لو علم الرئيس الراحل محمد أنور السادات بأن اتفاقية “كامب ديفيد” الذي وقع عليها ستحول 6% من بلاده لمعقل للإرهابيين لما كان سيبتسم مثلما يبدو في تلك الصورة التي التقطت في منتجع “كامب ديفيد” في الولاياتالمتحدة عام 1978. بعد 35 عاما من اتفاقية كامب ديفيد تعيش سيناء على صفيح ساخن بوجود آلاف الإرهابيين يستخدمون أسلحة متطورة من بينها صواريخ مضادة للطائرات، في محاولة لإقامة إمارة إسلامية بمنطقة ممنوع دخول الجيش المصري فيها وفقا لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. وتقسم سيناء من الناحية الأمنية –وفقا للملحق الأمني باتفاقية السلام – إلى ثلاث مناطق هى:المنطقة (أ) و(ب) و(ج). والمنطقة الأولى هى الموجودة بين قناة السويس وتمتد بعرض 58 كم، وفيها يسمح لمصر بفرقة مشاة واحدة تتكون من 22 ألف جندى مع تسليح يقتصر على 230دبابة و126 مدفعاً ميدانياً و126 مدفعاً مضاداً للطائرات عيار 37مم و480 مركبة، ثم المنطقة (ب) وعرضها 109 كم الواقعة شرق المنطقة (أ) وتقتصر على 4000 جندى من سلاح حرس الحدود مع أسلحة خفيفة. ثم المنطقة (ج) التى تعد من أهم وأشد المناطق خطورة والتى يطلق عليها منطقة «الكونتيلا»، وتضم الشريط الحدودى كله، ومدينة الشيخ زويد بالإضافة لهضاب منطقة وسط سيناء ومدن طابا وشرم الشيخ ورفح المصرية وعدد الجنود بها لا يزيد عن 750 جنديا. ومنذ أغسطس من العام الماضي قتل العشرات من أفراد وضباط الجيش المنتشرين في سيناء ، كان أبرز تلك الحوادث مقتل 16 جنديا العام الماضي على الحدود مع غزة وهو الحادث الذي أطاح بالمشير طنطاوي وجاء بعده الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع ، والشهر الماضي قتل مجهولون 25 جنديا أثناء ذهابهم لمعسكر برفح. وبدأت القوات المسلحة حملة لفرض الأمن في سيناء منذ أغسطس من العام الماضي –بعد التشاور مع إسرائيل لزيادة قواتها – ، اشتدت وتيرتها منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في يوليو الماضي ، ويتهم الجيش حركة حماس بالوقوف وراء الإضطرابات الأمنية بسيناء بتهريب أسلحة ومجاهدين ، بالإضافة للسلاح المهرب من ليبيا بعد سقوط نظام القذافي. ويؤكد اللواء سامح سيف اليزل الخبير الإستراتيجي على أن الأوضاع الأمنية المتدهورة بسيناء تعود إلى ثبات أعداد الجنود وأنواع الأسلحة في سيناء منذ 34 هي عمر إتفاقية السلام . وقال اليزل إن الظروف التي كانت موجودة وقت توقيع معاهدة كامب ديفيد مختلفة عن الأوضاع الأمنية الحالية ، فلم يكن هناك تهريب أسلحة ومخدرات وعمالة بشرية ، كما لم تكن هناك جماعات مسلحة مجاورة للحدود المصرية مثل حماس وتستخدم الأنفاق لتهريب أسلحة . وأكد اليزل على ضرورة تغيير الملحق الأمني في اتفاقية السلام بين مصر اسرائيل لمواجهة التحديات الأمنية الحالية. وعلى الرغم من تغيير وجه مصر خلال عامين ونصف العام 3 مرات إلا أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تقف “محلك سر ” .. فمن نظام مبارك الذي استمر قرابة 30 عاما – أغلب عمر الاتفاقية- الذي شهد تعاونا بين الجانبين على المستوى الاقتصادي عبر اتفاقية “الكويز” والتي تنص على السماح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأمريكية دون جمارك أو حصص محددة شرط أن يدخل المكون الإسرائيلي في هذه المنتجات، وعلى المستوى الدبلوماسي فيما يخص القضية الفلسطينية ومفاوضات السلام بين الجانبين المصري والإسرائيلي ، لننتقل بعد ذلك إلى حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أعقب الإطاحة بمبارك يوم 11 فبراير 2011 عقب ثورة 25 يناير من نفس العام ولم تشهد العلاقات بين الدولتين أي تغير على مستوى الحكومات ، خاصة تعهد المجلس العسكري الحاكم خلال الفترة الانتقالية بالحفاظ على كافة المعاهدات والمواثيق الدولية بما فيها معاهدة كامب ديفيد ، كما استمر تجاهل الرفض الشعبي المصري للعلاقات مع إسرائيل بعد ثورة 25 يناير ، وهو ما ظهر جليا في عدة مواقف أبرزها اقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في أعقاب مقتل جنود مصريين على الحدود بين الدولتين إبان الفترة الانتقالية التي استمرت لعام ونصف . ومع صعود جماعة الإخوان المسلمين للحكم.. استهل الرئيس المعزول محمد مرسي عهده برسالة لنظيره الإسرائيلي بدأها ب”الصديق العزيز شيمون بيريز” ، لم تشهد العلاقات أي تحول استثنائي سوى سحب السفير المصري لدى تل أبيب للتشاور أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة خلال العام الماضي بالإضافة إلى التشاورات الأمنية بخصوص سيناء خلال العملية “نسر”. ويستبعد السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق إلغاء تعديل اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل خاصة مع التزام مصر بمبادرة السلام العربية المعروفة باسم “الأرض مقابل السلام ” . وأكد هريدي أنه يمكن إجراء تعديلات فيما يخص الملاحق الأمنية الخاصة بالاتفاقية بين الجانبين مشيرا في الوقت ذاته إلى تجاوب الجانب الإسرائيلي فيما يخص دخول القوات المسلحة وأشار هريدي إلى أن الغالبية العظمى من الشعب لا تطالب بإلغاء الاتفاقية لكن تعديل الملاحق الأمنية مشددا في الوقت ذاته على بقاء المشاعر الشعبية المصرية باردة تجاه إسرائيل واستمرارها كذلك نتيجة ما حدث خلال 1569 و1967 .للمنطقة (ج)بسيناء لمواجهة الإرهاب.