فى عام 1998، وحين شرعت مجلة الأهرام العربي فى إعداد عدد خاص فى ذكرى 25 عاما على حرب أكتوبر ذهب صديقى العزيز الصحفى اللامع بالأهرام سعيد عيسى لإجراء حوار مع المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة باعتباره واحد من رموز النصر، وعاد سعيد، وهو بالمناسبة قريب أبو غزالة باتفق معه على أن يكتب مقالا أسبوعيا فى الأهرام العربي، وكان أبو غزالة قبلها صامت عن الكلام، والكتابة، وحتى الظهور.وبدأ المشير كتابة مقالات أسبوعية عن الجيوش والتسليح، لكنه ركز كثيرا فى كتاباته على حرب المياه القادمة فى الشرق الأوسط، ومصر بالطبع. قبل أيام التقيت الكابتن محمد سيف رائد المينى تنس فى مصر والعالم ومدرب المنتخب المصري للتنس السابق، وهو بالمناسبة أحد أبطال القوات المسلحة وكان ضابطا كبيرا بقوات الصاعقة المصرية، وتطرق الحديث إلى سد النهضة الأثيوبي والوكسة التى تعانى منها مصر فى ظل إدارة الإخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة محمد مرسي، وباغتنى الكابتن سيف قائلا: "قبل أكثر من 28 عاما كنت ألعب مع المشير أبو غزالة مباراة تنس، وبعد المباراة تحدثنا عن مستقبل مصر، فقال أبو غزالة إن الحرب القادمة هى حرب المياه!
يدرك أبو غزالة، كما يدرك الكابتن سيف، وبالطبع كل العسكريين المصريين السابقيين والحاليين أن التهديد القادم لمصر هو المياه، ونشر موقع ويكليكس المتخصص فى تسريب الوثائق الأمريكية برقية دبلوماسية تفيد بأن الرئيس السابق حسنى مبارك طلب من الرئيس السودانى عمر البشير تخصيص قاعدة جوية جنوبالخرطوم للطيران المصري لقصف أية منشأت أثييوبية على نهر النيل لمنع إقامة أية سدود تعرض حصة مصر والسودان من المياه للخطر.. ووافق البشير على ذلك.
هكذا كانت مصر.. وكان رجالها.. وأبطالها من نوعية أبو غزالة وكابتن سيف ضابط الصاعقة.. وهكذا كان رئيس مصر الذى ثورنا عليه من أجل الحرية والخبز والكرامة الإنسانية.. أما الرئيس المصري المنتخب الذى جاء بعد الثورة فقد عقد اجتماعا عبثيا كوميديا لبحث أزمة مياه النيل أقل ما يقال عن هذا الاجتماع أنه كان فضيحة.
والفضيحة الأكبر أن رئيس مصر بعد الثورة.. لا يعلم قيمة مصر.. وليس بحجمها.. ولا يمكن أن يكون على قدر التحدى.. وأفضل ما يمكن أن يفعله كما قال فى حديث لقناة العربية أن ندعو الله أن ينزل علينا المطر.. لذلك يجب أن ننزل جميعا يوم 30 يونيو لنرفع كارتا أحمر فى وجه هذا الرئيس.. ليرحل عن إدارة بلد لا يعرف قيمتها.. وفشل فى التعامل معها.. ولأن استمراره فى سدة الحكم كارثة.. ما بعدها كارثة!