في بلاد غير بلادنا.. عندما يمثل مسئول كبير فيها أمام جهات التحقيق.. فإن المتحدث الرسمي باسم جهة التحقيق يعلن فورا للرأي العام تفاصيل ما جري داخل غرف التحقيقات لأن الكل أمام القانون سواء.. لكن في بلاد مثل بلادنا يصبح من العيب وقلة القيمة معرفة الرأي العام تفاصيل ما يجري في غرف التحقيقات. فمنذ أيام مثل وزير الثقافة أمام النائب العام بسبب فضيحة سرقة لوحة زهرة الخشخاش واستمر (اللقاء) بينهما قرابة نصف الساعة ثم خرج بعدها الوزير بحلته الأنيقة مبتسما أمام الكاميرات دون أن يعلم الرأي العام حقيقة ما جري.. وهل كانت مجرد زيارة عابرة من الوزير لمكتب النائب العام.. وما هي مناسبتها.. وهل جاءت للتهنئة بشهر رمضان مثلا.. لكن كيف بينما الشهر قد قارب علي الانتهاء.. أم كانت الزيارة للتباحث والتعاون.. لكن فيم يكون التعاون بين جهاز قضائي ووزارة للفنون. جميع وسائل الإعلام ارتبكت في تناولها خبر لقاء الوزير والنائب العام.. وسوف تلاحظ هذا الارتباك في عناوين الصحف.. فجريدة الأخبار قالت: وزير الثقافة (يبحث) مع النائب العام حادث سرقة لوحة زهرة الخشخاش.. ووفق ما هو معروف فإن ذهاب أي شخص إلي مكتب النائب العام يكون تنفيذا لاستدعاء من النياية بهدف التحقيق معه والإجابة علي أسئلة النيابة واستفساراتها.. لكن ربما كانت المرة الأولي التي نعرف فيها أن ما يجري في مكتب النائب العام يمكن تسميته ب (المباحثات) وليست تحقيقات. وإذا ذهبنا إلي صحيفة الأهرام فقد كان المانشيت بها علي النحو التالي: فاروق حسني يتوجه للنائب العام (لمتابعة التحقيقات) في قضية زهرة الخشخاش.. وهي المرة الأولي أيضا التي نعلم فيها أن ما يجري داخل مكتب النائب العام هو متابعة تحقيقات وليس سين وجيم.. ثم لماذا كلف وزير الثقافة نفسه عناء (التوجه) لمكتب النائب العام في حر أغسطس لمتابعة التحقيقات؟ بينما كان في متناول يده طلب صورة منها بعدما أصبحت المسألة بسيطة وزيتنا في دقيقنا. حتي الآن لا أعرف ما هو وجه الحرج والعتب والزعل عندما تقول الحكومة أن وزيراً بها سيمثل للتحقيق أمام النائب العام؟ وما الذي سيضر وزير الثقافة عندما يعلن أن النائب العام قد استدعاه للتحقيق؟ بينما القضية التي تم استدعاء الوزير بسببها إلي النيابة.. إذا ثبت مسئوليته عنها.. فسوف تكون عقوبتها سياسية وتنتهي بإقالته من الحكومة ليس أكثر.. مما يعني أن وزير الثقافة لن يسجن ولا يحزنون.. فلم إذن كل هذا الاختباء والارتباك. أليس الوزراء بشر مثلنا أم أننا من طينة وهم من طينة أخري.. أليس الكل أمام القانون سواء.. أم أن القانون أصبح يعرف زينب.. ثم لماذا لم يعقد المستشار الجليل عبد المجيد محمود مؤتمراً صحفياً يقول فيه حقيقة ما جري من تحقيقات أو أسئلة لوزير الثقافة.. حينئذ سيطمئن المجتمع لأنه سوف يتأكد أن الكل سواء أمام القانون. ظني كمواطن بالنائب العام خيراً كبيراً خاصة أنه ومنذ تسلمه موقعه (الصعب) نجح في تغليب المصلحة العامة رغم وعورة الطريق.. لذا فإننا نأمل منه إحاطة الرأي العام بما يدور في غرف التحقيقات المغلقة مع الوزراء وكبار المسئولين بداية من (زيارة) وزير الصحة لمكتب النائب العام منذ أسبوعين في قضية العلاج علي نفقة الدولة.. ومغادرة الوزير دون أن نعرف شيئا حتي الآن.. إلي أن جاءت واقعة زيارة وزير الثقافة الأخيرة للنائب العام لتؤكد لنا أن الوزراء في مصر من طينة تانية حيث لايتم التحقيق معهم.. ولهم حرية تسمية ما يجري معهم داخل غرف التحقيقات وفق ما يرونه. سؤالي للنائب العام: هل الوزير في مصر علي راسه ريشة؟.