أثارت الأوضاع الملتهبة علي حدود مصر الشرقية وقتل و إصابة الجنود المصريين علي الحدود برصاص الجيش الإسرائيلي الجدل من جديد حول اتفاقية السلام مع إسرائيل. و بنود كامب ديفيد التي تحد من انتشار الجيش المصري في سيناء. ومابين المطالبات الشعبية بإلغاء أوتعديل الاتفاقية و المخاوف الإسرائيلية من الانتخابات القادمة في مصر وسط توقعات بأن تكون اتفاقية السلام محل نقاش جديد, فهل يحدث تحرك مصري للمطالبة بالتعديل وإصلاح أوضاع خاطئة في علاقاتنا بإسرائيل؟ و ما هي امكانات إجراء هذا التعديل؟ اسئلة يحاول هذا التحقيق الإجابة عنها من خلاسل قراءة للمشهد السياسي المصري الحالي ومثيله أيام توقيع الإتفاقية. يري معارضو المعاهدة أنها وضعت شروطا علي سيادة مصر علي سيناء بعد عودتها إليها عبر فرض قيود علي مدي تحرك الجيش المصري وقواته في سيناء. لكن بعد الأحداث الأخيرة في سيناء و اطلاق الرصاص من الجانب الإسرائيلي علي أفراد الأمن المصري, تعالت الأصوات المطالبة بإلغاء الإتفاقية أو تعديل بنودها. توقيت مناسب وظروف مواتية لطلب التعديل كما يقول د كتور عماد جاد رئيس برنامج الدراسات الإسرائيلية في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام مؤكدا أن الإتفاقية كانت لإنهاء حالة الحرب و تحرير أرض سيناء وكان إستعجال الرئيس السادات رغبة في إسترداد هذه الأرض فحدث التنازل بشأن انتشار الجيش المصري في سيناء وبالتحديد في المنطقة ج والتي تخلو من عناصر الجيش وكذلك عدم التمسك بالجزء الخاص بالقضية الفلسطينية. ويضيف جاد أن ملحق الإتفاقية تتضمن تصديرالبترول إلي إسرائيل وهو ما حوله مبارك إلي غاز وهو ما يمكن اعادة التفاوض عليه حاليا. ويشرح جاد ان اسرائيل تتهمنا بعدم قدرتنا علي ضبط الحدود وأن هناك من يتسللون من الأراضي المصرية ولذلك فقد آن الأوان لنقول نعم ليس لدينا قوات كافية ونطالب بتعديل انتشار قوات الجيش في سيناء وهو أم البنود التي يجب المطالبة بتعديلها كذلك يمكن التفاوض في سعر الغاز. فالإتفاقية كما يوضح د.عماد جاد, تحمل كغيرها بندا يمنح الحق في تعديل بنودها بموافقة الطرفين ولمصر الآن الحق في طلب التعديل خاصة بعد انتهاك اسرائيل أكثر من مرة للإتفاقية وخاصة في ظل ربيع الثورات العربية في المنطقة و التي لن تكون في صالح إسرائيل مما يدفع الامور كما يقول في اتجاه موافقة اسرائيل علي التعديلات في ظل أهمية وحيوية دور مصر في المنطقة العربية و هو ما سوف تثبته الأيام القادمة. ويري د. جاد أن طلب إلغاء الإتفاقية يمكن تفسيره علي انه عمل عدائي لكن طلب تعديل بنودها حق لمصر بينما يؤكد ضرورة وجود مجلس شعب ورئيس منتخب حتي يتم هذا التعديل لكن ذلك لا يمنع من ان يقوم القانونيون ورجال التشريع بالإعداد والتحضير للتعديلات في بنود الإتفاقية خلال هذا الوقت. فما هو رأي القانونيين إذن؟ يقول الدكتور أحمد فوزي, رئيس قسم القانون الدولي جامعة بني سويف أن اتفاقية كامب ديفيد تهدف إلي تنظيم أمن الحدود بين الدولتين مقابل استرداد مصر كامل سيادتها علي باقي ما كانت قد استولت عليه اسرائيل في عام1967 من أراضي مصرية وهي بذلك تعد اتفاقية حدودية يجب احترامها من الطرفين ولكن نظرا لعدم قيام الجانب الإسرائيلي بإلتزاماته الناشئة عن هذه الاتفاقية واعتداءاته المتكررة علي الأمن المصري فقد آن الأوان لإعادة النظر ببعض بنود الإتفاقية المتعلقة بالجانب الامني وخاصة المنطقة أ حيث يوجد بها طبقا لأحكام الاتفاقية عدد لا يتجاوز500فرد من أفراد الأمن المصري في مساحة تقدر بحوالي420كيلو مترا مما لا يسمح للقوات المصرية بضبط الأمن في هذه المنطقة الشاسعة فمن غير المسموح لقوات الأمن في رفح المصرية باستخدام العتاد أو الدبابات أو المعدات العسكرية لضبط الامن في المنطقة. ويستطرد د. أحمد أنه من الضروري تعديل الترتيبات الأمنية المتعلقة بالمنطقة أ ويجب علي الجانب الإسرائيلي الإنصياع للدعوات المصرية بضرورة الدخول في مشاورات لإعادة النظر في الترتيبات الامنية المتعلقة بهذه الإتفاقية. ويضيف أنه في حالة عدم موافقة الجانب الإسرائيلي علي ذلك يمكن الضغط عليهم من خلال الولاياتالمتحدة والتي كانت وسيطا ضامنا لتنفيذ بنود الإتفاقية.( و يمكن كذلك اللجوء إلي الأممالمتحدة من خلال الجمعية العامة التي تحل محل مجلس الأمن في مثل هذه المسائل التي من شأنها ان تخل بالسلم والأمن بين الجانب المصري والإسرائيلي و ذلك بناء علي قرار الإتحاد من أجل السلم. وبهذه الطريقة يمكن أن تنظر المسألة بعيدا عن حق الفيتو الذي يعيق قرارات مجلس الامن داخل الأممالمتحدة بسبب تعسف الولاياتالمتحدة في إستخدامه من جهة أخري يشرح د. محمود جامع وصديق الرئيس الراحل أنور السادات ظروف توقيع الإتفاقية حيث كان المناخ السياسي مختلفا,( فبعد أن عبر الجنود المصريون القناة وحققوا انتصارترتب عليه استغاثة إسرائيل بالولاياتالمتحدةالأمريكية التي أرسلت لهم دبابات و قوات و مدرعات ليجد الرئيس السادات نفسه, كما قال لي يوما في أثناء حوار بيننا, يحارب أمريكا لا إسرائيل.) وأضاف الرئيس الراحل, لقد حاربت و أثبت بطولة الجيش وأستعدت كرامة مصر لكنه لا يقدر علي القدرة إلا الله. فكان قرار وقف إطلاق النار. ويستطرد جامع أنه في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي كانت تمر بها مصر قام السادات بجولة عربية طلبا للمساعدة و المعونة لكنها باءت بالفشل لذا قال لي آنذاك والحوار مازال لمحمود جامع أنه سوف يوقع صلحا مع إسرائيل ومن يريد تحرير القدس فليفعل ذلك. ومن هنا بدأت مفاوضات كامب ديفيد لتأمين الحدود واسترداد أرض سيناء ولكن بشروط تحد من تواجد قوات الجيش في سيناء لتستبدل بعناصر من الشرطة والأمن المركزي. ويضيف جامع ان السادات وافق آنذاك في مقابل وقف الحرب والتركيز علي بناء الإقتصاد. لكن الآن كما يقول الظروف السياسية والأمنية والحدودية تغيرت. المنطقة ج أما الدكتور حسن وجيه استاذ القانون الدولي وإدارة الازمات بجامعة الأزهر فيري انه فيما يخص الإتفاق بين مصر و إسرائيل فإن مصر لها حق السيادة الكاملة ولكن الإتفاق الأمريكي الإسرائيلي الذي أضيف في ملحقات كامب ديفيد تناقض مع هذه السيادة وغل يد القوات المصرية في المناطق أ وب و ج. ويشرح أن المنطقة أ, هي منطقة بها قوات أمن وهي موجودة قبل منطقة الممرات أما ب, فهي منطقة الممرات الإستراتيجية و بها ممرات تحميها اما ج فهي أقرب منطقة للحدود مع إسرائيل و تعرف بفلادلفيا وبها عدد قليل من الشرطة. ويستطرد قائلا أنه يجب إعادة التفاوض علي المنطقة ج و لكن أيضا علي الاتفاقات الأخري التي الحقت بكامب ديفيد وعمل بها في عهد الرئيس المخلوع الذي يطلق عليه الإسرائليون الكنز الإستراتيجي مثل بند الغاز لأنه لم يرد في كامب ديفيد ما يخص الغاز, فمن حق مصر أن تلغي أية إتفاقات تخص الغازلأنها في أمس الحاجة إليه. ويضيف الدكتور أحمد أبوالوفا رئيس قسم القانون الدولي بحقوق جامعة القاهرة أنه أتضح من تطبيق هذة الاتفاقية أن عدد القوات المصرية والتسليح في المنطقة ج, لايمنع اي اختراق للحدود ولايكفي لتأمينها والدليل علي ذلك محاولات الهروب من الحدود المصرية لاسرائيل والإختراقات التي تقوم بها اسرائيل تجاه مصر وهو ما تجلي في الحادث الأخير من اختراق الطائرات الاسرائيلية للمجال الجوي المصري وإطلاق النار علي الجنود المصريين منها فبالتالي نحن أمام أحد أمرين. إما الدخول في مفاوضات مع اسرائيل لتعديل ماهومقرر بخصوص عدد القوات وتسليحها لتستطيع أن تقوم بمهامها في ضبط الحدود وهذا الحل الاتفاقي. أما الامر الثاني فهو أن تقوم مصر بطريقة منفردة ومن جانب واحد بزيادة عدد القوات والاسلحة الموجودة في المنطقة ج. و يكون سبب ذلك, وجود انتهاك جسيم للمعاهدة من جانب اسرائيل ولاشك أن اختراق الحدود وضرب الجنود يدل علي هذا الإنتهاك وبالتالي فإن لمصرأن تمارس حقها في الدفاع الشرعي عن أرضيها وهو حق طبيعي ممنوح لأي دولة, إذ لها ان ترد علي اي إعتداء أو خرق أوإنتهاك لحدودها ولكنه يضيف أن هذا الحل الإنفرادي يفترض عدة أمورمنها رفض اسرائيل الدخول في مفاوضات لتعديل المعاهدة وأن يكون دخول القوات والاسلحة بالقدر اللازم لضبط الحدود. 14 الف جندي أما الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل فيؤكد أن اتفاقية السلام تنص علي وجود فرقة مشاة بالمنطقة أ كاملة بالمدرعات وباقي الأسلحة المعاونة الاخري. أما المنطقة ب فيتواجد بها طبقا للاتفاقية الحالية4 كتائب حرس حدود بعدد41 الف جندي أما المنطقة ج فبها750 جنديا وضابطا من قوات حرس الحدود والشرطة المصرية وهذا العدد بالتأكيد غير كافي حاليا حيث تغيرت الظروف الاقليمية والسياسية والأمنية خلال المدة من عام97 وقت توقيع الاتفاقية وحتي وقتنا هذا. مشيرا إلي التغيرات الإقليمية في المنطقة و تنامي عناصر التيارات الإسلامية وكذلك كثرة بناء الأنفاق التي تسمح بتهريب الأسلحة وغيرها إلي الأراضي المصرية والعكس. ويضيف أن كل هذه العوامل تؤكد الحق الكامل في إعادة التفاوض وتعديل اتفاقية السلام خاصة الملحق الخاص بالإنتشار الأمني والذي يحتم من وجهة النظر المصرية, زيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في المناطق ب و ج من عناصر قوات الجيش الثاني والثالث الميداني مع زيادة نوعية وأعداد التسليح في تلك المنطقتين بالإضافة الي ضرورة السماح لدوريات من طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الجوية المصرية للقيام بطلعات استطلاعية في المناطق ب و ج بحرية كاملة حتي يمكن ضبط المتسللين والأعمال غير القانونية.