تمنيت أن يسأل الرئيس مبارك وزير المالية.. من أين سيدبر الاعتمادات المالية لتنفيذ تعليماته الرئاسية بزيادة العلاوة الاجتماعية من 7% إلي 10%.. .والتي ستكلف الموازنة العامة حوالي ملياري جنيه.. ومن أين سيأتي بالموارد لتنفيذ بقية التكليفات التي طلبها الرئيس.. أثناء اجتماعه الوزاري الأخير بشرم الشيخ؟.. المؤكد أن رئيس الوزراء ووزير المالية وبقية الوزراء الذين حضروا الاجتماع.. قالوا للرئيس سمعا وطاعة (وهل يملكون غير ذلك) دون أي شكوي من عجز الموازنة المزمن.. والذي بلغ 98 مليار جنيه في موازنة العام الحالي.. وسيرتفع إلي 108مليارات جنيه في موازنة العام القادم. لماذا لم يفتح وزير المالية فمه أمام الرئيس.. رغم أنه لا يتوقف أبدا عن الشكوي من ضيق الحال؟.. لو كانت الأزمة في تدبير ملياري جنيه -قيمة فروق العلاوة- لهان الأمر.. لكن بقية تكليفات الرئيس للحكومة تتطلب تدبير موارد مالية جديدة.. فقد أمر الرئيس مثلا بزيادة دعم مزارعي القمح والذرة.. وتطوير منظومة العلاج علي نفقة الدولة.. ودعم الصناعات كثيفة العمالة لتوفير فرص عمل.. والسيطرة علي التضخم وتدبير موارد مالية لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي.. إضافة إلي زيادة مخصصات الدعم.. ومثلما تري فإنها تكليفات نتمني تحقيقها.. لكن كيف وهي تحتاج موارد مالية ضخمة وموازنة الدولة بعافية؟!. لذا تمنيت بعد انتهاء الرئيس من إصدار توجيهاته.. أن يسأل.. من أين ستأتي الحكومة بالفلوس؟.. ولو كان هناك جهاز يقرأ الأفكار في اجتماع شرم الشيخ.. لاكتشف أن بطرس غالي كان يفكر في تدبير الموارد المطلوبة باختراع ضريبة جديدة.. أو الاقتراض من البنوك مما يعني زيادة الدين المحلي أو الخارجي.. لكن الرئيس طلب منه السيطرة علي الدين الداخلي أي تقليل الاقتراض.. إنها وسيلة وزير المالية السريعة التي يفهمها ويفعلها باستمرار.. لأنه يتجنب البحث عن حلول أخري أكثر رشادا.. كزيادة الضرائب بشكل تصاعدي علي أرباح المستثمرين.. أو فرض رسوم علي منتجي الحديد والسيراميك والأسمنت.. أو إلغاء بعض بنود الموازنة مثل شراء سيارات جديدة لكبار العاملين بالدولة.. ومثل بند السفريات عمال علي بطال للوزراء والمسئولين.. ومثل بنود الإنفاق علي جيش الدبلوماسيين بسفاراتنا بالخارج دون عائد أو طائل.. ووقف جيوش المستشارين داخل الدوواين الحكومية من ذوي الرواتب الضخمة وأولها مكتب وزير المالية نفسه الذي يضم العشرات منهم برواتب ضخمة. إذن.. وزير المالية مطلوب منه تنفيذ تلك التوجيهات دون الاقتراض الداخلي أو الخارجي.. حسب تعليمات الرئيس.. فكيف سيدبر غالي هذه الموارد؟.. هل يجيبنا وزير المالية عن هذا السؤال؟. لا يقل أهمية عما سبق أن يرد إلي أذهاننا سؤال منطقي وهو.. هل كانت الحكومة في انتظار سفر الرئيس إلي شرم الشيخ للحصول علي التوجيهات السابقة؟.. وإذا كان ذلك كذلك.. فما إذن عملها الأصلي؛ خاصة أن التكليفات الأخيرة سبق تكرارها كثيرا من الرئيس للحكومة؟.