قالت صحيفة الجارديان البريطانية إنه قبل الثورة كان يعيش ملوك ونجوم الميتال والراب المصريين في رعب وخوف من القبض عليهم لما تتضمنه أغانيهم من كلمات معادية للنظام. ولكن، بعد أن ألقى مبارك خطابه الأخير والمفاجئ، الذي قال فيه إنه سيبقى في الحكم إلى إن تنتهي ولايته. هذا الخطاب المحبط هو ما أجبر عدد كبير من المصريين إلى اللجوء إلى الميتال والراب لكونهما الأسهل وصولاً إلى الناس، على الرغم من تناولهما منذ عام 1997 في الصحف المصرية، بأنهما فنون تخدم الشيطان والانحطاط الغربي. ونقلت عن أحد عازفي الدرامز: "إن أي شئ غير معروف هنا في مصر، يصبح بالنسبة للمصريين شيئًا شيطانيًا." وعن اسكندر بسبس أحد عازفي الموسيقى الالكترونية من تونس: "إننا كنا نعيش في شرنقة. منعزلين مع أنفسنا، نتجاهل النظام والسلطات. أنت غاضب ولكن، يمكنك المواصلة والاستمرار، لأنك لاتعلم ما الذي يجب عليك فعله. وأنا قررت اللجوء إلى حل وسط لأني أردت أن أكون جزءًا من المشهد الموسيقي في تونس." وأضافت الجارديان، إنه رغم كون الموسيقى الالكترونية خيار آمن لأنه يعتمد على استخدام الآلات، ظل فن الميتال والروك متقيدًا بالكلمات الإنجليزية التي لا تفهمها قوات الشرطة العربية. وبدأت الجارديان بتونس، وروت حكاية حمادة بن عمر – الملقب بالجنرال أحد مغني الراب التونسيين – إنه نشأ وترعرع في وسط أسرة متوسطة ولم يسجل نفسه في دوري الراب التونسي الذي كان من حكامه فنانين متميزين مثل بالتي. وألف أغانيه الخاصة ذات الطابع السياسي. ونقلت الصحيفة عنه: "إنه قبل الثورة، كان هذا النوع من الغناء محظورًا، وكنا نرفع الموسيقى على الإنترنت والفيس بوك فقط لأنه لم يكن من طريقة أخرى. حتى إن الإعلام لم يتحدث معي أبدًا." ومن أشهر أغانيه "ريس البلاد" الأغنية التي انتقدت حالة شعب تونس الذين يأكلون القمامة من شدة الفقر وتفاقم البطالة بين الشباب. وقد أدت هذه الأغنية إلى إغلاق حسابه على "ماي سبيس" وقطع الاتصال عن هاتفه المحمول ثم اعتقاله. وتم الإفراج عن حمادة بعد ثلاثة أيام من اعتقاله. وقالت الصحيفة إنه تم القبض على الجنرال من منزله بأوامر عليا من بن علي نفسه. وتم أخذه إلى مبنى وزارة الداخلية التونسية، حيث تم ربطه في كرسي واستجوابه لمدة ثلاثة أيام ولكنها مرت عليه وكأنها ثلاث سنوات على حد قوله. ونقلت عن الجنرال الحوار الذي دار بينه وبين المحققين: "إنهم استمروا في سؤالي عن الحزب الذي انتمي إليه. فقالوا له: "ألا تعرف أنه من المحظور غناء أغنية كهذه؟. ولكن، بعد خروجه، كان الناس – حتى رجال الشرطة - يتعاملون معه كشخصية مشهورة فقد خاطر بحياته وعائلته ولكنه لم يكن خائفًا أبدًا لأنه نقل الحقيقة. كما روت الصحيفة عن كريم عادل عيسى من فريق أربيان نايتس المصري – أحد فرق الراب في مصر – قصة تسجيل أغنية ريبل - ثائر أو متمرد - التي كان من المقرر رفعها على الفيس بوك وميديا فاير. وتضمنت كلمات الأغنية "مصر تثور ضد طيور الظلام." ونقلت عنه إن هذه الأغنية كانت دعوة مباشرة للثورة، وإنهم قبل ذلك كانوا فقط يستخدمون الاستعارات للتحدث عن النظام الفاسد. ولكن، بمجرد خروج الناس في الشوارع، فعلوا مثلهم وتجرئوا هم أيضًا في كلمات الأغاني. وما منعهم من رفع الإصدار الجديد منها، خروجهم لحماية عائلاتهم في الوقت الذي انتشرت فيه اللجان الشعبية بسبب كثرة اللصوص وبلطجية الحكومة.
وذكرت الصحيفة إنه خلال ثورات 1919 و1952 وثورات الطلاب عان 1968، اعتاد الشعراء على احتكار القوة التي يتمتع بها مطربو الراب الآن وعلى رأسهم الشاعر أحمد فؤاد نجم - العم أحمد. ومدحت الصحيفة شجاعته غير المعقولة، فقد قضى 18 عامًا من عمره - 81 عامًا - في السجون المصرية. وذكرت لنجم مقابلة مع صحيفة نيو يورك تايمز الأمريكية في عام 2006، وأثناء المقابلة نهق حمار خارج شقته المتواضعة بأحد الأحياء البسيطة بصوت عال، فاعتذر نجم للصحفي وقال له: "آه، إنه مبارك يتكلم." حقًا إن كلمة "جرئ" لا تنقل ما يستحقه هذا الرجل. وأشارت الجارديان إلى الملحن رامي عصام، الذي لحن أغنية الحمار والغبي لفؤاد نجم. وقد قام بغناء الأغنية وسط حشود المتظاهرين في التحرير وكان إلى جوار نجم القديم. وكان عصام من أوائل من ذهبوا إلى ميدان التحرير، ونصب خيمة، وظل هناك طوال أيام الثورة. وكان يلحن الأغاني، ويغني كل ساعة تقريبًا أحد الأغنيات. ومن ضمن الأغنيات المشهورة عن الثورة المصرية، ذكرت الجارديان أغنية "صوت الحرية" التي اجتمع على إخراجها في صورتها النهائية عصام والمطرب محمد منير وأمير عيد أثناء الثورة المصرية. فقد سأم الناس من هذا الهراء، سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا أو دينيًا أو ثقافيًا وما كانت من طريقة أمامهم سوى الغناء. ونقلت الجارديان عن نور أيمن نور – ابن أحد أشهر المعارضين السياسيين المصريين ومؤسس فرقة الميتال "بليس،" إن الثورة المصرية كانت ثورة فنية جدًا. وكما ذكرت الصحيفة المغنيين والأغنيات التي أثرت في شباب ومتظاهري الثورة، ذكرت تامر حسني، الذي تم إرساله إلى ميدان التحرير لإقناع المتظاهرين بفض الاعتصام والتظاهر مستغلاً شعبيته وحبهم له. ولكن، كان رد فعلهم عكس ما توقع وقابلوه بالرفض. ولاحقًا، اعتذر تامر في قناة مصرية عن ما بدر منه. وعمرو دياب أيضًا، الذي ترك البلد هو وعائلته في طائرة خاصة إلى المملكة المتحدة فور بدء الثورة المصرية. وقالت الصحيفة إنه سيكون من الصعب عليه الرجوع إلى بلده والنظر في وجه أهلها مرة أخرى. وأخيرًا، أهدت الجارديان هذه المقالة إلى ذكرى الفنان والموسيقي أحمد بسيوني الذي توفى بالقاهرة يوم 28 يناير 2011 متأثرًا بجروحه بعد صراعه مع قوات الشرطة والحكومة.