"التمييز الدينى " ذلك الصندوق الأسود الذى يخشى دائما فى السينما المصرية الاقتراب منه الا أن المخرج الشاب هانى سلامة استطاع بكل جرأة اختراق ذلك المستور من خلال فيلمه "لامؤاخذة " ولأن الأمان والخوف متضادتان داخل كل منا ولابد لنا من التغلب على العوامل التى قد تشعرنا بالرهبةوالخوف
الا أن ذلك يعتمد على الوسيلة التى تحقق لنا الشعور بالطمأنينة هل هى بالكذب ومواراه الحقيقة ؟أم بمواجهة المجتمع بشجاعة وفرض رؤانا عليه ...ذلك هو فحوى فيلم "لامؤاخذة "الذى يتناول قصة الطفل القبطى هانى عبد الله الذى اضطر أن يخفى عن زملائه حقيقة ديانته خشية اضطهادهم له ،وهذا الطفل الذى لعب دوره الموهبة الصغيرة الواعدة "محمد داش"
هوابن الطبقة فوق المتوسطة الذى اضطرت والدته لنقله من مدرسة خاصة الى مدرسة حكومية بعد وفاة والده وبعد أن ضاقت بهم سبل العيش ، مما اضطره لمحاولة التكيف مع زملاءه فى المدرسة الجديدة والذى افترض أن شعوره بالأمان والتكيف مع زملائه الجدد بأن يذوب فيهم ويقلدهم فى كل شئ فى الملبس وطريقة الكلام وعلى الرغم من أن الطفل هانى قد أخفى حقيقة ديانته دون قصد منه عندما وجد الجو العام فى المدرسة يفرض عليه ذلك عندما سمع مدير المدرسة يردد" يعنى كلنا مسلمين والحمد لله"
وأيضا عندما أخبره زميل له أكبر منه عن مصير الزملاء الأقباط الذى يشم رائحتهم من على بعد أميال هنا أدرك هانى أن اخفاء حقيقة ديانته عن زملاءه ومشاركته فى مسابقة الانشاد الدينى وتفوقه هى السبيل لدرأ شعوره بالاضطهاد من كونه مسيحى الديانة وبالرغم من نجاحه الا أنه كان يشعر بتأنيب الضمير من اخفاء ديانته وعند ازالة كل الصور من على جدران غرفته خشية أن يراها أحد عند زيارة زملائه له فى منزله لذا قرر أن يخبر زملاءه الا أن الجقيقة ظهرت عندما اضطرت والدته للحضور للمدرسة وهى تعلق فى رقبتها صليبا عندما تعرض صغيرها للايذاء من زميل له فى المدرسة فكانت الكارثة بأن ازدادت مضايقات واضهاد زملاءه المسلمين له .وهنا يكشف لنا المخرج أكذوبة ما يردده ناظر المدرسة "
الدين لله والوطن للجميع " كل هذه الأحداث نسجها المخرج بأسلوب كوميدى عفوى ساخر عما يحدث داخل المدارس الجكومية من تمييز ضد الأقباط وعلى الرغم من جمال الفيلم وروعته الا أن هناك عدة نقاط تؤخذ علي الفيلم فان كان الفيلم يتناول التمييز الدينى الا أنه تناسى التمييز ضد الفقراء هؤلاء الذين يدخلون ابناءهم المدارس الحكومية والذين نشئوا فى بيئة خصبة لكل الأمراض المجتمعية ليس فقط التمييز والاضطهاد الدينى وانما التحرش والانعدام الخلقى و الاعلام الدينى غير المتطور والذى لم يغفل المخرج الشاب هانى سلامة عن دوره فى التكريس لهذا التميز الدينى والتعصب الأعمى ..
الفيلم أكثر من رائع استطاع بنجاح أن يكشف لنا المستور رغم أنف الرقابة التى اعتدنا أن نراها دائما تلعب دور النعامة أما الممثلون فقد استطاعوا بجدارة أن يشدوا انتباهنا دون أن يتسرب داخلنا الشعور بالملل طيلة مدة الفيلم .