الكرامة المفقودة يمكن استعادتها ولكن المسألة ليست سهلة في الحقيقة. فالدولة التي هُزمت من عدوها في معركة يلزمها تحقيق النصر في مواجهة جديدة، والشخص الذي يتعرض للإهانة يستعيد كرامته بأخذ حقه أو بتنازله وعفوه عند المقدرة، والمرأة التي طلقها زوجها تستعيد توازنها بزواج جديد وحياة جديدة. و السارق يستعيد مكانته إذا رد المسروق وتاب إلي الله تعالي.... وهكذا كثير من المواقف يستعيد المرء فيها كرامته أو مكانته إذا أصلح ووجد الحل المناسب للخروج من محنته.... و لكن أزمة الكرامة التي تعيشها مصر تمثل معضلة ليس من السهل الخروج منها إلا بطفرة جديدة في أداء الدولة لا تتحقق بوجود نفس الشخوص ونفس التوجهات التي تسيطر علي دفة الأمور ولا شك أن علاقات مصر الخارجية ومواقفها تجاه الأحداث الجارية أصبحت أضحوكة الناس في الخارج والداخل بل محل سخرية عامة البشر. إنني لا أكون مغالياً فيما أقوله فالحالة معروفة لدي الكافة. و لذلك فعلي من أراد أن يتكلم في هذا البلد أن يطرح رأيه علي الجميع ليستفيد منه من أراد أن يعمل لصالح وطنه وعليه ألا يشغل باله بمدي استجابة الحكومة لمقترحاته لأنها قد اختارت الطريق الوعر الذي تسير فيه غير عابئة بانعكاسات ذلك علي البلاد. إن حالة الفقر التي تزداد يوماً بعد يوم والغلاء الذي يتصاعد في انطلاقة صاروخية جعلت المواطن يمد يده ليأخذ الصدقات والإعانات من أجل إطعام أولاده الجياع وسد نفقات المعيشة وهو ما يؤثر في كرامة المواطن فإذا أضفنا إلي ذلك فقدان المواطن لحريته في شتي المجالات فإنه بذلك يعيش في حاله خطيرة من الإهانة وإهدار الكرامة.ش إن استعادة كرامة المواطن تسير عبر عدة نقاط نطرحها في هذا المقال عسي أن نعمل بها كي نعبر المستنقع الذي وضعتنا فيه الحكومة وهي غير مكترثة بما يعانيه المواطن من اضطهاد في الداخل. و أري أن استعادة الكرامة تتم من خلال الآتي :- 1- لا بد من إعلان البراءة من كل المواقف الخاطئة التي تأخذها الحكومة حتي يعلم الجميع الفارق الواضح بين الموقف الشعبي المتمسك بمبادئه وأصوله وواجباته وبين الموقف الحكومي الذي يضع بقاءه في السلطة في المقام الأول. 2 - العزم علي بذل الجهد والتضحية من أجل استعادة الكرامة ونشر الوعي لدي القطاعات الشعبية المختلفة بما يُشعرالجميع بأهمية القضية المطروحة. 3- الالتفاف حول قيادة شعبية تتمتع بالقبول لتحقيق مسيرة الإصلاح السياسي وحشد القوي الوطنية نحو اتخاذ المواقف العملية المؤثرة في الشارع السياسي تحت مظلة القانون والدستور. 4- التصويت الانتخابي لصالح قوي الإصلاح الحقيقي ولفظ كل ما يمت للحزب الوطني بصلة فما مضي من ممارساته يكفي لشطبه من خريطة العمل السياسي !! 5 - التوجه إلي الله بالدعاء كي يرفع عنا ما نحن فيه من بلاء ويولي علينا من يصلح أحوالنا ويرد الحقوق إلي أصحابها ويقاوم الفساد ويعلي كلمة الله تعالي في المقام الأول. هذه هي المحاور الخمسة التي أري أنها تمثل المخرج من أزمة فقدان الكرامة التي يعيشها الشعب المصري. و مما لا شك فيه أن من كان يريد العزة عليه بطاعة الله لأن العزة الحقيقية إنما هي لله تعالي (من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)... و قال تعالي (و لله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون). فعلي المواطنين العمل علي إرضاء الله تعالي والالتزام بشرعه وترك كل ما نهي عنه وهنا نكون قد حصّلنا شرائط العزة والكرامة التي يسعي إليها كل مواطن أبي كريم لا يحب الضيم والظلم وينأي بنفسه عن مواضع الإهانة والذل والعار.