ومن عجائب الأخبار التي لا تنقطع عن مصر أبدا، أن يعير الإنسان بشرف نسبه، أونلي إن إيجبت يا أفندي، فقط في مصر، أون إيجيبت سولمون، يبقي أنت أكيد في مصر، (لا أعرف ترجمتها بالكوري بالرغم من متابعتي الحثيثة للمسلسلات الكوري). يرجع سر معايرة الفنانة بسمة بما يجب أن تفتخر به، أنها زارت البرادعي، ولو كانت سارت بجوار الحائط لقلت: إن خللا ما حدث في جيناتها. من هو يوسف درويش ذلك «اليهودي» الذي تنحدر من سلالته الفنانة الجميلة بسمة؟ هو يوسف ابن الصائغ المصري موسي فرج درويش، من عائلة درويش المصرية اليهودية القديمة، التي تضرب جذورها في تاريخ مصر، وأحد أشهر أفراد هذه العائلة هو الشاعر والمحامي مراد بك فرج، محامي الخديو عباس. تنتمي أسرة درويش إلي اليهود القرائين، وأحيانا يقال عنهم «اليهود المصريين»، وذلك لأنهم - مثلهم مثل المسيحيين المصريين وحتي المسلمين المصريين - ينظر إليهم من قبل بقية أتباع الديانة علي أنهم «مختلفون»، هكذا اشتهرت مصر بأنها دائما لها تفسير «مختلف» لكل الديانات. من أشهر أتباع هذه الطائفة «موسي بن ميمون» طبيب صلاح الدين الأيوبي. والقرائون هم أحد الطوائف اليهودية التي لا تؤمن بالعودة إلي فلسطين. سأذكر أن يوسف درويش أشهر إسلامه في عام 1947 حتي يهدأ عميان القلوب. لكن ليس هذا هو أهم ما في يوسف درويش. ولد يوسف درويش في عام 1910، تخرج في مدرسة الفرير، ثم سافر إلي جامعة تولوز بفرنسا لدراسة القانون، وبالرغم من أن مصر كانت تحت الاحتلال، وكانت تعاني من الفقر والجهل والمرض والقرف أضعاف ما تعانيه الآن، إلا أن يوسف درويش لم «يهج» من البلد وهو يبصق عليه، ولم يستقر في فرنسا للعمل كمحام مرموق والاستمتاع بالراحة والحرية والأمان كما يفعل جل المصريين الذين يجدون فرصة للسفر الآن. بل عاد إلي مصر حاملا شهادته، وعادلها بشهادة الحقوق المصرية، وأسس مع رفاقه - اسمع بقي أسس إيه.. عندك وقت؟ -: لجنة العمال للتحرير القومي (ضد الاحتلال الإنجليزي)، تنظيم الفجر الجديد السري (مع زملائه من اليهود الشيوعيين للعمل ضد الاحتلال)، مثل أكثر من 170 اتحادًا عماليًا (ضد الاحتلال)، انضم لحزب حدتو 1948، أسس مع ميشيل كامل «منظمة شروق الشيوعية»، ثم حزب الشعب الإشتراكي مع أحمد نبيل الهلالي. اعتقل عدة مرات في عهد كل من: الملك فاروق، جمال عبدالناصر، والسادات بالطبع. وعذب في كل مرات اعتقاله. كان ضد اتفاقية السلام مع إسرائيل. اضطهد في فترة حكم السادات بشدة فاضطر إلي الخروج من مصر في منفي اختياري إلي... الجزائر. سامعين يا أفنديا ياللي مش عارفين تلموا عيالنا «المسلمين» من إسرائيل؟ ثم عاد إلي مصر وواصل جهاده حتي توفاه الله في 2006. هذا هو يوسف درويش الذي قاوم الاحتلال البريطاني، والصهيونية، والتطبيع مع العدو الصهيوني ودفع ثمن مواقفه اعتقالا وعذابا، ثم يأتي ذيول من باعوا غازنا وأرضنا لإسرائيل وتركوها ترتع بقنابلها علي حدودنا، وحاصروا الأطفال والمقاومة شراء لرضائها، ليقولوا لحفيدته: إذا بليتم فاستتروا! ... واللي فيها تجيبه فيك.