كثر الحديث هذه الأيام علي لسان المسئولين الحكوميين الكبار وقيادات الحزب الحاكم عن نزاهة الانتخابات ومن كثرة التكرار عن النزاهة أصبح التعبير سيئ السمعة، خاصة أنه ليس هناك ما يدل علي تطبيق الأمر في الانتخابات أو غيرها. .. بالطبع الكلام عن «نزاهة الانتخابات» هو للتصدير «فمن إمتي كانت الانتخابات في مصر نزيهة؟!» وذلك في ظل الضغوط الشديدة التي تمارس من الغرب علي ضرورة أن تكون الانتخابات المصرية سواء البرلمانية أو الرئاسية نزيهة. .. وتذكر الأخبار الواردة من أمريكا أن أي مسئول أمريكي في لقائه أي مسئول مصري يجري الحديث عن مستقبل البلاد وضرورة أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة.. وقد حدث ذلك في لقاءات الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الرئيس حسني مبارك.. ولعل هذا ما أكدته افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» أمس الأول: لقد قيل إن الاجتماع الأخير بين الرئيس أوباما والرئيس المصري في واشنطن شهد تشديداً علي ضرورة أن تتسم الانتخابات المقبلة في مصر بالمصداقية والشفافية. وقد تم ربط ذلك بما قاله أوباما وشدد عليه في كلمته أمام الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة علي التزام إدارته بقضايا حقوق الإنسان والتزامها بمتابعة التغيير الديمقراطي من أجل تطوير حقوق المجتمع المدني.. وهو ما دعا قوي مؤثرة داخل أمريكا إلي مطالبة أوباما بانتهاز فرصة الانتخابات المصرية من أجل دعم الديمقراطية باعتبار أن مصر تمر بمرحلة تاريخية لانتقال السلطة، مع ما يطرح من توريث الحكم من مبارك الأب إلي مبارك الابن، والتخوفات من التلاعب في الانتخابات كالعادة والتي توفر غطاء شكلياً لانتقال السلطة بالتوريث، وهو ما يعد وفقاً لجماعات ضغط أمريكية بمثابة انتكاسة كبيرة لمصالح الولاياتالمتحدة التي شدد عليها أوباما في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد انتقل الاهتمام بالواقع المصري والانتخابات المصرية الرئاسية والبرلمانية إلي الكونجرس الأمريكي، حيث تقدم السيناتور الجمهوري «جون ماكين» المرشح السابق للرئاسة الأمريكية وآخرون بمشروع قرار أمام لجنة العلاقات الخارجية يطالب النظام في مصر باتخاذ كل الخطوات اللازمة لضمان أن تكون الانتخابات المقبلة حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية بما في ذلك السماح للمراقبين المستقلين والدوليين بحرية المراقبة دون قيود. ولم يكتف ماكين بذلك بل إنه أرسل خطاباً شاركته فيه وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت إلي الرئيس مبارك لعرضهما المساعدة في مراقبة انتخابات مجلس الشعب التي ستجري الشهر القادم. الموقف نفسه تقريباً لدي الاتحاد الأوروبي الذي يتابع ما يحدث الآن في الحياة السياسية المصرية.. وننتظر الانتخابات القادمة. .. وقد كان النظام هنا- ومن معه- مرعوباً من الدعوات التي أطلقتها القوي السياسية والحركات الاحتجاجية والجمعية الوطنية للتغيير ومؤيدو الدكتور محمد البرادعي لمقاطعة الانتخابات وكشف وفضح النظام وجعله عارياً أمام الداخل- الذي يعرف أن أي انتخابات يجريها النظام مزورة- والخارج الذي يترقب أفعال النظام. وقد تنفس الصعداء بقرار الجمعية العمومية لحزب الوفد بالمشاركة في الانتخابات.. وقد استغل هذا النظام ذلك القرار لتصديره إلي الخارج بدعوي أن هناك مشاركة إيجابية في تلك الانتخابات «النزيهة».. وقد وصل الأمر إلي الحديث من تحت لتحت عن إيجابية قرار جماعة الإخوان بالمشاركة في الانتخابات والتهليل له برغم زعمهم أنها جماعة محظورة.. وهي المرشحة الأولي للتزوير ضدها في الانتخابات، وقد وصلتهم رسائل كثيرة بأنهم لن يستطيعوا أن يحصدوا ما حصلوا عليه في السنوات الماضية.. ولعل رسالة وزير الداخلية في حديثه الأخير مع جريدة «الأخبار» يؤكد ذلك.. لكن قيادات الجماعة الجديدة تريد أن تكمل المشاركة في المسرحية. إنها النزاهة من أجل التصدير. فهذا نظام يعلم أن الناس تعلم أنه مزور.. وسيزور ولا يهمه من أمرهم شيئاً. .. فكل ما يهمه هو إسكات الخارج وتطنيشه من أجل التمديد أبداً أو التوريث الآن. .. لقد وصل أمر المسرحية الهزلية في «الضحك علي الدقون» إلي أن يطالب الحزب الوطني الحكومة بأن تدير الانتخابات بنزاهة وشفافية.. تلك الحكومة التي لا تفعل شيئاً إلا بتعليمات وتوجيهات السيد الرئيس حتي ولو كان الالتفاف حول حكم محكمة الإدارية العليا ببطلان عقد مدينتي.. وإعادة الأرض مرة أخري إلي هشام طلعت مصطفي. فأين النزاهة يا أيها الذين في النظام؟!