عندما نشرت إحدي الصحف ذات الصلة بوزير الاستثمار خبرا عن توليه منصبا رفيعا في البنك الدولي.. فإنها قد تعاملت مع الخبر في صورة انفراد صحفي حصلت عليه.. وسواء جاء الخبر المنشور انفرادا أو تسريبا من وزارة الاستثمار.. فقد أعقبه مقالا افتتاحيا لرئيس تحرير صحيفة يومية محسوبة علي الحزب الوطني والوزير نفسه.. وقد بدا الوزير في الخبر المنشور والمقال الافتتاحي في صورة المسئول الذي هبطت عليه جائزة رفيعة القيمة من السماء لكنه يقدم رجلا ويؤخر أخري تحرجا من الدولة ورئيسها.. وهل سيوافق الأخير أم لا؟ ظهر الوزير أمام الرأي العام في صورة من يتكالب العالم علي خبراته النادرة لكنه في انتظار من بيدهم الأمر.. خاصة أن الوزير دائم الحديث عن اتصالاته الدولية بالمؤسسات المالية العالمية وكيف أن أفكاره ورؤاه محل تقدير دولي. جاء ترويج الخبر في بعض الصحف القريبة من الوزير.. في وقت انخفضت فيه أسهمه بدرجة كبيرة لدي الرأي العام والحكومة والقيادة السياسية.. بسبب إخفاقاته المتتالية وتحديدا في برنامج الخصخصة.. ثم ما شاب حول عملية بيع شركة عمر أفندي والجدل الذي ثار مؤخرا حول احتمالية استحواذ شركة قطر القابضة عليها.. مما شكل إحراجا سياسيا للحكومة في ظل غياب دفء العلاقات بين الدولتين. إذا كانت هذه صورة وزير الاستثمار في الداخل.. فإن السؤال هو:لماذا أظهرت بعض الصحف الوزير في صورة من يريد خدمة وطنه في الداخل لكن ماذا يفعل الرجل أمام المنصب الرفيع المعروض عليه في البنك الدولي. هكذا بدت الصورة أمام الرأي العام بعد ما نشرته بعض الصحف.. رغم أن الوزير يعلم أنه محل انتقاد داخل دوائر الحزب والحكومة.. وأنه أحد المرشحين بقوة لفقد حقيبتهم الوزارية في التغيير الوزاري القادم. ويعرف وزير الاستثمار كذلك عدم ممانعة الدولة - تحديدا القيادة السياسية - في تسلمه وظيفته الجديدة بالبنك الدولي.. فلماذا أعطت الصحف المساندة للوزير انطباعا بدا فيه الوزير بموقف من يترقب صدور قرار الرئيس لأنه لا يعلم ما هو.. والأدهي من هذا وذاك أن قيادات الحزب الوطني تعلم قصة البنك الدولي.. وأن الوزير سوف يغادر مصر وتحديدا بعد شهرين من الآن.. ورغم ذلك فإن الحزب قد طلب من الوزير الترشح لعضوية مجلس الشعب وتقديم أوراقه للمجمع الانتخابي. عندما سألت من بيدهم الأمر داخل الحزب الوطني عن سبب طرح اسم الوزير داخل المجمع الانتخابي.. رغم أن قيادات الحزب تعرف أن الوزير سوف يغادر مصر بعد شهرين من الآن.. وأن الرئيس قد وافق علي سفر الوزير للعمل بالبنك الدولي.. فقد قيل لي إنه لو جري ماطلبته.. فسوف تتساءل الصحافة عن السر في رفع اسم الوزير من المجمع الانتخابي.. وستثار أقاويل كثيرة.. وإذا كان الوزير يعرف كل ما سبق فلماذا سعي عبر بعض الصحف المحسوبة عليه برسم صورة مغايرة للحقيقة. ما سبق لا يمنعنا من القول بأن المنصب الذي سيتولاه محمود محيي الدين نائبا لرئيس البنك الدولي هو منصب رفيع الشأن والمستوي.. وأنه يفوق في أهميته منصب الدكتور بطرس غالي الدولي كوزير مالية دول العالم. فخورون بتولي محمود محيي الدين مثل هذا المنصب الرفيع لكن أصابنا الضيق عندما حاول البعض الترويج للوزير داخليا عكس الحقيقة.. وهي عدم ممانعة الدولة في سفر الوزير لأنه كان سيغادر الوزارة بسبب فشل سياساته.. فلماذا روج الوزير عن حيرته في الاختيار بين الوزارة وبين منصبه في البنك رغم معرفته أنه كان سيغادر الوزارة في أقرب فرصة؟.السؤال للوزير وننتظر إجابته قبل سفره.