رشاد عبده: الصناديق المضاربة هي التي قامت بتغطية السندات وهي نفسها التي أدت إلي اشتعال الأزمة في اليونان.. وتوجيه عائد السندات لسد عجز الموازنة وبال علي الشعب المصري بطرس غالى أعلن يوسف بطرس غالي- وزير المالية- أمس الاثنين عن وصول الطلبات علي الشريحة الأولي من سندات الخزانة المصرية والمقدرة بنحو مليار دولار لمدة 10 سنوات بعائد 5.75 % ، إلي 258 طلباً للشراء من مستثمرين أمريكيين وأوروبيين وخليجيين فضلاً عن مصريين بحجم تغطية 14 مليار دولار، مشيراً إلي أن ذلك دفعه لفتح باب الاكتتاب علي الشريحة الثانية من السندات والمقدرة بنصف مليار دولار بعائد 6.875 % لمدة 30 عاماً، خلال قيامه بجولة ترويجية في الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع. وقال: المراقبون أشادوا بهذا الإصدار من ناحية سعر العائد الذي يقل عن سعر عائد السندات التركية في السوق الثانوي، ومن ناحية القيمة الاسمية والمدة، وأضاف: فور تداول السندات المطروحة في السوق الثانوي ارتفع سعرها بنحو 1%، نظراً لإقبال المستثمرين الشديد عليها. وتمثل هذه التصريحات صدمة للمراقبين الذين أبدوا مخاوف من طرح سندات بهذه القيمة بهدف استهلاكي هو سد عجز الموازنة العامة الذي يقارب 100 مليار دولار، وقالوا إن طرح هذه الكمية الكبيرة يعيد من جديد شبح الديون الخارجية كما يرفع معدل الدين العام بنسبة غير مسبوقة.. خاصة أن أغلب الطلبات غير المبررة علي هذه السندات جاء من مستثمرين أجانب في أمريكا وأوروبا. وقد نفي عدد من الخبراء أن يكون الإقبال الكبير علي السندات المصرية معبراً عن متانة الاقتصاد المصري أو ثقة المستثمرين الأجانب به كما أشار «غالي».. وقال شريف دلاور- الخبير الاقتصادي-: إن هذا الإقبال يعود إلي أمرين الأول هو سعر الفائدة العالي والبالغ 6% حيث يفضل المستثمرون الأجانب الشراء بهذه الفائدة الرائعة عن وضع أموالهم وودائعهم في البنوك الأوروبية ذات الفائدة الأقل كثيراً والتي لا تتجاوز 3.5%، والثاني أن السندات مطروحة بضمان سداد من الحكومة المصرية ، أي تتمتع بجميع حقوق السداد المضمونة دولياً. وقال «دلاور»: عند سؤال وزير المالية عن أسباب ارتفاع سعر الفائدة ،وعدم الاكتفاء بنسبة فائدة 2 أو3% أجاب بأن هذا السعر يشبه سعر الفائدة في اليونان وبريطانيا وإسبانيا، وتناسي أنه يشبهنا بدول ذات معدلات عجز عالية تفوق مصر بكثير، حيث إن معدل العجز في مصر 6% وفي اليونان 13%، مشيراً إلي أن المستثمرين ينظرون إلي معدل العجز في أي دولة وبناء عليه يقومون باقتراح حجم الفائدة الذي يريدونه. وأضاف «دلاور»: الشيطان يكمن في التفاصيل، وسبب الإقبال الهائل علي هذه السندات والسرعة في تغطيتها يكشفه هوية المقبلين، مشيراً إلي أن الصناديق المضاربة هي التي قامت بتغطية السندات، وهي نفسها التي أدت إلي اشتعال الأزمة في اليونان.. لذا فإن أول سؤال يجب توجيهه إلي الحكومة - علي حد قول دلاور- هو: أين ستذهب هذه الأموال؟! وقال رشاد عبده- الخبير الاقتصادي- :لا يمكن تقييم الاقتصاد المصري ومتانته علي أساس هذا المبلغ الضئيل والذي لا يتعدي 1% من جملة الإنتاج القومي، مشيراً إلي أن الذين يحكمون عليه وفقا لهذا المبلغ فإنهم يخدعون أنفسهم.. وأرجع «عبده» ارتفاع حجم الفائدة علي السندات المصرية إلي معدل التضخم العالي في مصر. وأكد «عبده» أن خطورة طرح السندات والحصول علي هذا المبلغ يتوقف علي نوع استخدامها، قائلاً: إذا تم استخدام هذه الأموال في سد عجز الموازنة فإن هذا سيكون خراباً ووبالاً علي الاقتصاد المصري بل الشعب بأكمله، وخطراً كبيراً علي الأجيال القادمة، مضيفاً: الحل الأمثل لتلاشي هذا الخطر هو استخدام عوائد هذه السندات في تمويل مشاريع إنتاجية تدر عائداً يغطي سعر الفائدة.