يشهد العام الجديد2012 عدة اشتباكات قضائية مرتبطة بثلاثة محاور.. الاول قانون السلطة القضائية الذى دارت حوله مناقشات موسعة بين 26 ناديا على مستوى الجمهورية لدعم استقلال السلطة القضائية.. والمحور الثانى مرتبط بنادى النيابة الادارية التى تسعى إلى نيل استقلال كامل بعيدا عن وزارة العدل.. والمحور الثالث خاص بالأجهزة المعاونة للقضاء والمتمثلة فى طرح قانون جديد للخبراء وقطاع الطب الشرعى والمعروف باسم تعديل المرسوم الملكى بقانون رقم 96 لسنة 52 والذى ينص فى شكله الجديد على تحويل مصلحة الخبراء إلى هيئة تتمتع بقدر من الضمانة القضائية. وفيما يخص المحور الاول المرتبط بمشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذى تم إعداده من جانب نوادى القضاء على مستوى الجمهورية بالتنسيق مع نادى قضاة مصر الذى يرأسه المستشار أحمد الزند وعرض على ما يقرب من ثلاثة آلاف وخمسمائة عضو.. وهو المشروع الذى لاقى موافقة من جانب جموع القضاة مؤخرا حيث وافقت عليه محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية.. وموافقة الجمعية العمومية التى عقدت فى شهر أكتوبر الماضى ووافق عليه جموع القضاة.. حيث تم استحداث عدة مواد جديدة.. اضافة إلى مواد أخرى تم إضافة عدة عبارات عليها بشكل يسمح من خلالها بإحالة القضاة الذين يبدون آراء سياسية أو يعملون بالسياسة إلى مجلس التأديب الخاص بالقضاة.. إضافة إلى فقرة جديدة تسمح باستثناء «محاكم جنايات» حيث كان يقتصر ترتيب المحاكم وتنظيمها على محكمة النقض، ثم محاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية والمحاكم الجزئية، كما تمت إضافة فقرة على المادة الثانية من ذات القانون تقضى بأن تكون هناك دوائر لمحكمة النقض فى كل من مدينتى الإسكندرية وأسيوط. كما شملت المادة الرابعة على تعديل ينص بأن تشكل الجمعية العمومية لمحكمة النقض من هيئتين بالمحكمة لكل منهما من رؤساء الدوائر المختصين إحداهما للمواد الجنائية كبديل عن الفقرة الخاصة فى النص الحالى التى تقضى بأن يكون تشكيل هيئتى المحكمة من أحد عشر مستشارا برئاسة رئيس محكمة النقض أو أحد نوابه.. إضافة إلى المادة الخامسة التى تقضى بأن بمحكمة النقض مكتباً فنيًا للمبادئ القانونية يؤلف من رئيس يختار من بين مستشارى المحكمة وعدد كاف من الأعضاء بدرجة مستشار أو رئيس محكمة ويكون الندب بقرار من رئيس محكمة النقض وليس من وزير العدل، كما هو منصوص عليه فى المادة الحالية ولا يجوز انهاء ندب العضو إلا بموافقة رئيس الدائرة التى يعمل معها ورئيس المكتب الفنى ويكون القرار قابلا للطعن عليه أمام الدائرة المنصوص عليها فى المادة 83 من هذا القانون، ولا يجوز انهاء ندب رئيس المكتب الفنى إلا بناء على قرار من مجلس القضاء الأعلى يكون قابلا للطعن عليه أمام الدائرة المشار إليها سابقا. ومن أهم ما جاء بنص المشروع المعدل إنشاء درجات للتقاضى فيما يخص الجنايات، وذلك حسب المادة السابعة من القانون الحالى التى تنص على أن تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر قضايا الجنايات، بحيث أصبح التعديل الحالى بأن يكون التقاضى فى الجنايات على درجتين وينشأ لهذا الغرض فى عاصمة كل محافظة محكمة أو أكثر تختص بنظر قضايا الجنايات تؤلف من ثلاثة من مستشارى محاكم الاستئناف ويرأس محكمة الجنايات رئيس المحكمة أو أحد نوابه وعند الضرورة يجوز أن يرأسها أحد المستشارين. وفيما يخص رئاسة المحاكم الابتدائية التى أثارت جدلاً خلال الفترة الماضية فقد شهد مشروع القانون تعديلا على نص المادة التاسعة ليحسم هذا الجدل من خلال تولى رئاسة المحاكم الابتدائية من أقدم الرؤساء بمحاكم الاستئناف التابعين فى الأقدمية لرئيس محكمة استئناف قنا أو أحد نواب رئيس محكمة النقض على أن يكون قرار الندب بقرار من مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة قابلة للتجديد وبحد أقصى أربع سنوات، كما شمل مشروع القانون على تعديلات للمواد من الحادية عشرة وحتى الثالثة عشرة والمرتبطة بنظام المحاكم الابتدائية والجزئية، كذلك يتخصص قضاتها، حيث أضيفت فقرة خاصة بجواز زيادة فروع تخصص القضاة بقرار من مجلس القضاء الأعلى وليس بقرار من المجلس الأعلى للهيئات القضائية، كما هو منصوص عليه فى نص القانون الحالى. وفيما يخص المادة الموجودة فى الفصل الثالث من القانون المعدل والمرتبط بنظام الجلسات والأحكام والحق لرئيس الجلسة بإصدار أحكام بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه ضد كل من أخل بنظام الجلسة وذلك وفقا للمادة الثامنة عشرة من مشروع القانون المعدل فمن المتوقع ان تعيد للاذهان حالة الاشتباك التى جرت من جانب المحامين مع القضاة.. أضافته إلى نص المادة الثامنة عشر مكرر فى مشروع القانون الجديد وهى مادة خاصة بكل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد محكمة قضائية أو سلطة تحقيق أثناء انعقاد جلساتها أو بمناسبة أدائها بحيث تكون العقوبة السجن وفى حال التعدى والضرب الذى ينشأ عنه جرح تكون العقوبة السجن المشدد.. كما أضيفت موافقة مجلس القضاء الأعلى فى المواد المرتبطة بعمل قضاة مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وأساتذة القانون المساعدين فى المواد 41 و42 و43 و44 و45 وهى المواد الخاصة بالتعيين بمنصب القضاء العادى من الهيئات القضائية الأخرى ونظام ندب القضاة لوزارة العدل بحيث لا تزيد على أربع سنوات، وفيما يخص الحقوق المالية للقضاة وأعضاء النيابة العامة فقد استحدثت المادة الخمسون «50» فى مشروع القانون والتى تنص على أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال أو لأى سبب من الأسباب أن يقل مجموع ما يتقاضاه القضاة وأعضاء النيابة العامة من حقوق مالية عن المماثلين لهم فى الأقدمية أو الدرجة بالهيئات القضائية الأخرى والمحكمة الدستورية العليا. ومن ضمن الفقرات المستحدثة أيضًا وفق المادة الرابعة والخمسين من مشروع القانون بأنه يكون من المستشارين والنواب ورؤساء محاكم الاستئناف العمل بمحكمة الاستئناف التى يقيمون بها على ألا يعمل أى منهم بدائرة المحافظة التى يقيم بها، وفيما يخص نظام ندب القضاة للعمل بمحكمة النقض أو أى محكمة أخرى أوالعمل بالنيابة العامة وفق المواد «55 و56 و57 و58 و59» من مشروع القانون الحالى. ومن المواد المهمة أيضا التى تضع حدا فاصلا لعمل القضاة بالسياسة فقد أضيف تعديل على المادة الثالثة والسبعين من القانون الحالى تحظر على الجمعيات العمومية للمحاكم إبداء الآراء السياسية، ويحظر كذلك على أعضاء النيابة العامة الاشتغال بالعمل السياسى وإبداء الآراء السياسية بجميع الوسائل والتواجد بأى تجمعات سياسية أو حزبية أو اتخاذ وسائل الإعلام منبراً للتعبير عنها أو عما يتعلق بشئون القضاة أو القضاء، وكل مخالفة تمثل إخلالاً بواجبات الوظيفة وحطا من كرامتها تستوجب المساءلة القانونية. كما استحدث فقرة ضمن نفس المادة تنص على أنه لأن يجوز الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية أو انتخابات مجلسى الشعب والشورى أو الهيئات الاقليمية أو التنظيمات السياسية إلا بعد الاستقالة ونصت أيضا المادة 74 من مشروع القانون على مساءلة القضاة الذين يفشون سر المداولات أو إبداء الرأى فى القضايا المتداولة. أزمة النيابة الإدارية وفيما يخص المحور الثانى والمرتبط بمطالب هيئة النيابة الادارية فيرى مجلس ادارة نادى الهيئة أن تدعيم هيئة النيابة الإدارية يأتى لأن الثورة المباركة قد كشفت عن حجم الفساد المتراكم كالجبال الراسخات نتيجة تقليص دور النيابة الإدارية. ومن ثم وحتى يمكن القضاء على الفساد الإدارى والمالى فى أجهزة الدولة والقضاء عليه منذ اللحظة الأولى لميلاده يجب تدعيم هذه الهيئة القضائية المختصة بمكافحة الفساد من خلال التشريعات اللازمة والكافية.. إضافة إلى أن الأممالمتحدة أعدت اتفاقية لمكافحة الفساد فى عام 2003 ووقعت جمهورية مصر العربية على هذه الاتفاقية فى عام 2005 ومن ثم صارت الدولة المصرية طرفًا فى هذه الاتفاقية وتلتزم بأحكامها باعتبار أن هذه الاتفاقية صارت - بعد التوقيع عليها - جزءا لا يتجزأ من النظام القانونى المصرى. ويرى نادى النيابة الادارية الذى يقود حملة استقلاله أن الطرق التى تمكن الهيئة من أداء دورها من الناحية القانونية وذلك من خلال نص دستورى واضح خاصة أن دستور 1971 والمادة 117 منه والإعلان الدستورى فى 30/3/2011 المادة 50 تقضى بأن «يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم» ولقد تضمنت محاضر اجتماع اللجنة التحضيرية لدستور 1971 - لجنة نظام الحكم الاجتماع الثالث عشر بتاريخ 27/6/1971. وسدًا لكل الأبواب يجب النص فى الدستور على هيئة النيابة الإدارية كهيئة قضائية تختص بمكافحة الفساد من أجل تحقيق الاستقلال التام للهيئة خاصة أنها أنشئت بالقانون رقم 480 لسنة 1954 وذلك لتحقيق هدف جوهرى من أهداف ثورة 23 يوليو 1952 وهو مكافحة الفساد والقضاء عليه.. ولقد قطعت هذه النيابة شوطًا كبيرًا فى سبيل أداء رسالتها المهمة والحيوية ولذلك كان لابد من تدعيمها، حيث صدر القانون رقم 12 لسنة 1989 بإضفاء الصفة القضائية على هذه الهيئة صراحة منعًا للتشكيك فى كيانها القضائى كمحاولة لإضعاف دورها المرسوم لها قانونًا، وأصبح للهيئة مجلس أعلى - على غرار مجلس القضاء الأعلى - يختص وحده دون غيره بالنظر فى جميع شئون الهيئة وأعضائها ويؤخذ رأيه فى جميع مشروعات القوانين التى تتعلق بالهيئة، وأصبحت أيضًا لهيئة النيابة الإدارية ميزانية مستقلة أسوة بالقضاء ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وفى شأن تنفيذ هذه الميزانية تكون المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية سلطات واختصاصات كل من وزير المالية ووزير التنمية الإدارية. ورغم كل ما سبق والذى من شأنه أن يؤكد استقلال هيئة النيابة الإدارية تمامًا عن السلطة التنفيذية، إلا أن القانون المنظم للهيئة رقم 117 لسنة 1958 تضمن بعض نصوصه عبارات من شأنها أن تفيد تبعية الهيئة لوزارة العدل وعلى نحو يدعو البعض إلى النيل من هذا الاستقلال. ويعمد هذا البعض إلى إثارة هذه التبعية فى بعض المناسبات الوطنية التى تشارك فيها هيئة النيابة الإدارية أداء لدورها وواجبها الوطنى مثل أعمال الاستفتاء والانتخابات وغيرهما.. إضافة إلى أنه بقصد كف هؤلاء عن الاستمرار فى الطعن فى استقلال هذه الهيئة القضائية. فإن مجلس إدارة النادى ارتأى العرض عليكم للتفضل بالموافقة على إصدار مرسوم بقانون وفقًا للصلاحيات المقررة لكم بموجب المادة 56 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30/3/2011 وذلك بحذف كل العبارات التى تفيد بتبعية هيئة النيابة الإدارية لوزير العدل. وأن يكون المجلس الأعلى للهيئة هو السلطة المختصة فى هذا الشأن طبقًا للمادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1958 لتنظيم النيابة الإدارية. ومن جميع النصوص يبين أن أعضاء النيابة الإدارية يباشرون أعمالاً هى ذاتها التى يؤديها أعضاء النيابة العامة والمغايرة بينهم ترجع إلى طبيعة الدعوى فقط ..لأن أعضاء النيابة الإدارية هم الذين يتولون مباشرة التحقيق مع الموظفين المتهمين بارتكاب الجرائم التأديبية وهذا التحقيق هو أولى مراحل تحريك الدعوى التأديبية والتى يعقبها رفع الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية وهذا الدور يتطابق مع دور النيابة العامة فى شأن تحريك ورفع ومباشرة الدعوى الجنائية.. ولهم أيضًا سلطة تفتيش الأشخاص والمنازل للمتهمين فى الدعوى التأديبية فضلاً عن تفتيش أماكن العمل المختلفة وفق المادة التاسعة.. كما لهم أيضًا سلطة وقف الموظف المتهم عن العمل. والوقف بحسبانه إبعاد الموظف عن العمل وإسقاط ولايته الوظيفية مؤقتا بقصد المحافظة على الأدلة وعدم تمكين المتهم من العبث بها ومحاولة طمسها وعدم التأثير على الشهود وغير ذلك طبقا للمادة العاشرة. ولأعضاء النيابة الإدارية صفة الضبط القضائى فى إثبات الجرائم التى تتكشف لهم أثناء قيامهم بعملهم (المادة 375). وبهذه الصفة فإنهم يتساوون تمامًا مع أعضاء النيابة العامة الذين يكتسبون صفة الضبط القضائى بموجب الفقرة الأولى من المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950. والبادى من هذه النصوص أن أعضاء النيابة الإدارية حال مباشرتهم لواجبات وظائفهم فى نطاق الدعوى التأديبية إنما يباشرون إجراءات قسرية وتنطوى على المساس بالحرية الشخصية من ضبط وإحضار وتفتيش للأشخاص والأماكن وهى فى حقيقتها وجوهرها إجراءات جنائية فضلاً عن الوقف عن العمل المماثل لإجراءات الحبس الاحتياطى.