الذين تهكموا علي عقوبة اللوم التي تلقاها نائب مجلس الشعب بعد أن طالب بإطلاق النار علي شباب مصر الذين يخرجون للتظاهر مطالبين بالحرية والديمقراطية والعدل، لم يفهموا أن هذه العقوبة هي في الواقع شديدة القسوة والمضاء وليست عقوبة هينة لينة كما يوحي من يتصورون ذلك، وللدقة قد تكون عقوبة بسيطة فقط إذا كان من توجه له شخصاً من النوع الحلّوف، جبان عديم الإحساس يتمتع بجلد خنزير، أما إذا كان إنساناً حساساً رقيقاً مثل سيادة النائب فإن هذه العقوبة تكون بالنسبة له أشد قسوة من أي طلقة خارقة حارقة طالب سيادته باستقرارها في صدور أبنائه الطلبة والطالبات!. وفي اعتقادي أن الذين اهتموا بالعقوبة الواقعة علي النائب لم يسأل أحدهم نفسه: وكيف يكون هذا اللوم؟ بمعني آخر لقد عرفنا أن الرجل سيوجه إليه اللوم ولكن لم يخبرنا أحد شكل هذا اللوم أو العبارات التي صاغت العقوبة، ولم يقل لنا أحد هل الذي لامه هو الدكتور فتحي سرور رئيس المجلس فقط أم اشترك في اللوم وكيلا المجلس وزعيم الأغلبية؟!.. كذلك لم نعرف هل سُمح لأعضاء المعارضة والنواب المستقلين بأن يشاركوا في اللوم، أم أن اللائحة تجعل حزب الأغلبية وحده صاحب الحق في تنفيذ العقوبة، وتساءل البعض: هل اشتركت سيدات المجلس في لوم النائب كأحد أشكال تمكين المرأة أم اقتصر الأمر علي النواب الذكور فقط؟. وبسبب غياب إجابات قاطعة عن الأسئلة السابقة فإن حالة الغموض التي أحاطت بالموقف قد فتحت الباب للخيال وللتكهنات التي ربما لا تكون دقيقة..فمثلاً هناك من قال إن اللوم اشترك فيه طابور طويل من الأعضاء وقفوا صفاً واحداً وأقبلوا بالدور علي السيد النائب وكلما وقف أحدهم قبالته رسم علي وجهه أحد أشكال الامتعاض أو لوي شفتيه أو أشاح بوجهه ثم قال له جملة تحمل معني اللوم..كذلك حتي انتهوا جميعاً وبعدها كان النائب قد نال جزاءه وفتح صفحة جديدة في تاريخه النيابي. من الجمل القاسية التي تردد أنها وجهت للرجل وشارك فيها الرجال والنساء من كل التيارات والأحزاب جمل من عينة:- إخص عليك يا سونة.. كده برضه؟ - ما كانش العشم أبداً. - آخر حاجة كنت أتصورها منك. - ليه عملت كده.. ناقصك إيه؟ - أقول إيه لأصحابي لو عرفوا؟ - علي العموم كتّر خيرك - يا سم كده!.. (امرأة تسعي للتمكّن) - ليه بس يا ابني. - ربنا يسامحك. - منك لله.. منك لله. - إنت نبيه وكويس.. لكن أقول إيه! - كنت عارف إن ده ح يحصل. - ما فكرتش في إخواتك؟ - لا حول ولا قوة إلا بالله! - يعني عاجبك الموقف ده؟ - تصدق بالله..أنا مش لاقي حاجة أقولها! - يا خسارة! - حرام عليك يا شيخ. - أنا زعلان.. حقيقي أنا زعلان. - ممكن ما تعملش كده تاني؟ - نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب. - أوعدني إن دي أول وآخر مرة. - ياما قلت لك لكن ماسمعتش كلامي. - الحجر الداير... - دول اللي كنت عاوز تضحكنا عليهم.. اللي ما في حد ما أعجبش بيهم (من فيلم ليلي بنت الأغنياء). - كانت هذه عينة من الجمل التي تردد أنها قيلت وواجه بها النواب زميلهم لتنفيذ عقوبة اللوم، وهي كما ترون محرجة وقاسية، لكنها في الحقيقة كانت ضرورية لإجهاض المخطط الذي رسمه بعض النواب إذا ما مرت مسألة ضرب المتظاهرين بالرصاص بسلام.. وكانت الخطوة التالية هي قذف المتظاهرين بصواريخ سكود!.