أكد محللون سياسيون أن رفض الشعب المصري ونفوره من خيار توريث السلطة من الرئيس مبارك لنجله جمال هو السبب الرئيسي وراء عدم تصويت الأغلبية العظمى من الناخبين لصالح مرشحي الحزب الحاكم في انتخابات مجلس الشعب ، معتبرين أن الشعب المصري رفض استخدام لافتة الإصلاح كحصان طروادة لتمرير مشروع توريث الحكم . ورأى هؤلاء المحللون أن رفض التوريث لعب دورا هاما في فشل الحزب في تحقيق نسبة تتجاوز 23% من مقاعد البرلمان ، حيث أبدى المصريون رفضا واضحا لتكرار السيناريو الكوري الشمالي أو السوري في مصر وتحويل مصر إلى جمهورية ملكية ، مشددين على أن إدراك الشعب المصري لاستخدام النظام الحاكم لمسألة الإصلاح كحصان طروادة للعبور بمسألة التوريث جعل الناخبون يذهبون إلى صناديق الاقتراع لتأييد المستقلين ومرشحي جماعة الإخوان للتأكيد على رفضهم لهذا المخطط وإفشاله. وشددوا على أن خيار التوريث يقف أيضا وراء فشل ما يسمى بالتيار الإصلاحي داخل الحزب الوطني ، وهو ما دفع منظري هذا التيار وفي مقدمتهم الدكتور عبد المنعم سعيد والدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتورة هالة مصطفى والدكتور جمال عبد الجواد إلى الانزواء جانبا وعدم التعويل كثيرا على مسألة الإصلاح داخل الحزب الحاكم طالما استمر النظام في التشبث بمسألة التوريث ، بأن أن بعضهم وجه انتقادات حادة لمجموعة السياسات واتهمها بأنها شلة مصالح لا تسعى للإصلاح إلا باعتباره طريقا لتحقيق مصالحها وتمرير مشروع التوريث. ونبه المحللون إلى أن الخيارات أصبحت محدودة جدا أمام التيار الإصلاحي داخل الحزب الحاكم حيث لم يعد مقبولا استمرار هذا الفريق في ظل هيمنة خيار التوريث على أجندة الحزب وسيطرة الحرس القديم على مقاليد الأمور بالحزب وهو ما قد يدفع منظري هذا التيار إلى مغادرة الحزب ، وإنشاء حزب جديد ، وهي الفكرة التي روج لها في الفترة الأخيرة العديد من رجال الأعمال والمثقفين اللبراليين . من جانبه ، أكد الدكتور السيد عوض عثمان الخبير السياسي والاستراتيجي أن هناك حالة من الميل العام إلي رفض تمرير فكرة التوريث لأن الانطباع العام هو أن مجرد التفكير في هذه المسألة يعني تكريسا وتأييدا لاستمرارية الأوضاع القائمة وأن منطق التغير لن يكون ممكنا إلا بالتداول السلمي للسلطة كما أن هناك ميلا لدي الرأي العام لرفض أي فكرة للتحايل بهذا الشأن حتى لو كان ذلك من خلال قواعد تشريعية . وأوضح أن ما حدث في الانتخابات التشريعية من تجاوزات إنما يؤكد استمرار هيمنة الحزب الوطني وتمسكه بمفاصل الحياة السياسية وشراسة قتاله بكافة الطرق المشروعة والغير مشروعة لضمان الأغلبية داخل المجلس حتى يتسنى له إجراء إصلاحات علي شاكلة ما تم عند تعديل المادة 76 الخاصة بالانتخابات الرئاسية مشددا علي أن هذه الإصلاحات ستصب ضد أي منافس قوي لطموحات جمال مبارك ولعل ما حدث لأيمن نور خير شاهد علي ذلك. وشدد د. عوض علي وجود العلاقة بين وجود خيار التوريث والرفض الشعبي لمرشحي الحزب الوطني الحاكم في الانتخابات التشريعية مدللاً علي ذلك بأن غالبية من ساندهم جمال مبارك في مؤتمرات شعبية سقطوا في الانتخابات. وعن طموحات التيار الإصلاحي داخل الحزب الوطني والذي ناهض مبدأ التوريث ، أكد الدكتور عوض أنه لا وجود لهذا التيار داخل الحزب ومن يطالبون بالإصلاح هم مجرد تيار تجميلي يسعى لإضفاء مسحة من الجاذبية علي شخص جمال مبارك وهو تأمين بشكل ديمقراطي ودستوري لاستمرار مبارك في الحكم ولا يملكون ثقافة الإصلاح وما يهمهم في المقام الأول هو الحفاظ علي مناصبهم ومصالحهم في إطار مناخ من الشللية التي تحكم علاقة هؤلاء الأشخاص مضيفا أنهم لو كانوا جادين في أي إصلاح حقيقي فعليهم أن يتركوا الحزب الوطني.