لأول مرة منذ توليه قيادة الجماعة خرج الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان المسلمين من مكتبه في منيل الروضة متجهاً إلي مقر حزب الوفد بشارع بولس حنا في بداية الجولات التنسيقية بين الجماعة والقوي السياسية. وجاءت تجربة انتخابات الوفد التي شهد لها الجميع بالنزاهة والتحضر وأسفرت عن فوز الدكتور السيد البدوي برئاسة الحزب لتعجل بهذه الخطوة. وفي الوقت الذي يحاول فيه الطرفان التأكيد أن الزيارة لمجرد تهنئة الحزب بالانتخابات إلا أن رضا إدوارد عضو الهيئة العليا الوفدية يؤكد أن اللقاء كان بمثابة جس نبض للتنسيق والإبقاء علي الاتفاقات المبرمة مع القيادة السابقة للوفد، مضيفا أن جماعة الإخوان تسعي للتنسيق مع الحزب وكان هذا الغرض الأساسي من زيارتها وليس التهنئة فقط، حيث دار حوار حول تاريخ التنسيق بين الجماعة والوفد، بينما اقتصر حديث قيادات الوفد علي استعراض تاريخ الحزب الليبرالي الذي يختلف إيديولوجياً عن الإخوان. وتابع إدوارد:« قيادة الجماعة كانت متخيلة إمكانية إعادة تجربة 1984 وتكوين تحالف وتنسيق من جديد ولكننا لن نكرر هذا الخطأ الذي مازلنا نتحمل تبعاته حتي اليوم». واختتم: لن ننسق مع الإخوان ولا الحزب الوطني ولدينا برنامج حزبي سيطرح قريباً هو الذي سيؤكد شعبية الوفد. ويبدو أن تلك الزيارة رغم طابعها البروتوكولي فإنها حملت نوعاً من جس النبض لنوايا القيادة الجديدة للوفد خاصة بعدما أعلنت الهيئة العليا للحزب رفضها استكمال الحوار مع الجماعة قبل عدة أسابيع، فضلا عن أن الوفد في ثوبه الجديد يبدو منافساً قويًا للجماعة علي قيادة حركة المعارضة في مصر. وعن ذلك يقول الدكتور عصام العريان المتحدث الإعلامي للإخوان وأحد المشاركين في اللقاء : «مسألة التنسيق الانتخابي مع الوفد وغيره من الأحزاب أمر سابق لأوانه، والسياسة ليست فيها ثوابت، كما أننا لم نتطرق للحديث عن التنسيق مع الوفد خلال اللقاء لكننا خرجنا بإشارات إيجابية للتعاون وهو ما أعرب عنه الدكتور البدوي». وحول اختيار مرشد الجماعة للوفد ليكون محطته الأولي قال العريان:« أعتقد أنه كان اختياراً موفقاً لتقديم التهنئة لحزب قدم تجربة ديمقراطية ونموذج تغيير حقيقي داخل أعرق الأحزاب المصرية، ونجح في تغيير قيادته كما نجحت الجماعة في ذلك قبل شهور والإخوان دائما ما يقدمون التهنئة للأحزاب إذا قامت بتداول السلطة وتغيير قيادتها بانتخابات نزيهة». ورفض العريان القول بسعي الإخوان للتخفي تحت عباءة الوفد من أجل حصد عدد من المقاعد في انتخابات الشعب القادمة، قائلا: الإخوان عاشت بدون مقاعد في البرلمان سنوات طويلة ونجحت في تمددها وانتشار شعبيتها. ومن جانبه قال الدكتور عمار علي حسن رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط : المرشد الجديد اختار حزب الوفد ليكون محطته الأولي ضمن الشكل الجديد للجماعة التي تسعي للحوار مع جميع القوي السياسية التي تتمتع بمشروعية قانونية حتي تستطيع الإفلات من العزلة السياسية التي يفرضها عليها النظام. ويضيف: إن الإخوان رغم تاريخهم الطويل مع حزب الوفد فإنهم يرون في القيادة الجديدة لحزب الوفد بديلاً حقيقيًا لتحقيق التغيير ومواجهة النظام الحاكم، كما أنهم ينظرون إلي الوفد علي أنه مثيل الإخوان في الحظر السياسي، وهذا ما أكدته نتائج انتخابات الشوري الماضية. ويستكمل: إن الإخوان تأكدوا من تغير سياسة النظام في الفترة الأخيرة، بمعني أن هناك ترتيباً معيناً كان قد عقد مع السلطة قبل خوض انتخابات الشوري وذلك لجذب الإخوان بعيداً عن مشروع البرادعي، ولكن يبدو أن تلك التقديرات تغيرت بعدما اكتشف النظام أن مشروع البرادعي لا يمثل الخطر الداهم الذي كان يتوقعه. وفي المقابل سيستقبل حزب الوفد ذلك بنوع من التحفظ والدراسة المتأنية خوفاً من مخاطر التحالف مع الإخوان، إلي جانب أن الوفد أصبح اليوم بحاجة أقل للإخوان من حاجة الإخوان إليه.