جهاد الخازن ل«الدستور الأصلي»: السيسى يجب أن يتعامل مع مشاكل البلد باحترافية لا أدرى كيف لهذه العقول المريضة أن تقتل باسم الإسلام الذى حرَّم حتى دم الكافر؟!
أقول للإخوان «أخطأتم فى حق بلدكم 1000 مرة.. وما تفعلونه حرام والله العظيم»
نظام ما بعد الانتخابات الرئاسية هو المسؤول عن إخراج مصر من المشكلات الكارثية التى تعيشها
رشاقة قلمه، وكتاباته الجريئة تخترق حجاب الظواهر، لتصل إلى بواطن الحقائق فى رصده الأوضاع المضطربة التى تشهدها الساحة السياسية فى مصر وباقى بلدان العالم، وأكثر خبرة وعلما عن كثير ممن يطلق عليهم مفكرين وسياسيين بمجريات الأحداث التى تشهدها مصر، فضلا عن أن مقالاته الجادة التى احتضنتها جريدة «الحياة» اللندنية عن مختلف القضايا الإقليمية أكسبته مصداقية لدى متابعيه، عربا وعجما على السواء.
إنه الكاتب العربى الكبير، المفكر السياسى اللبنانى، جهاد الخازن، الذى حصل على جائزة «مصطفى وعلى أمين» عن شخصية العام الصحفية عن عام 2013، تتويجا لجهوده المتميزة وكتاباته ومقالاته التى تتسم بعمق الرؤية، حيث شغل الخازن عديدا من المناصب فى بلاط صاحبة الجلالة، مثل رئيس التحرير السابق لجريدة «الديلى ستار» فى بيروت، و«عرب نيوز» فى جدة، و«الشرق الأوسط»، و«الحياة» فى لندن، ورئيس التحرير السابق للشراكة بين «الحياة» وتليفزيون «بى بى سى»، وعضو مجلس إدارة مؤسسة «الفكر العربى»، وعضو مجلس مستشارى «مركز الدراسات العربية المعاصرة الحديثة»، وعضو مجلس إدارة مجلس «تحسين التفاهم العربى البريطانى» (كابو)، وعضو مجلس مستشارى «البنك الدولى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، فضلا عن مسيرة طويلة من العطاء المعرفى والصحفى، لم ينضب معينها إلى اللحظة.
■ فى البداية نريد أن نتعرف من خلال رؤيتك الثاقبة على طبيعة الأوضاع الحالية التى تشهدها مصر فى الوقت الراهن؟
- أريد أن أقول إن مصر الآن فى مرحلة انتقالية بالتأكيد، وهناك أعمال وممارسات إرهابية وتحريض وعنف وقتل وشغب وفوضى تحدث فى بعض الأوقات، وأعتقد من وجهة نظرى أن أهم شىء فى الوقت الحالى أن يستطيع الحكم المؤقت أن يوقف تلك العمليات والممارسات التى تريد الإضرار بمصر وشعبها وأهلها، وأود أن أشير هنا إلى أن الإرهابيين القتلة الذين يدّعون الإسلام يقومون يوما بعد يوم بقتل مسلمين آخرين، فى الوقت الذى لا يحق لهم فيه قتل أى مواطن حتى لو كان كافرا، ولا أعلم من وراء هذه العقول المريضة المظلمة التى تقتل وتكفر بعضها حتى قبل أن تكفر المجتمع.
■ هل تتوقع أن تستمر تلك الأعمال كثيرا وأن تمتد ممارساتها الإرهابية الإجرامية فى مصر إلى سنوات مثلما حدث من قبل؟
- أتمنى أن تخرج مصر من تلك الأزمات، وتواجه تلك التحديات والعقبات التى تشهدها فى أسرع وقت ممكن، وأرجو أن لا يظل المصريون يحاربون تلك الأعمال والممارسات الإرهابية ل10 سنوات، مثلما حدث فى تسعينيات القرن الماضى، وحينها يكون لكل حادث حديث، وأؤكد أن مصر وأهلها وشعبها قادرون على أن تعود مرة أخرى لتقود المسيرة العربية للأمام، بعد أن تتجاوز تلك المرحلة الصعبة، ويتم القضاء على الإرهاب واستئصاله.
■ هل ترى أن النظام الانتقالى المؤقت الذى يحكم مصر حاليا قادر على إخراج البلد من تلك الأزمات الكارثية التى تحدق بها من كل جانب؟
- أعتقد من وجهة نظرى أن هذا ممكن، لكنى أود أن ألفت النظر إلى أن إخراج مصر من تلك الأزمات مسؤولية النظام الجديد، لأن النظام الحالى من المفترض أنه سينتهى بأكمله فى يوليو المقبل، لذلك أعتقد أن معالجة تلك الأزمات وحل تلك المشكلات الكارثية وأعمال العنف ومظاهر الإرهاب والفوضى لن يكون قادرا على إنهائها سوى النظام الجديد، وأكرر أن مسؤولية إنهاء هذه الفوضى الإرهابية تقع على عاتقه مباشرة، بما يستلزم تحمله مسؤوليتها، وأرى فى رأيى أن كل ما يحتاجه المشير عبد الفتاح السيسى أن يكون لديه خبراء متخصصون، كلٌّ فى حقله، ومجال عمله، سواء فى الجزء الاقتصادى أو السياسى أو العلاقات الاجتماعية أو المتخصصين فى مختلف المجالات الأخرى، ولا بد للسيسى أن يقوم فورا بتحسين تلك الأوضاع سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، والإسراع بإصلاح أحوال المواطنين فى المستقبل، من أجل أن يشعر المصريون بالتغيير الذى يستحقه شعب مثلهم، بعد أن عانوا سنوات طويلة من الألم والعنف والإرهاب.
■ لماذا وجهت كلمتك إلى المشير السيسى دون باقى المرشحين المنافسين له فى السباق الرئاسى، هل معنى هذا أنك تراه الأجدر برئاسة مصر من وجهة نظرك؟
- لا أدرى إذا كان المشير عبد الفتاح السيسى المرشح المحتمل للرئاسة فى مصر الآن هو الأجدر بتولى رئاستها من عدمه، لكننى لا أرى أسماء أخرى فى الساحة من وجهة نظرى، كما أتصور أن السيسى صاحب إنجاز حقيقى بالفعل، لأنه أنقذ البلد من حرب أهلية كادت تودى بمصر إلى كارثة لولا تدخله لإنقاذ البلد من تلك الحرب، ورغم هذا أتمنى أن يكون هناك دور لحمدين صباحى فى المستقبل، كما أرجو أن لا تتحول الانتخابات الرئاسية المقبلة عندكم إلى «خناقة» بين المرشحين، وأن تظل العلاقات تمتاز بالود وتعلى من مصلحة البلاد، وأن يشهد العالم انتخابات حرة نزيهة وديمقراطية تتسم بالشفافية، دون أن يعكِّر صفوها أى انتهاك، كما أتمنى أن أرى الجميع يتلاحمون ويتعاونون من أجل مصلحة مصر وإعلاء شأنها وقيمتها فى المستقبل، ولا يفوتنى أن أؤكد هنا أن المصريين هم مَن سيختارون رئيسهم، ولا يحق لأى طرف التدخل فى الانتخابات.
■ ما المقومات التى تراها فى السيسى وتجعله أقوى المرشحين المتنافسين فى الانتخابات الرئاسية من وجهة نظرك؟
- المشير عبد الفتاح السيسى جاء من خلفية عسكرية، لكنه فى نفس الوقت سيواجه أزمات كبرى و«مصائب» وليست مجرد مشكلات فقط، ينبغى أن يتعامل معها باحترافية، لذلك أرجو أن يحيط نفسه بخبراء يجمعون بين القدرة والوطنية لمساعدته فى تجاوز الأزمات التى تعانيها مصر، سواء الاقتصادية أو الصحية أو التعليمية أو الاجتماعية أو غير ذلك، وأؤكد أننا نحتاج فى مصر إلى قائد ونريد لمصر أياما أفضل فى مستقبلها، لأنها قريبة إلى قلوب العرب للغاية، وشعبها يستحق ذلك، ونحن معه، وينبغى أن تتسع الديمقراطية لجميع المصريين، وأريد أن أقول إن الذين يقتلون باسم الدين مضلل بهم، وأريد أن أقول إن الاستقرار الأمنى والسياسى فى مصر سيؤدى إلى تحقيق الاستقرار والأمن للدول العربية كلها، وأرى أن الأمور فى مصر تسير نحو هذا الاستقرار، بعد أن جرى تشكيل الحكومة الانتقالية، وإقرار الدستور الجديد، ثم الاستعداد لخوض الانتخابات الرئاسية، ثم بعدها إجراء الانتخابات البرلمانية، وفقا لما أقره النظام فى مصر من خارطة المستقبل.
■ أين الإخوان من المعادلة السياسية فى مصر الآن؟ وكيف تراهم فى ظل تلك الأحداث وأعمال الشغب والفوضى والإرهاب التى يقفون وراءها؟
- أؤكد وأكرر أكثر من مرة أن الإخوان أخطؤوا 1000 مرة فى حق كثير من أبناء هذا الوطن، ولن ينفعهم الإرهاب أو التحريض والعنف والاشتباكات والفوضى، وأريد أن أسألهم ماذا تفعلون؟ ولماذا كل هذا الإرهاب منكم؟ رغم أن تلك الأعمال تتنافى مع ما يذكره القرآن الكريم وما يقوله، وأنصح لهم أن يتوقف التحريض والإرهاب والعنف، لأن مصر بلدكم جميلة، وتستحق منكم كل خير، ولن تغنى عنكم قناة «الجزيرة» القطرية التى تعكس وجهة نظر غير مهنية وتروِّج لها، أريد أن أقول للإخوان «والله العظيم ما تفعلونه ببلدكم حرام».
■ ما تفسيرك للهجوم المستمر من قِبل قيادات حماس على مصر؟
- أريد أن أقول فى البداية إن علاقتى بخالد مشعل علاقة جيدة جدا، ولا أعتقد أن «أبو الوليد» (كنية مشعل) له دور فى ما يحدث، لكنى أعتقد أن قيادات حماس بالداخل لا تستمع إليه.
■ كيف ترى فوزك بجائزة «مصطفى وعلى أمين» الصحفية عن شخصية العام فى 2013؟
- حصولى على الجائزة كان بالنسبة إلىّ مفاجأة، ونحن العرب لا نشعر بالتكريم والنجاح إلا إذا كان مصدره مصر، وهذا مهم جدا بالنسبة إلينا، وأرجو أن أكون مستحقا لهذه الجائزة التى تحمل اسمين من شيوخ المهنة ومؤسسيها.