من هم الذين يقفون خلف مشروع توريث مصر لجمال مبارك؟! من هم الذين ينفقون علي الحملات الدعائية لمرشحي الحزب الحاكم، ويتبرعون بالملايين لاستمرار احتكار هذا الحزب للحكم، رغم فشله في تحقيق الحد الأدني من الحقوق للإنسان المصري؟! من هم الذين فتحوا خزائنهم في الانتخابات الرئاسية الماضية للإنفاق علي حملة التمديد للرئيس طمعاً في مكاسب وأراض وامتيازات من دم هذا الشعب؟! من هم الذين استولوا علي ودائعنا وأموالنا في البنوك ليهربوها للخارج أو ليشتروا بها الحصانة والمواقع في البرلمان ليتحول إلي وكر لأصحاب الصوالح الخاصة في مواجهة مصالح الأمة؟! من هم الذين مرروا قوانين الطوارئ، والضرائب العقارية والتعديلات الدستورية وغيرها من القوانين سيئة السمعة التي وقفوا خلفها واشتروا من أجلها المحطات الفضائية لإخماد كل الأصوات وإعلاء صوت أصحاب المصالح علي المبادئ؟! إنهم حفنة من رجال الأعمال!! ولو أردت الدقة نفر ممن تصح تسميتهم رجال أعمال الدولة ممن يزاوجون بين الثروة والسلطة ويسعون للمزاوجة بين حاضر يسيطرون عليه، ومستقبل يتوحمون عليه. إنهم فرسان معبد التوريث، وكهنة آمون الجديد، الذين يبيعون كل شيء من أجل شراء وقت جديد يحققون في كنفه مزيداً من المكاسب والأموال والامتيازات والمواقع، ويحافظون من خلاله علي ما أدركوه من قروض ومكاسب واحتكارات وأراض وامتيازات. حفنة قليلة، لكنها خطيرة، لأنها تدير السياسة بمنطق البيزنس، وتدير البيزنس بمنطق العصابة، حيث لا رقابة علي شيء، كل شيء في هذا الوطن بات مباحاً ومبيعاً أو معروضًا للبيع بثمن وحيد هو إرضاء شهوة هؤلاء القلة التي باتت تحكم وتملك كل شيء في مصر!! عندما قال الرئيس مبارك في خطابه عام 1982 إن الكفن ليس له جيوب، وإنه سيتعقب لصوص المال العام، صدقنا قول الرجل، خاصة عندما قدم بعض الأسماء التي برزت في زمن من قبله للمحاكمات. لكننا اليوم نستطيع أن نقول إن الجيوب أصبحت أكفانًا كبيرة تدفن فيها أموال الأمة، التي باتت تترحم علي زمن السادات، وتعترف بأن من قدموا للمحاكمات ما كانوا إلا تلاميذ مكانهم الطبيعي روضة الأطفال في مدارس وجامعات الفساد المتمددة الآن بطول وعرض البلاد ومنذ سنوات. قبل أن يدخل هولاء إلي البرلمان وإلي الوزارة، كان لديهم وكلاء يديرون لهم مصالحهم.. يخفضون الضرائب أو الجمارك علي سلع بعينها في أوقات بعينها ثم يرفعونها علي غيرهم، لكنهم اليوم باتوا لا يكتفون بالوكلاء ولا يحتاجون إليهم، بعد أن باتت كل المقدرات في أيديهم!! كنت السبت الماضي في ندوة بالشرقية وسمعت أصواتاً تنادي بمقاطعة هؤلاء، مقاطعة بضائعهم، ومنتجاتهم، وشركاتهم، وقنواتهم، وجميع مظاهر السيادة التي يمارسونها علينا. نعم هذه الدعوة وإن بدت قاسية علي من هم منا، إلا أنهم في الواقع ليسوا منا ولا أحد منهم يري أنه ينتمي إلينا. ليس منا من يزور الانتخابات، أو ينفق علي تزويرها!! ليس منا من يساند الاستبداد، أو ينصره، ويناصره علينا!! ليس منا من يهادن الفساد أو يبرر لنفسه موالسته والتواطؤ معه ضدنا!! قاطعوهم كي يدفعوا ثمن أفعالهم.. كي يشعروا بفداحة جرمهم.. لاتصافحوهم.. لا تبتسموا في وجوههم.. ولا تصوتوا لهم حتي لو أخذتم أموالهم في سوق النخاسة التي ستفتح أبوابها علي مصراعيها بمناسبة الانتخابات البرلمانية القادمة!! إنها صورة من صور العصيان «المدني» المشروع!!