روبرت مالي وبيتر هارلنج: لا يوجد الآن تقسيم واضح بين معسكر الاعتدال ومعسكر المقاومة أعداء واشنطن الآن يستطيعون حشد الرأي العام إلي جانبهم كما يفعل حزب الله وحماس السياسة الجديدة يجب أن تتعامل مع تصاعد الدور التركي والتقارب السعودي السوري مصر والسعودية وقطر وتركيا تقود جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية سوريا وحزب الله وإيران أهم الملفات التي تؤرق الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط قال خبيران في العلوم السياسية بمقال في دورية «فورين أفيرز» الأمريكية إن واشنطن بحاجة إلي سياسة جديدة في المنطقة تبتعد عن سياستها القديمة التي تقسم الشرق الأوسط لمعسكرين أحدهما مع والآخر ضد الولاياتالمتحدة. وأكد المقال، الذي كتبه خبيرا شئون الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية روبرت مالي وبيتر هارلنج، بعنوان: ما وراء المعتدلين والمسلحين.. «كيف يمكن لأوباما أن يرسم مساراً جديداً في الشرق الأوسط» أن واشنطن مازالت تعتمد سياسة قديمة في تعاملها مع المنطقة وتقسمها إلي معسكرين؛ معتدل هي بحاجة لدعمه، وآخر للمسلحين تريد احتواءه. وأوضح المقال، المنشور في المجلة الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن سياسة الإدارة الأمريكيةالجديدة لباراك أوباما لم تتغير كثيراً عن سابقتها لجورج دبليو بوش. وشدد المقال علي أن الولاياتالمتحدة قد تفيق علي شرق أوسط يصعب عليها فرض نفوذ عليه أو حتي مجرد فهمه. وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحاجة إلي تنفيذ سياسة قابلة للتغيير بعيدا عن السياسة القديمة. وأوضح أن واضعي السياسات في واشنطن يطبقون حلولا قديمة لمشاكل اليوم في الشرق الأوسط. لكن الشرق الأوسط ليس كما كان عليه قبل خمس سنوات وشهد العديد من التطورات. وقال إن علي أوباما أن يدرك أنه لا يوجد تقسيم واضح بين معسكر الاعتدال الموالي للولايات المتحدة، والمتطرف أو محور المقاومة وعليه أن يأخذ في الاعتبار التغيرات السريعة في المنطقة. وتابع المقال إن بديل الولاياتالمتحدة عن دورها الحالي هو لعب دور المرشد، وتنسيق جهود مختلف الدول حتي وإن حافظت علي علاقاتها المتميزة مع إسرائيل وغيرها. فعلي سبيل المثال يمكن لمصر والسعودية، جنبا إلي جنب مع قطر وتركيا أن تقود الجهود الرامية إلي تحقيق المصالحة الفلسطينية علي نحو يتفق مع استمرار عملية السلام التي تقودها واشنطن. وعلي افتراض أن تركيا ستصلح علاقاتها مع إسرائيل وتحافظ علي مصداقيتها في الدول العربية، يمكن أن تكون بمثابة قناة لحماس وسوريا في محادثات السلام أو قناة لإيران بشأن برنامجها النووي. ويمكن تحت رعاية الولاياتالمتحدة أن يتوصل جيران العراق العرب وإيران إلي توافق علي الحد الأدني حول مستقبل العراق بما يضمن الحفاظ علي وحدة أراضي العراق، والحفاظ علي هويته العربية، وحماية حقوق الأكراد، وضمان علاقات صحية ومتوازنة بين بغداد وطهران. وأضاف المقال أنه يجب علي واشنطن أن تكثف جهودها لاستئناف وإكمال مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا، والتي من شأنها أن تفعل الكثير للتأثير في حسابات طهران أكثر من عدة جولات من عقوبات الأممالمتحدة علي إيران. كما يمكن أن تكون سوريا مفيدة أيضا في الوصول إلي الجيوب المتبقية للمسلحين السنة في العراق. وأشار إلي أن أوباما قضي السنة ونصف السنة الأولي من رئاسته في إصلاح الأضرار التي أحدثها سلفه بوش في الشرق الأوسط، وقد أحرز بعض التقدم في ذلك. لكن نظرا للبطء في التحولات الأمريكية، فان إدارته تتعرض لخطر تنفيذ أفكار كان يجب تنفيذها منذ عقد من الزمان. وتابع المقال إن اتجاه الغرب لاعتماد سياسات قديمة تجاه الشرق الأوسط يحدث مرة أخري اليوم. لكن رغم محاولات أوباما، الجديرة بالثناء، لتصحيح أخطاء إدارة بوش فهي تعاني الافتراضات الخاطئة حول ميزان القوي الإقليمية في المنطقة، فواشنطن لا تزال عند رؤيتها لمنطقة الشرق الأوسط بأنها مقسمة بشكل واضح بين معسكرين: معتدل، أي المعسكر المؤيد للولايات المتحدة الذي يجب أن تعززه، ومعسكر آخر موالٍ لإيران يجب احتواؤه. وهذا المفهوم منفصل تماما عن الواقع. وذكر المقال أن الولاياتالمتحدة ما زالت تواجه تحديا في إنجاح سياستها القديمة بالمنطقة، موضحا واشنطن تواجه تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، في وقت تسعي فيه لإرساء الاستقرار في العراق. كما أنها في الوقت نفسه تدفع عن إسرائيل التزام الانضمام إلي معاهدة حظر الانتشار النووي وحماية برنامج إسرائيل النووي الغامض. كما أنها تتمتع بصداقات مع أنظمة قمعية في وقت تحاول فيه دعم الديمقراطية. كما أنها تحاول منع تجدد أعمال العنف في غزة ولبنان بينما ترفض التعامل مع حركة حماس في القطاع، وحزب الله في جنوب لبنان. وأوضح المقال أن الأسوأ من محاولات الولاياتالمتحدة الجاهدة في فعل كل تلك الأشياء هو انه يأتي في وقت لا تتمتع فيه واشنطن بالقدرة علي السيطرة كما كانت من قبل. وشرح المقال أن الزعماء المحليين في المنطقة نجحوا في تعلم وسائل عملية وخطابية لمقاومة ضغوط واشنطن، كما أن اللاعبين غير المنخرطين في كيان الدول من هؤلاء الزعماء ازدادوا قوة. كما أن أعداء واشنطن الآن يستطيعون حشد الرأي العام إلي جانبهم كما يفعل حزب الله وحماس، أو تأييد قوي أخري مناهضة لنفوذ واشنطن، كما فعلت إيران بتأييدها من قبل كلاً من البرازيل والصين وتركيا. وأخيرا اعتبر الكاتبان أن التحول الاستراتيجي في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط لن يكون سهلا ولن يكون خاليا من المخاطر. فالحلفاء التقليديين قد يشعروا بأنهم تعرضوا للخداع مما يفقدهم الثقة في الولاياتالمتحدة ويدفعهم للتمرد. وأكد المقال انه إذا ما استمرت واشنطن في سياساتها فان العواقب ستكون مزيدا من الانقسامات الإقليمية وتزايد احتمالات التوتر.