أنا اتخطبت لواحد بحبه وهو بيحبني أوي.. هو قريبي من بعيد وكنا بنحب بعض وإحنا اطفال، علاقتنا اتقطعت فترة وكل واحد حب مرة واتنين وفي الآخر رجعنا لبعض تاني واتخطبنا. قبل ما نتخطب هو حكى لي عن ظروف كتيرة وحشة مر بيها، أدت لإصابته بالاكتئاب اللي لسه بيتعالج منه لحد دلوقتي، وكمان ساعات بتيجي له نوبات panic attack. أنا بحبه وأكيد هفضل جنبه.. أنا بدأت أقرا في الموضوع ده وأجمع معلومات لأن أنا ماتكلمتش كتير معاه في الموضوع ده، لكن أنا عايزة أعرف ده ممكن يأثر عليّ إزاي؟ عايزة أعرف أفكاره وحالته في أوقات الاكتئاب دي عشان أقدر أتعامل معاه وقتها، كمان هل ممكن الاكتئاب ده يخليه يفكر ضدي في وقت من الأوقات؟ عايزة أعرف دوري ناحيته وإزاي أكون جنبه وأدعّمه، كمان أنا فضّلت إن محدش من أهلي يعرف حاجة زي دي، رغم إن أنا عارفة إن ده مش هيفرق معاهم في حاجة، لكن أنا حسيت إن دي حاجة خاصة بينا إحنا بس.
nadaelhariri
ابنتي.. أشعر من بين سطورك أنك أنت المنزعجة الخائفة القلقة من اكتئابه، وهذا في حد ذاته يسبب التوتر أكثر لك، وقد يرجع ذلك إلى أسباب اجتماعية رسخت مفاهيم مبالغ فيها حول المرض النفسي والمرضى النفسيين بل والمتخصصين النفسانيين، فرسّخ في أذهاننا أن المريض النفسي غالبا غير طبيعي؛ يتم التعامل معه بحذر؛ قد يقوم بأفعال غريبة أو عنيفة فجأة أو بتدرج. وهناك سبب يعود إلى المتخصصين النفسانيين أنفسهم حين قصّروا في حق إظهار طبيعة وحقائق هذا التخصص، وتنقيح الأفكار المغلوطة والخاطئة حول التخصص ليزيدوا من الوعي السليم للناس بشكل عام، والأسباب متعددة. ولكن عودة إلى تساؤلاتك فأقول لك: إن الاكتئاب يعد المرض رقم 2 على مستوى العالم انتشارا، وهو متعدد الأسباب، فهو مرض فيه جزء وراثي، والجزء الوراثي يكون إما وراثة للاكتئاب نفسه، وإما وراثة للاستعداد للاكتئاب حين تتوافر عوامل تساعد على ظهوره، وكذلك هو مرض يرافق العديد من الأمراض الأخرى كمرض مصاحب، مثل الوسواس القهري أو القلق، أو بعض اضطرابات الشخصية، وقد يكون مرضا قائما بذاته ناتجا عن ضغوط اجتماعية أو خبرات وتجارب مؤلمة ويصحبه أمراض أو أعراض. والاكتئاب نفسه ليس مساحة واحدة، بل هو يتفاوت في الدرجة والشدة، فهناك الاكتئاب الخفيف، والاكتئاب المتوسط، والاكتئاب الجسيم، وبالتالي تتفاوت أعراضه وخطورته، فالاكتئاب عموما يسبب للشخص شعورا عاما بالحزن، وليس الحزن الطبيعي الذي نشعر به حين حدوث أمر مؤلم لنا أو غيره من أحداث مؤسفة.. ولكنه حزن دائم يتغلغل في الشخص ويضع بصمته على شكله وصوته ونظراته، وقدراته العقلية وقدراته النفسية، فنجده يتنهد كثيرا وصوته خامل، أو كأنه كان مستيقظا للتو، يشعر الشخص بكسل يتغلغل في كل شيء، فيتكاسل عن الكلام وعن الصلاة وعن القيام بأي عمل بسيط، يضطرب نومه فيزداد بشكل زائد عن طبيعته، أو يقل عن طبيعته فيحدث له أرق وصعوبة في النوم أو الدخول في النوم، يحدث تغير في الشهية، فقد تزداد الشهية ويقبل على الطعام ويزداد وزنه، وهذا في حد ذاته يزيد من اكتئابه، أو بالعكس عند بعض الأشخاص يؤثر على الشهية فيفقد إقباله على الطعام وكذلك وزنه، يشعر الشخص بأن الحياة بلا طعم، وليس لها أي قيمة. يشعر كذلك الشخص بالدونية وأنه أقل من أي شخص ولا يستحق أي أمر طيب، تفكيره يميل إلى التشاؤم، لا أمل في نفسه ولا رغبة لعمل شيء، وقصدت بالتأثر في القدرات العقلية أنه يضع بصمته على عمليات التفكير، فنجده لا يتمكن من استقبال المعلومات بشكل جيد ولا يخزنها ولا يستطيع استرجاعها بشكل جيد، فنجده ينسى قليل التركيز، ويفكر في أن الموت هو الحل للراحة، فيتمنى الموت أو يراه حلا جيدا لمعاناته. ولأننا اتفقنا أن الاكتئاب درجات فنجد شخصا يتمنى الموت فقط، وهناك من يُقدِم على الانتحار، وقد يأخذ شكلا عضويا أكثر فنجد من يتساقط شعره، أو غيره من تلك الأعراض، وفي حالة خطيبك لم أتمكن من تحديد مدى ودرجة اكتئابه أو أسبابه الحقيقية، ولكن من الواضح أنه يعاني كذلك من القلق، والقلق يأخذ أشكالا كثيرة، منها نوبات الفزع التي تحدثتِ عنها.. وهي نوبات لها أعراض جسمانية مثل زيادة ضربات القلب، الشعور بضيق في التنفس، برودة الأطراف وارتعاشها، وأعراض نفسية كالتوتر الشديد والشعور بأن الشخص يفقد تحكّمه في نفسه، فيتصور وكأنه يدخل على جنون، أو كأن روحه تسحب منه وأنه في حالة احتضار، وهذه الأعراض تتفاوت مدتها، وأطولها مدة لا تتعدى خمسة وعشرين دقيقة ثم يعود الشخص إلى حالته العادية، ولكن تكون النوبة قد تركت تصورا بأنها قد تعود في أي وقت غير معروف للشخص، فنجد أن بعضهم يتجنب الخروج، أو يتجنب الاختلاط حتى لا يراه الناس على هذه الحالة. والنوبات كذلك تتفاوت في الشدة وعدد مرات التكرار ، وحتى لا تنزعجي دون داعٍ أكرر لك أن طبيعة الشخصية ومدى تماسكها والبيئة التي تحيط بها له دور في تفاوت تلك النوبات، وكذلك الاكتئاب -كما أوضحت لكِ- أنه ليس شكلا واحدا أو درجة واحدة، وكل الأعراض التي حدثتك عنها فيها تفاوت كبير بين مرضى الاكتئاب، إذن معرفتك بأن تلك الأعراض هي أعراض غير متعمدة ستجعلك تتعاملين معه بلا لوم أو عتاب أو تأنيب، فلو تكاسل أو لم يرغب في شيء ليس عائدا لضعف حبه أو قلة اهتمامه، ولكن النسيان وقلة التركيز وعدم الرغبة في عمل شيء حتى الصلاة من أعراض الاكتئاب. من المهم من وجهة نظري أن تذهبي معه إلى طبيبه، لتتعرفي على تلك الدرجة وفهم ماهية اكتئابه وسبب علاجه لفترات طويلة من الاكتئاب، فالاكتئاب اضطراب نفسي يظهر نتيجة عدد من المراحل يمر بها الشخص تبدأ بالتفكير، أو ما نسميه التفكير السلبي، أو الأفكار الأوتوماتيكية، فمن المهم أن يتم علاجه علاجا نفسيا وسلوكيا ومعرفيا حتى تنكسر تلك الحلقة المفرغة، وأتصور أن يكون دورك هو مناقشة الأفكار السلبية لديه ليدرك سلبيتها وخطئها، فتتغير منظومة التفكير السلبي الذي ينتهي بالاكتئاب، ولا أستطيع الحكم على مدى قدرتك في تلك المهارة. ولكن الاعتماد على الدواء فقط لن يعالج المشكلة ولكن يساعد على علاجها والتخفيف من أعراضها، فمن المهم أن تتأكدي أنه يعالج بجلسات نفسية ومعرفية بجانب الدواء، وهناك الكثير من التدريبات التي تتعامل مع الإرادة وطريقة التفكير يمكنك الاضطلاع عليها، خصوصا بنوبات الفزع قبل وأثناء وبعد النوبة تخفف كثيرا منها بالجهد والدأب.. أما رأيي الشخصي الذي لم تطلبيه وأتبرع أنا بقوله، هو أنني أفضّل أن يبدأ العلاج المعرفي والسلوكي قبل الزواج، لأن كثيرا ما يتصور الشخص أو غيره بأن الاكتئاب قد يذهب بالزواج والفرح وغيره، والحقيقة أننا وجدنا أن من يتزوج وهو على درجة معينة من الاكتئاب يزداد حزنه، لأنه لا يتمكن من الشعور بالسعادة في وقت يفرح فيه الناس كلها، ويصعب عليه تقديم العطاء المطلوب في الحياة الزوجية، فلتأخذا معا قرار العلاج السليم وتبدءان فيه حتى يدخل معك الزواج بشكل مختلف، خصوصا أن الاكتئاب -حسب شدته- يؤثر على الرغبة الجنسية للمكتئب. هيا لا تتأخرا ولا تضخما الأمر عما يستحق، ولا تستهينا به عن حقيقته، والذي سيحسم ذلك الطبيب المتخصص، فاجعليه أولى خطواتك للتعامل الجيد معه.