سؤال لطالما راودني عن نفسي: «أيّهم الأكثر جاذبية وجماهيرية،.. اللاعب أم الإعلامي (المذيع كما نسميه في اللهجة) أم الممثل أم المطرب أم السياسي؟»، بمعني لو أن الناس في السوق فوجئوا برئيس الوزراء المصري الدكتور نظيف يتسوق، ومن هناك ظهر الفنان أحمد حلمي، ومن الجهة الثالثة ظهر المطرب عمرو دياب، ومن الرابعة جاء الكابتن أبو تريكة، ومن الخامسة شوهد الإعلامي محمود سعد، من الذي ستتجه إليه الأنظار أكثر من غيره، ومن الذي ستتزاحم عليه الجموع وتكبس في عينه الفلاشات أكثر من غيره؟ وأيّهم ستحوم حوله الفراشات؟ طبعاً لك أن تستبدل اسماً باسم، فتضع تامر حسني بدلاً من عمرو دياب، أو وائل كفوري، أو عاصي الحلاني، أو علي الحجار، أو أو أو، بالنسبة للمطربين، وكذلك الحال بالنسبة للممثلين واللاعبين والسياسيين والإعلاميين. وقديماً قرأت عن لاعبي إحدي الفرق البرازيلية (أظنها فرقة أو فريق ساوباولو) الذين كانوا يحتفلون في قاعة فندق بفوزهم ببطولة الدوري البرازيلي، والحسناوات يحطن بهم، ويقبلنهم، ويلتصقن بهم والمصورون يحاصرونهم، والصحفيون والأصدقاء والمحبون، وهات يا تواقيع، وهات يا صور، وهات يا تصريحات، واللاعبون يتمشون في القاعة كما الطواويس، و«في فجأة» دخل القاعة مغنٍّ مشهور من مشجعي النادي، فتغيرت الأحوال، وانقلبت الأوضاع، فإذا بالصبايا يهرعن وهن يصرخن بهَوَس نحو المغني، ويقبّلنه ويلتصقن به، فتختلط دموع ضحكاتهن الهيستيرية بدموع بكائهن بقبلاتهن (البرازيل مفتوحة الشبابيك والأبواب، لا شيء فيها مغلق) وإذا المصورون يسابقونهن عليه، وإذا الأصدقاء والمحبون يجرون في اتجاه المغني، وإذا باللاعبين يا عيني عزيز قوم، يقفون بمفردهم، كأنهم حاكم عربي زال حكمه فانفض لعّاقوه من حوله، فتلفّت اللاعبون إلي بعضهم برهة ثم انطلقوا يزاحمون الصبايا والمصورين والمحبين علي المغني، وإذا بالمغني الذي جاء ليلتقط الصور مع لاعبي فريقه المفضل ويحصل علي تواقيعهم، يجد اللاعبين بجلالة طاووسيتهم هم الذين يصطفون بالدور لالتقاط الصور معه والحصول علي توقيعه. طيب، هذا يعني أن اللاعب أقل جماهيرية من المطرب، فماذا عن الممثل والسياسي والإعلامي؟... عن نفسي، لو رأيت المذكورين أعلاه فلن يهتز لي قشرة بصلة، أما إذا شاهدت الممثل العظيم فاروق الفيشاوي، صاحب الأداء الأسمنتي المبهر، فسأجري خلفه وحزام بنطلوني في يدي اليمني ومطواة قرن غزال في يدي اليسري، وبسم الله والله أكبر. ولطالما كررت: «نجومية فاروق الفيشاوي دليل ساطع قاطع علي وجود خلل جلل في ذائقتنا، ولن تفلح أمة الضاد ما لم يتحول فاروق الأسمنتي إلي كومبارس يتلقي اللكمات والصفعات، فإذا تعب استبدلوه بسامي العدل». ومن الظلم البواح أن نعتبر فاروق وسامي نجوماً حالهم من حال العظماء خالد صالح ويحيي الفخراني وعزت العلايلي والشاب اللذيذ الذي تأكل صوابعك وراه أحمد حلمي. فالظلم ظلمات. عوداً إلي سؤالي؛ من الأكثر نجومية وجماهيرية؟ وطبعاً تعمدت أن تكون الشخصيات التي ذكرتها مصرية لضيق ذات اليد في الكويت، فلا وجود لممثل كويتي، من الجيل الحالي، بعظمة خالد صالح ولا بهضمة أحمد حلمي، علي أن الممثل الكوميدي الكويتي طارق العلي مش بطال، وهو سريع البديهة حاضر الفكر، كثير الخروج علي النص، كثير التفاعل مع الجمهور، وكنت حاضراً إحدي مسرحياته ف«استلمني» و«استلم» السياسة علي حسابي، ووجه حديثه إلي الجمهور وهو يضع إصبعه علي فمه ويتصنع الهلع: «هصصصص، عندنا هنا سياسيون ومعارضة، الوشيحي موجود». ولا أظن أحداً سوي طارق يمتلك مثل هذه الموهبة في الكويت. أما الإعلاميون، أقصد نجوم البرامج التليفزيونية، فيفتح الله، لا وجود لهم عندنا في الكويت. واللاعبون عشانا وعشاهم علي الكريم. ووالله لا أعرف منهم إلا ثلاثة أو أربعة، وأظن أشباهي كثر. وإذا كان الجواب هو الدكتور نظيف، فهنيئاً لنا تخلفنا... ويبقي السؤال...