لم يكن يتخيل أي محامٍ لهشام طلعت مصطفي أن يتم حل مشكلة مدينتي بتلك الطريقة التي اعتمدها مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الأول الأحد. .. كان طموح أي محامٍ لهشام طلعت مصطفي أن يستشكل في الحكم النهائي البات وواجب التنفيذ الصادر عن أعلي محكمة إدارية لوقف إعادة الأرض مرة أخري إلي هيئة المجتمعات العمرانية لتعيد طرحها مرة أخري في مزاد علني للحصول علي أعلي سعر وفقاً لأسعار السوق الحالية «وفقاً لنص حكم الإدارية العليا». وهو من باب التعطيل وهي السياسة التي اعتمدتها الحكومة في السنوات الأخيرة لوقف الأحكام القضائية التي لا تعجبها. .. فقد قام مجلس الوزراء بواجبه كمحامٍ ضليع عن هشام طلعت مصطفي وكفاه أتعاب وحركات المحامين «وكفي المحامين، شر الانتظار أمام المحاكم».. وقد لا يحصلون علي الحكم الذي يرضيهم. فالحكومة قامت بالواجب وزيادة. .. وبات واضحاً أن الحكومة لا ترضي عن الأحكام النهائية التي تكشف عن فساد سياساتها.. ومن ثم تلتف حول الأحكام. .. وبدأ ذلك مع تشكيل لجنة قانونية زعموا أنها «محايدة» رغم صدور قرار بتشكيلها من رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف والتي قامت حكومته بإبرام العقد السري مع هشام طلعت مصطفي للحصول علي أرض مدينتي بالمخالفة للقانون، والتي طالبت المحكمة فيما بعد بتحديد المسئول عن ذلك، وكذلك مطالبة الجهاز المركزي للمحاسبات بضرورة معاقبة المسئول عن العقد».. وتم تشكيلها من أعضاء في الحزب الوطني الذي تنتمي إليه الحكومة ومسئولين في الحكومة من هيئة المجتمعات العمرانية التي كان يجب مساءلة من وقعوا العقد وإحالتهم إلي جهات التحقيق.. لكن الحكومة رفعت شعار «زيتنا في دقيقنا».. والناس ملهاش دعوة.. إحنا اللي أعطينا الأرض.. وإحنا اللي حنسحب الأرض.. وإحنا اللي حنعيدها من تاني إلي نفس الشركة.. وبنفس التسهيلات.. واللي مش عاجبه يخبط راسه في الحيط أو في أي عمود كهرباء يقابله.. فالأرض مش بتاعتكم ولا بتاعة أجدادكم ولن تكون لأجيالكم القادمة. الحكومة ولجنة تحقيقاتها القانونية «المحايدة» ولجنتها الوزارية التي راعت التوصيات «المحايدة» لم تعبأ أو تهتم بقراءة حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا التي وصفت عملية بيع أرض مدينتي ب «العجب» فبدا بالتصرف في مشروع مدينتي في المال العام محاطاً بالكتمان لا يعلم أحد من أمره شيئاً إلا طرفاه فتمخض الأمر علي بيع أراضي الدولة بمقابل عيني ضئيل جداً يتم أداؤه خلال 20 عاماً ويمكن زيادتها إلي 25 عاماً، فضلاً عن اشتمال العقد علي شروط مجحفة. وقالت المحكمة:إن عقد مدينتي هو عقد بيع ورغم ما اشتمل عليه البيع من بيع مساحات شاسعة تكفي لمدينة بأكملها، فقد جري إبرامه بالأمر المباشر في خروج سافر وإهدار للمال العام ولأحكام قانون المناقصات والمزايدات، وما تفضيه أصول الإدارة الرشيدة من أن يجري إبرامه من خلال مزايدة علنية أو مظاريف مغلقة يتباري فيها المتنافسون وهو ما يعيب الإدارة التي انعقد بموجبها العقد ويلقي بظلاله علي التوازن المالي مقابلاً وشروطاً للعقد، وهو ما من شأنه أن يسيء للعقد بوصفه بالبطلان. هل استمعت الحكومة إلي ذلك؟ بالطبع لا.. فقد استمرت في طغيانها ودفاعها المرير عن فسادها في العقد السابق لتعيده مرة أخري دون مناقصات أو مزايدات مستندة إلي بند في قانون المناقصات الخاص بالأمر المباشر «علي طريقة ترزية القوانين». وأفادت حيثيات حكم بطلان عقد مدينتي بإعادة أرض مدينتي إلي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة مع تقييد التصرف فيها باتباع الإجراءات القانونية السليمة وبالمقابل العادل في الوقت الحالي. .. لكن الحكومة ومجلس وزرائها بالكامل نصبوا أنفسهم محامين عن هشام طلعت مصطفي. وأعادوا له الأرض كما هي.. وبنفس الشروط القديمة.. وسلملي علي حكم الإدارية العليا وما يزعمونه من احترام أحكام القضاء. فعلاً ماذا تنتظر ممن يزورون الانتخابات ويقولون: إن الانتخابات حرة ونزيهة وشريفة