أكد الرئيس مبارك في كلمته التي وجهها للشعب المصري بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة والعشرين لتحرير سيناء أنه أطلق عملية شاملة للإصلاح عام 2005 من أجل مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة مشيرا إلى أن ما تشهده مصر اليوم فى تفاعل نشط لقوى المجتمع هو نتاج ما بادر إليه منذ خمسة أعوام مضت، وهو دليل حيوية المصريين . وفيما يلى نص كلمة الرئيس حسنى مبارك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة والعشرين لتحرير سيناء .. الأخوة المواطنون .. أتوجه إليكم بتحية من القلب ، وأعبر لكم جميعا عن خالص الشكر والامتنان فلقد كانت قلوبكم معى خلال علاجى فى ألمانيا ، وبعد عودتى لأرض الوطن وكنتم إلى جانبى بمشاعر شعب وفى أصيل أعتز بها كل الاعتزاز ، وأحمل لها - ولكم - كل العرفان والتقدير. أتحدث إليكم فى الذكرى الثامنة والعشرين لتحرير سيناء ، نحتفل معا بيوم مجيد من أيام مصر وعلامة فارقة فى كفاح شعبها ، يوم طوينا فيه - إلى غير رجعة - هزيمة عام 1967 ، واستعدنا سيناء لسيادة مصر وأبنائها بعد خمسة عشر عاما من الاحتلال. لقد حررنا سيناء بالحرب والسلام ، لم نستسلم للهزيمة ، خضنا حرب استنزاف طويلة ، وحرب تحرير بطولية ، ودفعنا - عن طيب خاطر - من أرواح ودماء أبنائنا ، ومن مواردنا وثرواتنا من أجل استعادة الأرض وإنهاء الاحتلال ، واسترداد كرامة الوطن وعزته وكبريائه. الأخوة المواطنون .. لقد عشت مع أبناء قواتنا المسلحة مرارة الهزيمة وفرحة الانتصار ، وكنت شاهدا - عبر سنوات الحرب والسلام - على عظمة هذا الشعب وقوة عزيمته وصلابة أبنائه. كنت مدركا ومنذ تحملى المسئولية تطلع شعبنا لسلام تحميه القوة ، فى وطن مستقر آمن لا تهدده مخاطر العدوان أو الإرهاب ، وطن حديث ومتطور يصنع الحاضر والمستقبل الأفضل لكافة أبنائه ، يصون وحدتهم الوطنية ، ويتيح لهم فرص العمل الشريف والحياة الكريمة. إننا - وبعد ثمانية وعشرين عاما من تحرير سيناء - لا نزال فى رباط ، نحرص على السلام ونلتزم به ، طالما بادلتنا إسرائيل حرصا بحرص والتزاما بالتزام ، نحميه بقوات مسلحة قادرة ، هى درع الوطن وسيفه ، ونبذل أقصى الجهد من أجل سلام شامل ، يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وينهى احتلال الأراضى العربية فى سوريا ولبنان. لا نزال فى مواجهة شرسة مع قوى الإرهاب والتطرف فى منطقة صعبة وعالم مضطرب ، ووسط أمثلة عديدة من حولنا للانقسام الطائفى ، وغياب الأمن وإراقة الدماء وزعزعة الاستقرار. كما لا نزال على طريق تحديث وتطوير مجتمعنا بعد أن أعدنا بناء بنية أساسية متهالكة ، واقتصاد استنزفته الحروب نواصل توسيع بنيتنا الأساسية الجاذبة للاستثمار ، نعزز القوة الذاتية لاقتصادنا وموارده ، وندعم قدرته على تحقيق معدلات مرتفعة للنمو والتنمية. نعم لقد قطعنا شوطا مهما لتحديث وتطوير المجتمع المصرى بإصلاح سياسى يرسخ دعائم الديمقراطية ، وإصلاح اقتصادى يجتذب الاستثمار ويتيح فرص العمل ، وإصلاح اجتماعى يقف بجانب الفقراء والبسطاء والفئات محدودة الدخل. إن احتفالنا اليوم بذكرى تحرير سيناء يفرض علينا التمعن فيما حققناه حتى الآن .. أين كنا ؟ وأين نقف اليوم ؟ وكيف تمضى حركتنا نحو المستقبل ؟ الأخوة المواطنون .. لقد أطلقت عام 2005 عملية شاملة للاصلاح ، بادرت إلى ذلك متحملا مسئوليتى كرئيس للجمهورية من أجل مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة ، تعلى قيم المواطنة وتنأى بالدين عن السياسة ، تمتلك المقومات الذاتية للمضى للأمام ، تعزز تفاعل ومشاركة المواطنين فى الحياة السياسية والاقتصادية ، تعى الأبعاد الاجتماعية للاصلاح والتحديث والتنمية ، وتنحاز - ليس لفئة أو نخبة - وإنما للفلاحين والعمال والبسطاء من أبناء الشعب. إن ما تشهده مصر اليوم فى تفاعل نشط لقوى المجتمع ، هو نتاج ما بادرت إليه منذ خمسة أعوام مضت ، وهو دليل حيوية المصريين ، وشاهد على ما يتمتعون به من مساحات غير مسبوقة لحرية الرأى والتعبير والصحافة ، وأقول بكل الصدق والمصارحة إننى أرحب بهذا التفاعل والحراك المجتمعى ، طالما التزم بأحكام الدستور والقانون ، وتوخى سلامة القصد ومصالح الوطن. لا ينبغى - أبدا - أن يتحول هذا التفاعل والحراك النشط إلى مواجهة أو تناحر أو صراع ، وعلينا جميعا أن نحاذر من أن يتحول التنافس المطلوب فى خدمة الوطن وأبنائه لمنزلقات تضع مستقبله ومستقبلهم فى مهب الريح. إن مستقبل الأوطان لا تصنعه الشعارات والمهاترات والمزايدة ، ومقدرات الأمم والشعوب لا تتحقق بخطوات غير محسوبة العواقب ، ونحن فى مصر نمضى فى الإصلاح السياسى واعين لظروف مجتمعنا ومحذرين من انتكاسات تعود بنا إلى الوراء ، وإننى - ونحن مقبلون على الانتخابات التشريعية العام الحالى والرئاسية العام المقبل - أعاود تأكيد حرصى على نزاهة هذه الانتخابات ، وأرحب بكل جهد وطنى صادق يطرح الرؤى والحلول لقضايا ومشكلات مجتمعنا ، ولا يقامر بأمنه واستقراره ومستقبله. كما أننا ماضون فى الإصلاح الاقتصادى متطلعين لانطلاقة جديدة لاقتصادنا مع تراجع أزمة الركود العالمى ، نسعى للمزيد من الاستثمارات والصادرات والمزيد من فرص العمل ، نعاود تحقيق ما حققناه من معدلات النمو المرتفعة قبل الأزمة ، نستعيد زمام المبادرة فى محاصرة الفقر والبطالة ، وتواصل تطوير ما يقدم للمواطنين من خدمات. نمضى فى ذلك متمسكين بتوسيع قاعدة العدل الاجتماعى ، مدركين للاحتياجات الحقيقية لأغلبية أبناء الشعب من الفقراء والبسطاء ، وتطلعهم المشروع للمستقبل الأفضل والعيش الكريم ، ولمن يقف إلى جانبهم فى مواجهة غلاء الأسعار وأعباء الحياة. الأخوة المواطنون ..لقد تغيرت مصر كثيرا منذ أن حررنا سيناء بالحرب والسلام ، تضاعف عدد سكاننا ، حقق شعبنا الكثير على امتداد أرض الوطن ، نمضى على الطريق بمؤسسات راسخة هى ضمان الاستقرار ، تغلبنا على العديد من صعاب وتحديات الداخل ، ونواصل الدفاع عن قضايا أمتنا ، والتعامل مع أزمات منطقتنا. إننا ونحن نحتفل اليوم ، ننحنى احتراما لأرواح شهدائنا ، نخلد بطولات قواتنا المسلحة ، ونحيى ذكرى الرئيس السادات زعيما فذا وشجاعا قاد مسيرة الوطن فى مرحلة حاسمة فكان - بحق - بطل الحرب والسلام. نستلهم من ذكرى تحرير سيناء المزيد من العزم واليقين ونستعيد ما حققناه حتى اليوم ، فنزداد ثقة فى مستقبل الوطن ، واقتناعا بقدرة أبنائه على صنع الغد الأفضل. حفظ الله مصر وطنا عزيزا آمنا ، وشعبا أبيا وكريما. كل عام وأنتم بخير ،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، اضغط لمشاهدة الفيديو: