مرة أخرى تعود قضية «خيانة» مرسى والإخوان إلى الواجهة بعد تصريح المشير السيسى فى حواره التليفزيونى الأخير بأن هناك وثائق وتسجيلات تم تهريبها بكميات كبيرة من رئاسة الجمهورية إلى قطر، وهى تضم تقديرات ورؤى حول الأوضاع بمصر، مضيفًا: إننا نحن من دفعنا الثمن!! الخيانة أمر طبيعى فى جماعة الإخوان، لأنهم فى الأساس لا يعرفون معنى «الوطن» ولا يعترفون بواجب وطنى، ولا يؤمنون بأن حدود الوطن أمر مقدس تهون الأرواح فى سبيل الدفاع عنه. الوطن غائب عندهم.. وبالتالى فالخيانة الوطنية أمر طبيعى إذا اتفقت مصالح «الجماعة» مع مصالح «العدو» ولو على حساب الوطن.. أو حتى على جثثه كما نرى فى دول عديدة حولنا!! كنا زمان عندما نعود إلى التاريخ القريب ونرى «الإخوان» يقفون دائمًا فى المكان الخطأ بالنسبة إلى مطالب الشعب ومصلحة الوطن.. كنا نظن أنه فقر السياسة وخطأ الحسابات حتى لو كانت بحجم قبول التمويل من الاحتلال البريطانى أو التحالف مع طاغية مثل إسماعيل صدقى!! لكن عام حكمهم الأسود كشف ما هو أكثر من ذلك بكثير، وبرهن على أن خيانة الوطن جزء أساسى فى تحرك «الجماعة» من أجل أوهام حكم العالم وخرافات العودة إلى العصور الوسطى. فى عام حكمهم الأسود أصبح لدينا رئيس بدرجة جاسوس، وحاشية مهمتها الأولى نقل أسرار الدولة للأعداء، والتآمر لتفكيك السلطات الأساسية لتكون الفوضى هى الحاكمة، ولتقع السلطة فى يد الإرهابيين والقتلة الذين يظنون أن رفع شعارات الإسلام سوف تخفى حقيقة أمرهم كأعوان لأعداء الوطن والمتآمرين على العروبة والإسلام. الوجه الآخر لجريمة التخابر التى وقعت «والتى دفعنا نحن ثمنها كما قال السيسى» هى دولة قطر.. والأمر هنا يكشف حقيقة الدور القطرى أكثر من أى شىء آخر، فليس من المنطقى أن يقوم رئيس دولة بحجم مصر بالتجسس مع دويلة صغيرة مثل قطر، ولا يمكن أن تصل أحلام الحكام الصغار فى دويلة قطر «مهما كان حجم الغاز فى أراضيهم» إلى أنهم سيتحولون إلى قوة عظمى فى المنطقة!! جريمة التخابر تكشف أن دور حكام قطر كان مثل دور المعزول مرسى ورفاقه فى «الإخوان».. مجرد عملاء صغار عند جهاز مخابراتى لدولة كبرى تحركهم كيف شاءت، وينفذون تعليماتهم دون نقاش، ويدفعون الثمن إذا فشلوا.. كما حدث مع حاكم قطر السابق ورئيس وزرائه اللذين حصلا على «استمارة 6» الخاصة بإنهاء الخدمة من رؤسائهما فى المخابرات الأمريكية، فجلسا فى منزليهما تحت حراسة الأمريكان، وتركا الحكم لعميل أصغر.. لعل وعسى!! ما أقوله هو نفسه ما تقوله التسجيلات التى سربها بعض أعضاء العائلة الحاكمة فى قطر للأمير السابق ورئيس وزرائه، حيث تكشف الأحاديث مع القذافى عن عملاء صغار يؤدون دورًا فى استدراج القذافى، ويكشفون دورهم فى التحالف مع إسرائيل والعمالة لأمريكا والتآمر ضد مصر والسعودية.. وأظن أن دورهم فى سوريا لم يختلف عن دورهم فى ليبيا.. سواء فى مرحلة استدراج الحكام للتعاون مع أمريكا، أو فى التآمر لتدمير بلدين عربيين. نرى الآن المأساة التى يعانى منها الشعبان الشقيقان فيهما بعد نجاح المؤامرة!! .. ويبقى التوقف عن الجملة الأخيرة من حديث السيسى عن هذا الموضوع: «نحن من دفعنا الثمن»!! ولقد كان الثمن فادحًا، لأننا دفعناه -وما زلنا- من دماء أبنائنا، ومن تهديد أمننا القومى، ومن كشف أسرارنا العسكرية.. وإذا كنا قد أوقفنا المأساة فى 30 يونيو، فقد بقى العقاب الذى لن يفلت منه أحد.. لا الرئيس المعزول الخائن، ولا جماعته العميلة، ولا حكام قطر من صغار الجواسيس. ولعلنا ندرك الآن -أكثر من أى وقت مضى- لماذا تستميت أمريكا فى الدفاع عن «إخوان الإرهاب».. إنها تحاول فقط -حتى الرمق الأخير- أن تتفادى الفضيحة، ولن تنجح فى ذلك!!