علي باب الاستاد وقف أحد جماهير الزمالك يتحدث في الموبايل وعلي وجهه علامات القلق والتوتر، قال لمن يهاتفه ويبدو أنه كان يسأله عن المباراة التي سيحضرها حالاً «الزمالك وبتروزفت»، مع كامل احترامي لهذا الفريق العظيم الذي ربي للزمالك الرعب «بصراحة مش بتروجت بس» لكن قلق المشجع الزملكاوي وخوفه من أي فصل بايخ من ناديه «وهو خوف لا ينفي المحبة العارمة» جعله دون أن يشعر يطلق هذا اللقب علي الفريق البترولي الشهير. هذا الشخص سرعان ما انقسم ميتوزيًّا وظهر منه أكثر من عشرين ألف نسخة في مدرجات التالتة شمال لم يهدأوا لثانية واحدة علي مدي ساعتين، كان التشجيع بقيادة (مصطفي طبلة) و(خال شبرا)، الأول لم يشاهد الماتش وظل طوال التسعين دقيقة معطيًا ظهره للملعب ووجهه للجماهير يقودهم بحركة منه إلي الصمت وبحركة إلي التصفير وبحركة إلي الصراخ المدوي علي هيئة موجة من الأعلام، لم تبدر منه نصف التفاتة لأرضية الملعب، كان يقرأ في عيون الجماهير هجمة خطيرة للزمالك فيقلل من حدة الإيقاع ومع انتهائها يرفعه لأقصي درجة ممكنة، كان يعرف بالفطرة أن الماتش بينام فيرفع يديه مصفقًا بإيقاع متصاعد ينتهي بهتافٍ يرج الملعب «شجع..هوهوه.. شجعوه ..هوهوه..الليلادي الماتش بتاعه»، مصطفي شاب في منتصف العشرينيات أسمر ونحيف كان يرتدي بنطلونه فقط طوال المباراة، أما «خال شبرا» فلن تفهم من أين تأتي قوة تأثيره خاصة إذا عرفت أنه تجاوز الخمسين وضئيل الحجم وأنه مش من شبرا أساسًا. كانت ليلة مبهجة، كان الزمالك متفوقًا لكنه لم يكن في كامل عبقريته، الحضري يبدو مشوشًا.. في منتصف الهجمة ينظر ناحية حامل الراية في انتظار إعلان الأوفسايد ومرة تصيب ومرة تخيب، كان مشغولاً بتحفيز الجماهير وأعتقد أنه قد حرق سعرات حرارية في تسخينهم أكثر من التي حرقها أثناء اللعب، عمرو الصفتي كان نجم الحوارات الجانبية في المدرجات ..الجميع كانوا يتوقعون الضربة منه لكنه خيَّب آمالهم، عاشور الأدهم لم تتوقع منه الناس أداءً جيدًا من أجل الفريق، ولكن من أجل أن يبدو حسام في مظهر الخبير عند إتمام هذه الصفقة والحقيقة أن الأدهم لم يخيِّب أحدًا، حسين ياسر المحمدي أصبح مثل ممثل كوميدي في فيلم قاتم ..هو فاكهة الفيلم، تنتظر الناس أن يلمس الكرة لتري لعبة حلوة بعيدة عن توتر الأحداث .. يرضي الناس منه بأي شيء حتي عندما قرر قبل أن يلعب الضربة الركنية أن يِنَطَّق الكرة عدة مرات بمهارة شديدة حتي يأذن الحكم باللعب هلل له الجماهير وصفقوا مستحسنين هذه الروح الطفولية، عمرو زكي تعلم من تجربة الاحتراف أن يضرب الخصم أولا ثم يضع يديه خلف ظهره مع نصف انحناءة احترامًا للحكم، أما شيكابالا فقد كنت أنا وصديقي عزيز الشافعي نتأهب لمغادرة الاستاد (علي الرغم من معارضتي للفكرة ..صحيح الزمالك فايز واحد والماتش فاضل له ثواني ..لكن الواحد لا يطمئن لفوز الزمالك ليس بعد صفارة الحكم وبس ولكن بعد أن يعود إلي بيته ويغير ملابسه ويشرب الشاي ويستمع لمدحت شلبي وهو يحلل مع ضيوفه أسباب فوز الزمالك)، المهم أن شيكا في الثواني الأخيرة كان النسخة البشرية من شيكا الموجود علي البلاي ستيشن، في البيت أمسك بالذراع وأحرك الأسهم يمينًا ويسارًا حتي يمر من لاعب أو أكثر، احترت من الذي أمسك بالذراع وجعل شيكا في آخر ثانية يفرش اتنين لعيبة كبار علي الأرض قبل أن يركنها في سقف الزاوية اليمين محرزًا هدفًا رج الملعب رجا. كانت الجماهير خارجة وهي سعيدة ومحبة لفريقها الذي يجبر بخاطرها مرة ويعكنن عليها مرة، كانت الناس تهنئ بعضها دون سابق معرفة، وكانوا يسألون بعضهم بمنتهي الحماس «هو الماتش الجاي إمتي وفين؟».