محمد إبراهيم منصور: شاركتُ فى إعداد الدستورين وأوكد أن مواد الشريعة فى الدستور الجديد ليست أقلّ من دستور الإخوان لا أعلم كيف يعترض الإخوان على مادة المحاكمات العسكرية وهى أرقى من التى اخترناها فى الدستور المعطَّل الدستور انتصر لفئات المجتمع المختلفة.. هذا ما أعلنه الدكتور محمد إبراهيم منصور الممثل الوحيد لحزب النور فى لجنة الخمسين، خلال أول حوار له خص به «الدستور الأصلي» بعد انتهاء عمل اللجنة، مشيرا فى حواره إلى أن رئيس اللجنة وجميع الأعضاء تعاملوا بحكمة خلال فترة عمل اللجنة، وإنه كان يفاجأ بمقترحات محترمة للمواد الخاصة بالشريعة من أعضاء ليسوا منتمين للتيار الإسلامى، كما أنه كان حريصا على الرد على كل الشبهات حول دستور 2013 وكانت ردوده هادئة حول الاتهامات التى توجهها جماعة الإخوان له وجميع قيادات الحزب ومشايخ الدعوة، موضحا أنه لا يرغب فى رد الإساءة بأخرى.
■ بداية، ما العلاقة بينك وبين أعضاء الخمسين بعد انتهاء عمل اللجنة؟
- العلاقة بينى وبين أعضاء اللجنة علاقة طيبة قائمة على المحبة، وكنا جميعا نعمل بروح الفريق لنتمكن من إخراج هذا الدستور الذى أراه الأفضل فى تاريخ مصر، ورغم سخونة الجلسات والشد والجذب الذى كانت تشهده أعمال اللجنة إلا أنه سرعان ما كانت تنتهى هذه الأمور، وكنا نتصافح جميعا فور انتهاء الجلسات، وما زالت بينى وبين أغلب أعضاء اللجنة علاقة جيدة للغاية لأنهم جميعا وطنيون ومخلصون لهذا البلد العظيم.
■ هل صدَّقت اتهامات الإخوان من أنك لم تحافظ على مواد الشريعة فى الدستور؟
- هذه افتراءات ليس لها أى أساس من الصحة، لأن الزاوية الشرعية لدستور 2013 ليست أقل من دستور 2012، فالدستور الجديد نسيج مترابط وتوجد به زاوية الحقوق العامة والعدالة الاجتماعية وهى الزاوية التى بلا شك أكثر عمقا وتفصيلا من 2012، ونحن شاركنا فى الدستورين ونستطيع الحكم عليهما، وتوجد زيادات واضحة فى المواد الخاصة بالشباب والمسنين والفلاحين والصيادين والمزارعين والمعاقين والفقراء والحرفيين، وقد حققنا مكاسب هائلة للطبقة الكادحة وهو ما يجعلنا ندعوا وبكل ما أوتينا من قوة من أجل الحشد والتصويت على الدستور ب«نعم».
■ كيف وافقت على مادة المساواة بين الرجل والمرأة على الرغم من أنها لا تتوافق مطلقا مع منهجكم؟
- خلق الله الرجل والمرأة وكليهما له دور، وتوجد فروق شرعية بين الاثنين ولا يستطيع أحد أن يتجاوزها أو يتغاضى عنها، وقد انتهى الأمر إلى أن المساواة منضبطة بأحكام الدستور التى تنص صراحة على أن الدستور وحدة واحدة، وبالتالى تكون المساواة مقيدة بالسقف الذى نرتضى جميعا ولا يختلف أحد عليه وهو السقف الشرعى، حتى لا يخرج عليه أحد، وليس التفريق من أجل أن ننقص من أحد ولكن لأن كل طرف له واجبات.
■ هناك عدم رضا لدى البعض من مادة المحاكمات العسكرية فما رأيك فيها؟
- دعونا نقارن بين دستور 2012 و2013، لا أعلم كيف يعترض الإخوان على مادة المحاكمات العسكرية وهى أرقى من التى اخترناها فى دستور 2012، حيث إننا اخترنا فى 2013 أن تتم المحاكمة العسكرية عندما يقع ضرر مباشر على القوات المسلحة وليس غير مباشر كما كان موجودا فى 2012، كما أنه لا فارق بين 2012 فى موازنة الجيش و2013، ومن وافق على 2012 يجب أن يوافق على المادة الموجودة فى 2013 فى هذا البند.
■ كيف وافقتم على أن تكون حرية الاعتقاد مطلقة؟
- الحقيقة أن هذه المادة كانت فى دستور 2012 بلفظ «مصونة»، فما الفرق بين كلمتى «مطلقة» و«مصونة»؟ فالفرق هنا فرق نفسى والمادة مقيدة بالمادة الثانية كما تصف المادة 227 من هذا الدستور، إضافة إلى أن لفظ «مصونة» الذى ورد فى دستور 2012 كان مقيدا بالمادة الثانية لكن لم تكن هناك المادة 227 وكنا نرضى بهذا، والمضابط تم النص فيها على أن حرية الاعتقاد حيث ما بداخلك، فإذا تكلمت به أو تحركت به خضعت للنظام العام فى الدستور، وهو الإسلام بنص المادة الأولى التى تقول إن دين الدولة هو الإسلام كما هو مدون فى باب المقومات.
■ ما ردك على ما يردده الإخوان بأن هذا الدستور كتبته الراقصات والفنانون والعلمانيون ويتضمن مواد كُفرية؟
- الإخوان يقولون أشياء كثيرة وصلت إلى حد اتهامنا بالعمالة والخيانة، ولكن أنا لا أريد الردّ على اتهامات يعرف أصحابها أنها باطلة، كل ما أريد أن أقوله إن جميع من كانوا فى لجنة الخمسين كانواحريصين على مواد الشريعة الإسلامية، حتى وصل الأمر إلى أن الدكتور عمرو الشوبكى قدم ثلاثة مقترحات حول مواد الهوية جميعها أفضل من بعضها، كما تقدم نقيب الصحفيين ضياء رشوان بمقترح رائع إلى اللجنة وغيرهما من الأعضاء الذين كانوا حريصين على الحفاظ على مواد الهوية، فمشروع الدستور الجديد يحافظ على مرجعية الشريعة الإسلامية بعد أن أصر أعضاء اللجنة على الحفاظ على المادة الثانية دون منازع تشريعى لها، وجعل المرجع فى تفسير المبادئ ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية فى ذلك الشأن، خصوصا الحكم الصادر سنة 1985 الذى يلزم المشرع باللجوء لأحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها وعدم اللجوء إلى غيرها، فإذا لم يجد حكما صريحا فإن وسائل الاجتهاد تمكنه من استنباط الحكم اللازم.
■ ما السر وراء الإصرار المستغرَب على الحشد والدعوة للتصويت ب«نعم»؟
- لدينا إصرار على الحشد والدعوة للتصويت على التعديلات الدستورية ب«نعم» لإنهاء حالة الفوضى وتحقيق الاستقرار، وكى تتقدم البلد إلى الأمام، فمن الذى يعجبه الحالة التى وصلنا إليها؟ وعلى كل مخلص شريف أن يساعد على بناء مؤسسات الدولة نحن نريد دولة عصرية تجمع أطياف شعبها وتحتفظ بكيانها وقوامها وتحتفظ بهويتها ومرجعيتها وحتى نعبر جميعا محيط الخلاف ونصل إلى شاطئ الاتفاق، فالمحرك الوحيد لنا فى هذه العملية هو المصلحة العليا للبلاد وليس غيرها.
■ برأيك ما المكاسب التى حصل عليها التيار الإسلامى من هذه التعديلات التى أجريت على دستور 2012؟
- المكاسب تتمثل فى أننا استطعنا أن نحافظ على مواد الهوية وتفسيرها فى الديباجة وتفصيلها فى المضابط المحال إليها خصوصا بعد أن حافظنا على المادة الثانية، وبعد أن رفضت لجنة الخمسين تعديلات خطيرة ومزاحمات لا تقل خطورة كانت مقترحة مثل «حذف الألف واللام من جملة المصدر الرئيسى للتشريع، وأن تكون العهود والمواثيق الدولية أحد المصادر الرئيسية للتشريع، أو أن تكون الشرائع الأخرى مصادر رئيسية للتشريع أو وضع تفسير للمبادئ يجعلها قاصرة على قطعى الثبوت والدلالة فقط.
■ دائما ما كنتم تتحدثون عن أن المادة 219 دفعتكم للمشاركة فى التعديلات الدستورية لكن تمت الإطاحة بها لماذا لم تنسحبوا بعدها؟
- مشاركتنا فى لجنة الخمسين لم تكن من أجل المادة 219 فقط، ولم نكن نسعى إلى الانسحاب كما يروج البعض، كان لا بد من مشاركتنا بقوة لأن مصلحة مصر فوق كل اعتبار، لكن كلامى لا يعنى القبول بدستور لا يحافظ على الهوية، وشاركنا من أجل 219 وغيرها من المواد كما أن مشاركتنا فى هذه التعديلات كان واجبا وطنيا وأخلاقيا لأننا أبناء هذا الوطن ولا يمكن بحال من الأحوال أن نتخلى عنه وقت الشدة أو وقت الأزمات.
أستطيع أن أؤكد للجميع أن ما توصلنا إليه لم نكن نتوقعه، خصوصا بعد أن تمكنا من وضع نص فى الديباجة ينص على أن المرجع فى تفسير المبادئ هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية فى هذا الشأن، وتم النص فى المضابط على أحكام سبعة والإشارة إلى هذه الأحكام فى هامش الديباجة، وأخص من هذه الأحكام أحكام «85» و«87» و«95» و«96»، وأحكام (85، 87) فإنها تؤكد وبوضوح أن مبادئ الشريعة هى أحكامها وأنه يجب على البرلمان الالتزام بها وعدم تجاوزها فإن لم يجد حكما صريحا اجتهد ملتزما بقواعد وضوابط الاجتهاد للتوصل إلى الحكم المناسب للمستجدات، وهو ما يعنى فى النهاية ضرورة إعادة النظر فى القوانين القائمة وتعديلها بما يجعلها متفقة مع أحكام الشريعة.
■ هل هذه كل المكاسب التى تحققت للشعب فى هذا الدستور؟
- أحفظ الدستور عن ظهر قلب كما أحفظ دستور 2012 وأستطيع أن أقول بكل ثقة إن هذا الدستور انتصر للعمال وجميع طبقات الشعب بدرجة أكبر بكثير من دستور 2012، فالدستور يحافظ على مجانية التعليم بل ويحقق جودة عالية فى العملية التعليمية بل إنه ألزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى، على أن تتصاعد هذه النسبة تدريجيا لتصل إلى المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها، كما يلزم الدستور الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والمهنى وتطويره والتوسع فى أنواعه كافة وفقا للمعايير.
كما تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية والمجامع العلمية واللغوية وتلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى 2% من الناتج القومى تتصاعد تدريجيا.
كما تعمل على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التى تستهدف الربح وتلتزم بضمان جودة التعليم، كما يضمن الدستور تنمية الكفاءات العلمية والمهارات المهنية ورعاية الحقوق الأدبية للمعلمين وأعضاء هيئات التدريس وحرية البحث العلمى وتشجيع المؤسسات عليه من نسبة الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1%.