فى سياق محاولات قضاة مصر الترسيخ لاستقلال القضاء عن أى سلطات بالدولة، والحفاظ على هيبة رجاله، خرجت مواد مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذى أعده نادى قضاة مصر بالتعاون مع أندية قضاة الأقاليم فى صورتها النهائية تؤكد هذا الاتجاه، حيث أدخل القضاة تعديلات على مواد عديدة لا سيما تلك التى كانت تضع السلطة القضائية تحت يد السلطة التنفيذية. «الدستور الأصلي» حصلت على نسخة من مواد المشروع الذى سلمه نادى قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند إلى مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار محمد ممتاز متولى السبت الماضى، وتأكيدا لاستقلال السلطة القضائية عن باقى السلطات، أسند نادى القضاة فى مشروعه جميع المهام التى كان يتولاها وزير العدل والتى ينظرها المجلس الأعلى للهيئات القضائية إلى «القضاء الأعلى» كونه الجهة الشرعية الوحيدة التى ترأس القضاة وتتابع أعمال القضاء. حيث نقل المشروع تبعية التفتيش القضائى، وقرارات عقد المحاكم للضرورة، وكذلك ندب رؤساء المحاكم، وإنشاء المحاكم الجزئية من سلطة وزارة العدل إلى «القضاء الأعلى»، وعلل القضاة ذلك بأن وزير العدل يتبع السلطة التنفيذية، مما يعنى عدم استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية بتدخلاته فيه، وأضاف المشروع أنه «إذا أصرت الجمعيات العامة للمحاكم على قرارات لها رفضها وزير العدل أو مجلس القضاء الأعلى، فيتم اعتبار قراراتها نهائية». المشروع أدخل تعديلا على المادة 24 من الفصل الثانى المتعلق ب«ولاية المحاكم»، أكد خلاله أنه «فى كل الأحوال لا يجوز إنهاء ندب عضو النيابة إلا بناء على تقييم الدوائر التى يعمل معها، وتقرير مدير النيابة، ويكون القرار قابلا للطعن أمام الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التى يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة»، وتابع «ولا يجوز إنهاء ندب مدير النيابة إلا بناء على قرار من مجلس القضاء الأعلى يكون قابلا للطعن عليه أمام نفس الدائرة سالفة الذكر».
المادة 77 مكرر (2) من المشروع المتعلقة باختصاص مجلس القضاء الأعلى بنظر سائر شؤون رجال القضاء والنيابة العامة المبينة بالقانون، بما فيها أخذ رأيه فى مشروعات القوانين المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة، أدخل عليها القضاة تعديلا نصه «يجب أخذ رأى مجلس القضاء فى مشروعات القوانين المتعلقة برجال القضاء وأعضاء النيابة العامة بعد استطلاع رأى مجلس إدارة نادى القضاة»، وكذلك المادة 77 مكرر (5) أكدت ضرورة «عرض مشروع الموازنة السنوية الخاصة بالقضاء والنيابة العامة على مجلس إدارة نادى القضاة لعرضه على الجمعية العمومية قبل بدء السنة المالية بوقت كاف»، ليؤكد النادى بذلك أحقية تمثيله للقضاة والإشراف على شؤون القضاء. بينما أكدت المادة 77 مكرر (4) على ضرورة «عدم تطبيق لائحة القواعد التى يسير عليها التفتيش القضائى فى إعداد مشروع الحركة القضائية إلا بعد عرضها على الجمعيات العمومية للمحاكم وأعضاء النيابة العامة»، وهو ما تأكد فى المادة 78 من الفصل السادس المتعلق بالتفتيش القضائى التى أوجبت «عرض لائحة التفتيش القضائى على القضاة فى جمعيتهم العامة فى المحاكم». القانون استحدث عددا من المواد يأتى على رأسها المادة 18 التى تنص على أن «جلسات المحاكم علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية مراعاة للآداب أو محافظة على النظام العام، ويكون النطق بالحكم فى جميع الأحوال فى جلسة علنية، ونظام الجلسة وضبطها منوطين برئيسها»، حيث استحدث القضاة جزءا تكميليا فى المادة جاء فيه «ولرئيس الجلسة فى سبيل ذلك أن يخرج من قاعة الجلسة، كل من أخل بنظامها دون تمييز، فإن لم يمتثل فللمحكمة أن تحكم بحسبه مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين»، وربما كانت تلك المادة سببا فى اشتعال أزمة بين نادى القضاة من جهة وبين المحامين من جهة أخرى فى وقت سابق، حيث اعتبرها المحامون اعتداءً عليهم، لأن المادة تعطى الحق لرئيس المحكمة أن يطبق العقوبة على المحامى. أما المادة 18 مكرر التى استحدثت بالكامل، فتنص على أن «كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد محكمة قضائية أو سلطة تحقيق فى أثناء انعقاد جلساتها أو بمناسبة أدائها لعملها تكون العقوبة السجن، وإذا حصل مع التعدى ضرب أو نشأ عنه جرح تكون العقوبة السجن المشدد»، وهى ما يجد فيه القضاة قوة قانونية كافية لتأمين المحاكم مما يحدث لها خلال انعقاد الجلسات من تجمهر وتظاهر يعود بالخلل على المحكمة. أما المادة 35 مكرر المستحدثة أيضا، فتنص على «تؤلف كل محكمة لجنة برئاسة رئيس المحكمة وعضوية أربعة رؤساء من أقدم أعضائها تفوضها الجمعية العامة للمحكمة بينما فوضت فيه رئيسها، ولا يُعتد بأى قرار يصدره رئيس المحكمة منفردا دون موافقة اللجنة»، والمادة 50 من المواد المستحدثة أيضا وتقول «لا يجوز بأى حال من الأحوال أو لأى سبب من الأسباب أن يقل مجموع ما يتقاضاه القضاة وأعضاء النيابة العامة من حقوق مالية عن المماثلين لهم فى الدرجة أو الأقدمية بالهيئات القضائية الأخرى والمحكمة الدستورية العليا». تأديب القضاة أيضا تم استحداث المادة 98 لتنظيمه وتنص على أن «تأديب القضاة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص دائرة بمحكمة استئناف القاهرة، يتم تشكيلها من أقدم خمسة من الرؤساء بالمحكمة»، وتابع النادى فى قانونه «تشكل بمحكمة النقض دائرة لتأديب القضاة من أقدم خمسة من نواب رئيس المحكمة، تختص بنظر الطعون التى ترفع أمامها من العضو أو النائب العام على الأحكام الصادرة من الدائرة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة»، كذلك المادة 127 وتنص على أن «تأديب أعضاء النيابة بجميع درجاتهم يكون من اختصاص الدائرة المنصوص عليها فى المادة 98». المادة 119 مكرر من المواد المستحدثة أيضا، وجاء فيها «يعين بدائرة كل محكمة استئناف نائب عام مساعد بناء على ترشيح من النائب العام وموافقة مجلس القضاء الأعلى، وذلك بقرار يصدر من رئيس الجمهورية، ويحدد النائب العام الاختصاصات المنوط بهم فى ما فوضهم فيه». اللافت للنظر أن المشروع الذى انطوى على تغييرات حقيقية فى عدد من مواده، واستحداث بعض المواد الأخرى، أُدخِلَ عليه باب كامل يختص بنادى القضاة، الباب السادس المتعلق بنادى القضاة يضم مادتين فقط، الأولى مادة 172 وجاء فيها «مجلس إدارة نادى القضاة تمثل القضاة وتتحدث باسمهم، وتحافظ على هيبتهم وترعى كرامتهم، ولرئيسه أن يتخذ صفة المبلغ أو المدعى، كما أن له أن يتدخل بشخصه فى كل دعوى تتعلق بالمساس بالقضاء والقضاة»، كذلك «تخصص المبالغ اللازمة لدعم النادى سنويا والتى يحددها مجلس إدارته من الموازنة المستقلة للقضاء والنيابة العامة رقما واحدا». كما جاء فى المادة 173 من القانون أن «مجلس إدارة النادى يتولى الدعوة لعقد الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد خلال 60 يوما من تاريخ العمل بهذا القانون لوضع لائحة النظام الأساسى الجديد، ويكون الانعقاد صحيحا بحضور ثلاثة آلاف عضو، وإذا لم يكتمل النصاب فى المرة الأولى تتم دعوة الجمعية العمومية للانعقاد مرة أخرى خلال 30 يوما على الأكثر، ويكون انعقادها صحيحا بحضور 2000 عضو، وإذا لم يكتمل العدد يتولى مجلس الإدارة بالتعاون مع رؤساء مجالس إدارات أندية قضاة الأقاليم وضع لائحة النظام الأساسى التى يتعين عرضها على أول جمعية عامة يتم عقدها». بينما أرفق القضاة فى مشروعهم الجديد جدول للوظائف القضائية، وتعديل للمرتبات والبدلات الخاصة برجال القضاء، وضع فيه القضاة شرائح جديدة ومختلفة للمخصصات المالية للقضاة، تم بناؤها على زيادة رواتب رجال القضاء، وجاءت الزيادة بمضاعفة أساسى الرواتب لمختلف المناصب من معاونى النيابة وحتى رؤساء محاكم النقض والاستئناف والنائب العام، بالإضافة إلى تغيير قيمة العلاوة السنوية من مبالغ محددة إلى نسبة مئوية بلغت 10% من أساسى الرواتب.