«الأوقاف»: حملات مكثفة لضبط العمل الدعوي بعدد من المحافظات    محمود فوزي : الشيوخ قام بدور راق في خدمة الوطن    أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2025 بكفر الشيخ    الذكرى ال12 ل 30 يونيو.. الهيئة العامة للاستعلامات تطلق حملة توعوية شاملة: ثورة أنقذت مصر من الفوضى وأحبطت مؤامرة كبرى    بالأسماء.. أوائل الشهادة الإعدادية في كفر الشيخ    جامعة حلوان ضمن أفضل الجامعات العالمية فى تصنيف QS 2025    تراجع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 23 يونيو    البورصة تختتم بارتفاع جماعي وربح 41 مليار جنيه    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    رئيس الوزراء يترأس اجتماع "لجنة الأزمات" لمتابعة تداعيات الأحداث الإيرانية الإسرائيلية    بحوث الصحراء يطلق المرحلة الثانية لمشروع التنمية الزراعية بجنوب سيناء    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمشروعات تطوير البنية الأساسية بقرى مارينا    محافظ أسيوط يتفقد تطوير طريق "نجع سبع – منقباد" ويناقش إنشاء كوبري بديل (صور)    الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليونان: استمرار العمليات العسكرية قد يدفع بالمنطقة لموجة جديدة من عدم الاستقرار    وزير خارجية إيران: ناقشت مع بوتين الوضع في الشرق الأوسط بالتفصيل    زيلينسكي يصل بريطانيا للقاء الملك تشارلز وستارمر    السيسي: نؤكد أهمية أداء الأمم المتحدة لدور محوري في تحقيق السلام    البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيون قد يسقطون النظام    كيف تسير الرحلات الجوية في المنطقة وسط استمرار المواجهة الإسرائيلية الإيرانية؟    مدرب العين: الخسارة ب5 و6 أهداف؟ كنا نعلم مستوى منافسينا وندرك الفوارق    قائمة المتنافسين على 12 مقعدًا في دور ال 16 بكأس العالم للأندية| الترجي والهلال والأهلي    ألونسو: فالفيردي يذكرني بجيرارد.. وليس عليك أن تكون مهندسا لتعرف ذلك    بنك saib يهنئ مورا حكيم و ليلى النمر لحصولهما على المركز الثالث في بطولة FIP Bronze للبادل    لاعب باتشوكا: وصفت روديجر ب"الجبان" فقط.. ومدربه: يمكنني القول إن هذا لم يحدث    مصدر يكشف مصير أحمد فتوح مع الزمالك بعد أنباء رغبته في الرحيل (خاص)    "صفقات تعدي المليار وناس واخده زوجاتهم".. مجدي عبدالغني يفتح النار على لاعبي الأهلي    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين لاتهامهم بسرقة منزل بالمنيا    مصرع طالب غرقا في البحر اليوسفي بالمنيا أثناء تعليم السباحة    إشارة تحذيرية.. رفع الرايات السوداء على شاطئ بورسعيد -صور    انهيار عقار بشبرا مصر    حرقه ببنزين في الشارع.. الإعدام شنقًا لقاتل صديقه بالإسكندرية    "يعالجون بالأرواح".. سقوط دجالين خدعوا المواطنين في الإسكندرية    وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان قصر ثقافة نخل    وزير الثقافة ومحافظ شمال سيناء يفتتحان بيت ثقافة قاطية ببئر العبد    قصر ثقافة الجيزة يشهد صالون النشر الثقافي في دورته الأولى.. الأربعاء    سامو زين يكشف سبب غيابه عن البرامج والحفلات| خاص    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    وزير التعليم العالى يضع حجر الأساس لمركز علاج الأورام بجامعة الفيوم    «الدواء» تقدم 4 نصائح لمرضى فقر الدم المنجلي    عبدالغفار: مصر حريصة على ترسيخ شراكات أفريقية مستدامة في المجال الصحي    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز علاج الأورام بالفيوم    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    دار الإفتاء توضح بيان سبب اختيار محرم كبدابة للتقويم الهجري    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    دعاء الحفظ وعدم النسيان لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحان    خيبة أمل ل Elio.. الفيلم يحقق أسوأ افتتاح في تاريخ بيكسار    ألمانيا تحث إيران على «التفاوض المباشر» مع الولايات المتحدة    مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية يدين تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق    صباح الكورة.. ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو و4 أندية تبحث عن مدربين جدد لموسم 2025    تامر حسني يحافظ على المركز الثاني بفيلم "ريستارت" في شباك تذاكر السينمات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    ما هي ردود فعل الدول العربية على الهجمات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية؟    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    سى إن إن: منشأة أصفهان النووية الإيرانية يرجح أنها لا تزال سليمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: مصر في شارع الهرم.!

في شارع كبير – كشارع الهرم مثلا – يستطيع خمسون ميكروباص ومائة توك توك أن يتسببوا في شلل حركة السيارات لساعات، وذلك بأن تصطف التكاتك والميكروباصات في نهر الشارع، في التقاطعات الرئيسية في المنصورية والمريوطية والطالبية والتعاون والمحافظة، فتضطر السيارات إلى السير في الحارة الرابعة على أقصى اليسار، فيتزاحم المارة مع سيارات النقل والملاكي والأجرة والأوتوبيس، ويختنق المرور ويغادر أمين الشرطة الوحيد في كل تقاطع ليجلس في ظل شجرة، أو خلف حائط منزل بعيدا عن الزحام..هذا بالضبط هو الموقف في مصر الآن.

في استطلاع رأي أجْرته إذاعة وتلفزيون البي بي سي هذا الأسبوع، كان السؤال المطروح هو: هل تمثل جبهة الإنقاذ في رأيك مطالب الشارع المصري ؟ وكانت نتيجة الاستطلاع كالآتي: 18 ٪ قالوا نعم.. تمثل، و82 ٪ قالوا لا.. لا تمثل ! جبهة الإنقاذ التي ملأت الدنيا صياحا وولولة إعلامية، عن الظلم والقهر والقمع والفشل والخراب في عهد الدكتور مرسي، يرى أقلُ من خُمس المستطلع رأيهم أنها تمثلهم، فأي شارع تحرك جبهةُ الإنقاذ ؟ ومن أجل إنقاذ ماذا قامت هذه الجبهة ؟ ولماذا يهدد زعماؤها بمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة ؟

أذكّر حضرتك ببعض النقاط المهمة في تاريخ المنطقة، في عام 1991 أجريت الانتخابات البرلمانية في الجزائر، وفازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بقيادة عباس مدني بأغلبية المقاعد، ووجب على الجبهة أن تشكل الحكومة، فاعترضت فرنسا؛ راعية الحرية والديمقراطية؛ على نتيجة الانتخابات، وقام كبار رجال الجيش بإجبار الرئيس الشاذلي بن جديد على إلغاء النتيجة فرفض، فأجبره الجيش على الاستقالة، وجاءوا برجلهم محمد بوضياف الذي ألغى الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي، واعتقل أعضاءها وألقاهم في السجون، ثم اغتيل بوضياف على يد أحد أعوانه بعدها بستة أشهر، وجاء اليمين زروال رئيسا، وتلاه بوتفليقة، المهم أن الجزائر لم تقم لها قائمة منذ إلغاء نتيجة انتخابات 1991..

في عام 2006 أجريت الانتخابات في أراضي السلطة الفلسطينية، وفاز الإسلاميون من حماس بأغلبية المقاعد، ورفضت كل الفصائل المشاركة في الحكومة، وشكلت حماس الحكومة في غزة، وبعدها بعدة أسابيع اندلعت الاشتباكات بين فتح وحماس، وانتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي، وفي 2007 قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإقالة الحكومة، وتعيين حكومة سلام فياض، ومن يومها حوصرت غزة، وترسخ الانقسام الفلسطيني بين غزة ورام الله.. ومن يومها لم تقم للقضية الفلسطينية قائمة..

وعَوْدٌ إلى مصر.. جبهة الإنقاذ المصرية تكونت أساسا من ثلاثة مكونات رئيسية: الحزب الوطني المنحلّ ممثلا في السيد عمرو موسى، و(رد انت عليه يا حسين)، ومن يريدون إحياء النظام الناصري بعد موته ممثَلين في السيد حمدين صباحي، والليبراليين العَلمانيين ممثَلين في الدكتور البرادعي، وحول كلٍ من هذه الرموز تجمع المؤيدون والإعلاميون والشباب المؤمن بمبادئهم، ممن شاركوا في ثورة يناير أو لم يشاركوا، وهؤلاء جميعا كانوا يعلمون علم اليقين أن أي انتخابات تُجرى في مصر، ستكون نتيجتها في صالح الإسلاميين، تماما كما حدث في الجزائر 1991، وفي الأراضي الفلسطينية في 2006، ونظرة إلى انتخابات مجلس الشعب المنحل في 2012؛ ستبين لحضرتك النسبة الحقيقية لشعبية بقايا الناصريين، لم يحصلوا على مقعد واحد في المجلس ! وطبعا كان نصيب الحزب الوطني صفر، ونصيب الليبراليين حوالي الخُمس، أي نفس نسبة استطلاع البي بي سي الأخير!

وعندما وجد أعضاء جبهة الإنقاذ أن السلطة التنفيذية أصبحت في يد الإخوان بانتخاب مرشحهم رئيسا؛ بدأت الولولة وعلا الصراخ، ولم يتوانوا عن استغلال كل فرصة للإيقاع بالرئيس الإخواني، فإن رد عليهم العقلاء بأن الحلّ في اللجوء إلى صندوق الانتخابات، كان تهديدهم بمقاطعتها، واتهام الإخوان بتزويرها، لأن الإسلاميين – في زعمهم – يعتمدون على جهل الشعب وأمّيته، ويضحكون عليه بالزيت والسكر، والحقيقة أنهم يعرفون وزنهم ووزن الإسلاميين الحقيقي في الشارع المصري إن أجريت الانتخابات، ولأنهم منفصلون عن الواقع المصري في القرى والكفور والنجوع في الريف والعشوائيات والتكتلات السكانية، بينما الإسلاميون متواصلون مع هذا الواقع، فإن دُعيت الجبهة إلى الحوار؛ قالوا: نتحاور بشروط كذا وكذا، ولا يتحاورون، ويدعون أنصارهم إلى التظاهر والاعتصام لإسقاط النظام.

وبينما يموِّل (مجهولون) (مجهولين) آخرين ليتظاهروا أمام قصر الاتحادية، ويلقوا زجاجات المولوتوف على القصر الرئاسي، ويضربون الخرطوش على رجال الأمن؛ يتبرأ أعضاء الجبهة من هذه الأعمال، هم فقط يريدون إسقاط الرئيس الإخواني ! وليذهب اقتصاد البلاد إلى الجحيم، ولتحترق مصر بأيدي البلطجية، ولتسد الفوضى ويعم الاضطراب، ولتقطع أرجل السياح وتغلق المصانع، ويتعطل الناس ويعاني الشعب، ويختفي الدولار ويغرق الجنيه، ولتشتعل محافظات القناة وتُعزل سيناء عن مصر، ويشيع مفهوم مغلوط للحرية؛ (كل واحد يعمل إللي هو عايزه)..ووو، مش مهم أي حاجة، المهم أن يسقط الرئيس الإخواني، وألا تستقر أوضاع الحكم والأمن والقضاء، لأن هذا الاستقرار يعني المحاسبة على ما ارتُكب عبر ثلاثين عاما من جرائم، لا تسقط بالتقادم.

إن الموقف في مصر الآن كازدحام السيارات في شارع الهرم ! عدة عشرات من سائقي التكاتك والميكروباص تستطيع أن تعطل سيولة المرور في الشارع كله من أجل مصلحتهم، ولا يستطيع المارّة أن يصححوا الوضع، لأن كل ميكروباص أو توك توك به سنجة أو فرد خرطوش، يستخدمها السائق البلطجي وقتما يريد، ورجال الشرطة تواروا في الظل خلف الجدران، لا يأبهون لما يحدث، ينتظرون أن تعود أوضاعهم إلي ما كانت عليه.

إن في مصر الآن من يريدها أن تصبح في 2013 كالجزائر في 1992، أو كغزة في 2007، ولن ينقذها من هذا المصير الأسود، إلا أن يتذكر الرئيس مرسي أن يوم 15 مايو 1971 خُلِّدت ذكراه أيام السادات رحمه الله، ليس كمدينةٍ أو كوبري أو جريدةٍ فحسب.. إسلمي يا مصر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.