المؤمنين بأهداف الثورة وخطها الأول عملا على بعث روج النضال من جديد فى الشعب المصرى بشكل ممنهج ومنظم من شأنه الدفع سريعا نحو التغيير من أجل الإصلاح .. فمصر اليوم أحوج لثورة بمبادىء حركة مصر الفتاة وعليه فإننا حتما يجب ان نعود لمنطلقات الثورة فى يوليو ولنحدد نقطة الإنطلاقة من ثورة الزعيم القائد الشاب مصطفى كامل ،،ومبادىء الزعيم احمد حسين التى ترسخها كتبه العظيمة ". وفي تعليقه يرى السفير / محمد والى .. سفير مصر الأسبق فى الجزائر وعضو اللجنة التنفيذية لحزب العمل –ان مراكز القوى أجهزت على مبادىء الثورة وان بعض عناصر الإتحاد الإشتراكى المعروفين هم اليوم من يتولون مناصب حيوية فى البلاد وانهم بذاتهم من تسببوا بسياساتهم فى هذا التردى الذى تعيشه مصر اليوم ،، حيث ان عبد الناصر اسند فى النهاية الأمر لغير أهله وتشكل نوع من الإرهاب على ممارسة الديموقراطية ضد الإخوان وغيرهم من التيارات الإصلاحية فى مصر وعمدت الثورة الى المركزية والقطبية ولم تتمكن من تحقيق دور مؤسسى فلم تقم الدولة ولم تتحق أهدافها وهو ما يعيدنا الى ان تنحية العقيدة دائما ما يجنح لإسقاط التجربة .. فالدولة فى الإسلام دولة مؤسسات قائمة على التوزيع الأفقى للسلطات بما يضمن ثبات ودوام الإعتدال ويحقق أستمرار التوافق واى مخالفة لذلك دائما ما تجنح بالبلاد الى الديكتاتورية وهو ما يدفعنا الى الدراسة النقدية للثورة للوقوف على مواطن الخلل للإستفادة فى خطواتنا الإصلاحية اليوم .