إذا لم أكن مصاباً بعجز في جهاز إدراك معاني اللغة «يشبه جهاز الراديو» أو أعاني قصوراً مزمناً في الفهم عموماً «يشبه قصور الشريان التاجي» فإن قراءة نصوص التصريحات التي أدلي بها الأستاذ صفوت الشريف- أمين عام حزب الست الحكومة- عقب اجتماع هيئة مكتب الحزب يوم الأربعاء الماضي، تأخذ القارئ مباشرة، ليس إلي معني واحد أو اثنين وإنما لثلاثة معان واضحة وضوح الشمس في كبد النهار. المعني الأول أن الأستاذ «المكتب» رفض بشكل قاطع طلب أحزاب المعارضة الميري أن يساعدها حضرته بأي حاجة وأن يتكرم جنابه ويمدها ب«ضمانات» مستحيلة قد تعالج قادة هذه الأحزاب «علي نفقة حزب الست» من عذاب الضمير ومن الإلحاح الغلس لمبادئ المصلحة الوطنية الكامنة في الدعوة إلي المقاطعة وعدم المشاركة في مسرحية الانتخابات التشريعية المقبلة باعتبارها هزلية ومسخرة ومزورة من أصولها ومنابعها الدستورية والقانونية والسياسية جميعاً. والمعني الثاني البادي من تصريحات الأستاذ صفوت، أن الأستاذ «المكتب» كان حريصاً بشدة علي مراعاة الحالة الصحية الصعبة لأصحاب «طلب العلاج» آنف الذكر، ومن ثم كلف رئيسه بصياغة رفض الطلب بطريقة تتجنب احتمال موت المريض بالصدمة العصبية الحادة.. وهذا هو ما حدث فعلا إذ لاحظ العبد لله أن معالي أمين الحزب العام أجري عملية تغيير جنس بسيطة لكلمتي «يوافق» و«رأي»، بمقتضاها أضاف للأولي حرف «التاء» فصارت «يتوافق» واستبدل في الثانية «الواو المهموزة» بحرف «الألف» فجعلها «رؤية» بعون الله (!!) وبعد ذلك استعان سيادته بالكلمتين ووضعهما وهما مازالتا «مدروختان» من أثر «البنج» في جملة مفيدة جداً للصحة يقول منطوقها العبقري: «إن رؤية الحزب تتوافق مع العديد من مقترحات الأحزاب حول العملية الانتخابية وهي الرؤية التي انعكست في تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2007».. شكراً. طبعاً، أغلبنا يعرف النكتة التي تحكي كيف أن أحدهم أراد أن يبلغ صديقه بنبأ موت والد هذا الأخير دون أن يصدمه بقسوة فسأله: منذ متي لم تر أباك يا فلان؟! فلما جاوبه فلان بأنه لم يره من أسبوع تقريباً، قال له: طيب أدي دقني لو شفته تاني!! أما ثالث المعاني التي أفصح عنها معالي الأستاذ صفوت صراحة وبغير تزويق ولا مواربة ، فكانت عبارة عن «تهديد» قوي وصارم موجه لكل من يظن أن من حقه أن يقول علنا رأيه الداعي إلي مقاطعة المسخرة الانتخابية الجديدة المنتظرة علي أساس أنها دعوة مشروعة ومن وسائل المقاومة السلمية لجريمة تزوير إرادة الشعب ونشل مقاعد تمثيله في مجالس النيابة البرلمانية ومنحها لقطعان الهاربين من النيابة العامة.. لقد أنذر سيادته أمثال العبد لله الفقير الذين يكتبون ويعلنون علي الملأ أن «مقاطعة التزوير» هي واجب وطني وأخلاقي وضميري، بأننا إن لم نكف عن إبداء هذا الرأي وبقينا سادرين في الغي وممتنعين عن ممارسة «التوافق» علي «رؤية» الأستاذ مكتب حزب حكومة سيادته فإنهم سيضطرون ساعتها آسفين إلي الدفع بنا لكي نقع ثم يقومون بوضعنا «تحت طائلة» قوانينهم حتي تنقطع ألسنتنا ونخرس خالص فلا نقول : قاطعوا التزوير والمزورين ونشالي الوطن.