شاءت الأقدار أن أكتب أحزاني في رثاء أطيب الرجال وأنقي الصدور بعد رحيله المفاجئ عن عالمنا الملوث بأطماع الدنيا، لينجوا بنفسه وروحه إلي العالم الآخر.. عالم لا يعرف سوي صدق بصيرته وصبره بعد الصبر في رحلته.. عاش بروح المؤمن الطيب صاحب الخلق الكريم الذي التفت حوله فضائل الدنيا لتقف صادقة العهد مع الطيب سيد رمضان علي. رحلت أبي وتركت فينا روح المحبة وطيبة البشرة السمراء وضحكة الطفل البريئة.. تركتنا نواجه الدنيا رجالاً كما عهدناك.. جريئًا في آرائك.. صلبًا في مواقفك.. خشوعًا في عبادتك.. لتلتف الدنيا بفراغها اللامحدود حولنا بعد أن كسوته بروح شديدة الخصوصية. ليس بإمكاني أن أودعك وأنا المؤمنبضيافة الدنيا قصيرة المدي.. ليس بإمكاني الوداع لأن اللقاء بيننا أقرب من طول الحياة، وأعظم في عالم آخر يحتضنه المولي عز وجل. لحظة الفراق التي تفصل بين الحياة الهاوية ونعيم الآخرة هي المذاق المر في حلقي.. هي الشجرة التي تقاوم الرياح الشديدة وتنحني لإرادة الله تاركة أزهارها في الدنيا.. تاركة ذكريات ومشاعر جميلة التف حولها كل من جلس في رحابها.. هكذا كنت يا أبي كالشجرة الطيبة تعطي الكثير ولا تنتظر إلا القليل لذلك إرادة الله ظلت بجوارك حتي فارقتنا جسديًا ومازلت تعيش بيننا في أركان المنطقة.. خلصت فيها للصدق لا لغيره.. للمحبة لا للكره. في كل وقت بل في كل لحظة أدعو الله أن تنال حظك من الآخرة مقابل صبرك في الدنيا.. أن تنعم برؤية المصطفي - صلي الله عليه وسلم - وبصحبة صحابته الكرام وأن ينور قبرك حتي يوم اللقاء.. وأن يتغمدك الله بواسع مغفرته ووافر رحمته حتي يعوض رب السموات والأرض صبرك طيلة سنوات العمر.