أرجع محللون ومراقبون أسباب السقوط المدوي لمرشحي الحزب الوطني الحاكم في الجولة الأولى من المرحلة الثانية ، و فوزه بأربع مقاعد فقط إضافة إلى فشل العشرات من مرشحيه في الوصول لجولة الإعادة ، إلى حالة البغض السياسي من جانب معظم الناخبين لخيار التوريث ، وهو ما تمت ترجمته داخل صناديق الاقتراع . وشدد هؤلاء المحللون على أن انخراط مبارك الابن بقوة في الحملة الدعائية لمرشحي الحزب الوطني وإعلانه ما يشبه حالة طوارئ للحفاظ على الأغلبية التي يتمتع بها الحزب في البرلمان السابق ، كان لها آثار عكسية على فرص مرشحي الوطني الذين لاقى أغلبهم هزيمة ساحقة أمام مرشحي جماعة الإخوان المسلمين والمستقلين خصوصا وأن جمال مبارك حاول الظهور بمظهر من يتدخل في الوقت المناسب لإنقاذ مرشحي الحزب من الهزيمة التي حمل مسئوليتها للحرس القديم ، لكن النتيجة كانت مخيبة لكل الآمال . ولفت المحللون أيضا إلى اعتماد بعض نجوم مجموعة السياسات في مقدمتهم حسام بدراوي والدكتور مصطفى الفقي وغيرهم على صلاتهم باللجنة وتدخل جهات الدولة لصالحهم ، فضلا عن افتقادهم لأي شعبية ، الأمر الذي ضمن سقوطهم قبل أن تتدخل جهات سيادية لإنقاذ الفقي . واعتبرت المصادر أن نتائج المرحلة الأولى والجولة الأولى من المرحلة الثانية تشبه الاستفتاء على امتعاض الجماهير من خيار التوريث ونهاية لما عرف بظاهرة جمال مبارك ووهم لجنة السياسات التي أشاعت الرعب في قلوب الجماهير بانحيازها السافر لرجال الأعمال وعدم اكتراثها بآلام الجماهير وتأكيد أمينها جمال مبارك الابن أنهم لن يديروا سياسات الدولة طبقا لوجهة نظر الجماهير . وأبدى العديد امتعاضهم من الطريقة التي تحدث بها مبارك الابن في محافظتي بورسعيد والقليوبية وتهديده لأمناء الحزب بالمحافظتين بنهاية مشوارهم السياسي علاوة على ترهيبه المواطنين ، وتهديده بأن عدم تأييدها لمرشحي الوطني يعني دخول البلاد في حالة من الاضطراب والبلبلة وهو ما جاء بنتائج عكسية. وأشار المحللون إلى وقوف حالة الارتباك التي يعاني منها النظام أيضا وراء السقوط الكبير لمرشحي الحزب الوطني ، فقد وقع النظام بين ناريين : الخوف من تزوير الانتخابات وإغضاب واشنطن والشركاء الأوروبيين بما يعريض آماله بتوريث الحكم للخطر ، وبين تعرض أغلبيته البرلمانية التي سهلت له طوال السنوات السابقة السيطرة على البلاد ، للاهتزاز مما سيجبره على الدخول في مساومات سياسية لم يتعود عليها. من جانبه ، اعتبر الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن رفض خيار التوريث وتحويل مصر إلى جمهورية ملكية وتقديم الحزب الحاكم لوجوه غير مقبولة شكلا أو موضوعا من جانب الجماهير هو السبب الرئيسي للنتائج الهزيلة التي حققها الحزب الوطني. واعتبر ثابت أن ظهور مبارك الابن بقوة في الحملة الدعائية لمرشحي الحزب الحاكم قد أكد للمواطنين أن مسألة التوريث مؤكدة ولا تعد سوى كونها مسألة وقت مما استفزهم و حملهم على دعم مرشحي المعارضة والإخوان والمستقلين متوقعا أن يتكرر هذا السيناريو في جولة الإعادة والمرحلة الثالثة نتيجة تنامي كراهية المواطنين للنظام الحاكم ومرشحيه الذين يعدون حماه الفساد والشمولية والديكتاتورية. وأوضح ثابت أن أهم دروس المرحلة الثانية هي اشتداد مأزق الوطني وسقوط صنم التوريث وانهيار أسطورة مبارك الابن الذي يحاول فرضها على الجماهير منذ سنوات.