السلام عليكم أسرة "بص وطل"، أنا بعتّ لكم كتير في كذا موضوع، وده والله من كتر ثقتي فيكم. أنا عندي مشكلة فيّ مش عارف إيه هي، بس أنا بقالي فترة بييجي لي تهيؤات كتيرة تعبت أوي منها، يعني من تقريبا 6 شهور والتهيؤات دي بتيجي على فترات، يعني ساعات باحسّ إني وأنا صاحي كأني في حلم مش صاحي، بابقى مش حاسس باللي حواليّ خالص. وساعات باحس نفسي باموت، وإني باطلّع في الروح، وقلبي يضرب جامد، وما أعرفش أتنفس، وساعات أحس إنه فيه جنّي أو عفريت جاي عليّ، وباحس في الوقت ده إنه آه فيه حاجة لمستني، بس مش بابقى عارف هي قشعرة في جسمي، فباشك إن حد لمسني، بس كل الحاجات دي بتيجي لي كل ما آجي أنام. أنا خلصت كلية وقاعد في البيت، وكنت بحب واحدة وبنتخانق كتير، وأخويا الله يرحمه كنت مرتبط بيه أوي مات، فمش عارف كل الحاجات دي مأثرة عليّ وعندي اكتئاب ولا إيه؟ بس أنا كل الحاجات دي أما بتيجي لي باحس بخوف غريب أوي وباحس جسمي يرتعش، وإني عايز أعيط. باحس إنه مش هيطلع عليّ صبح كل يوم بانام، لحد ما تطلع الشمس علشان بقيت باتعقّد لما أنام بالليل، التهيؤات دي بتحصل على فترات، أسبوع آه وأسبوع لا. مع العلم إني الحمد الله كنت مش باصلي بس بقيت مواظب على الصلاة في الجامع حتى الفجر بانزل أصلّيه في الجامع. أنا عندي 23 سنة ومخلّص كلية حاسبات ومعلومات، مش عارف الكلية لسعت في مخي ولا إيه؟ بس والله أنا باحس ساعات إني مجنون وإن دماغي بتهرب مني، وباحاول أجمعها مش باعرف. يا ريت تساعدوني أنا خايف أروح لدكتور نفساني؛ أحسن أطلع مجنون ولا هو يجنّني ولا حاجة. وكمان فيه حاجة تانية بقى، عندي كره غريب للدنيا، مش حاببها ولا حابب أي حاجة فيها، وأستغرب أوي على اللي ناس بتعمله في بعض واللي بيحصل في البلد والانتخابات وكل ده، مش عارف دول مجانين ولا إيه؟ بس أنا كنت بحب أتابع كل الحاجات دي، دلوقتي كل ما أبص عليها باحس إنها هبل أو اشتغالات. هو أنا عملت معاصي وذنوب كتير بس الحمد الله بطّلتها كلها، وكانت من قريب مش بعيد، كمان كنت على علاقة ببنت كأننا متجوّزين بس إحنا مش كده، وكنت باشرب حشيش وساعات بانجو، مش عارف الحاجات دي لحست مخي ولا إيه؟ كل الحاجات دي اللي عملتها دلوقتي باقول إزاي أنا عملتها؟ أنا مش كده، بس آهي حصلت. أنا دلوقتي نفسي أرتاح من التهيؤات دي، وآه باشوف أحلام مزعجة أوي، باصحى مخضوض من النوم، ساعات باشوف إني عملت حادثة فباقوم مخضوض، أو حد بحبه ربنا افتكره. أنا زهقت والله من اللي أنا فيه، بقيت بانام كتير أوي أول ما باعرف أنام علشان بقيت باخاف لما آجي أنام تاني ما أعرفش، يا ريت تردوا عليّ بسرعة، حتى أنا ممكن أكون ما قدرتش أوصف لكم اللي أنا فيه، بس هو أنا تعبان أوي أوي، كل حاجة باحسّها حلم، باحس إني ميت بس عايش. أنا طوّلت عليكم أوي بس أنا أول مرة أطلّع اللي أنا حاسّه، مستني ردكم شكرا.
butchi
اطمئنّ يا ولدي فأنت لست مجنوناً ولا تتعرض لحالة احتضار؛ فما تعانيه هو ما يُعرف علميا باسم "نوبات الهلع"، ونوبات الهلع قد تأتي بعد حدث صادم للشخص -وفاة أخيك- أو بسبب حالة قلق عام يصحبها نوبات هلع، وهناك حالات اكتئاب -واضحة المعالم لديك- تصحبها نوبات هلع.. على أية حال إذن، ما تتحدّث عنه له أصل في المجال النفسي بلا شك، وتعالَ معي أحدثك عن المشاعر التي تنتاب من يتعرّض لنوبة هلع كما يقول الكتاب، لترى بنفسك أنك لست مجنوناً؛ فنوبات الهلع هي نوبات متكررة من القلق الشديد تتباين أعراضها من شخص لآخر، ولكنها تتفق في غالب الأحيان بخفقان في القلب، ألم في الصدر وأحياناً بالبطن ودوخة وإحساس باللاواقعية، اختلال الشعور بالذات، تغير الإدراك بالواقع، الشعور بفقدان السيطرة والقرب من حافّة الجنون أو الموت (طلوع الروح) وأحلام مزعجة، برودة في الأطراف، تعرّق... إلخ. أليس هذا ما تشعر به وتراه في أحلامك؟؟ ولكن أصعب ما في الأمر أن بدايتها تكون مفاجئة، وأن تكرارها يجعل الشخص في حالة ترقّب؛ لأنه لا يعلم متى ستأتي مرة أخرى، مما يسبب للبعض الانعزال والخوف من الخروج، وقد يصابون بما يعرف ب"رهاب الساحة"، ولأن كثيرا من الناس حين يتعرضون لنوبة الهلع يتصوّرون أنهم في حالة معاناة من مرض عضوي، ويظلون في حالة تنقّل من طبيب لآخر، ولا يجدون شيئاً عضوياً في القلب أو الصدر أو غيره، فيتصورون أن مرضهم خطير وغير معروف، ولا يتمكّن الأطباء من تشخيصه فيزداد خوفهم، والحقيقة هناك عند الطبيب النفسي دون أن يدروا. ونوبات الهلع نوبات قد تمتدّ لدقائق تصل لعشر دقائق أو ربع ساعة تقريباً، وكما تبدأ الأعراض فجأة تنتهي فجأة، وتكون مصحوبة بحالة من الرعب تجاه تلك الأعراض التي يتخيّل الكثيرون أنها أعراض ذبحة صدرية أو جنون وفقدان للسيطرة أو احتضار لا محالة، إلا أنها تكون نوبة تعبّر عن مدى القلق الذي يعانيه الإنسان، فأصبح جهازه العصبي اللاإرادي في حالة هلع لا يمكن السيطرة عليها رغم المعافاة العضوية تماما. لذا.. البداية الحقيقية في العلاج هي أن تتأكد تماماً أن كل ما تعانيه من أعراض هي أعراض نفسية لقلقك، لا ترتبط بأي مرض عضوي، ثم أن تعلم تمام العلم أن كل تلك المشاعر والأفكار مزيّفة، ثم نأتي للأهم وهو العلاج لما تعانيه نفسياً من القلق الذي عبّر عن وجوده بنوبات الهلع هذه، والعلاج المتكامل لا بد وأن يسري في ثلاثة اتجاهات رئيسية: الأول العلاج الدوائي.. حتى يستريح جسدك المنهك، ويقلل من حدة تلك الأعراض، ويعمل على تعديل الاضطراب الذي حدث في كيمياء المراكز العصبية، وهنا لا بد من التواصل مع طبيب نفسي ماهر يستخدم العلاج المعرفي السلوكي بجانب الدواء. الركن الثاني من العلاج وهو العلاج المعرفي.. أي العلاج الذي يتم عن طريق مناقشة الأفكار أو المعلومات الخاطئة وتصحيحها كما وضحت لك بعضها، فيحدث لك ما يُعرف بالتبصّر بحقيقة ما تعانيه والتعرّف على تفاصيله وخطط علاجه. ثم الجزء الثالث، وهو ما أتصوّره غاية في الأهمية بعد الاستعانة الأولية بالعلاج الدوائي والذي قد يستمر على الأقل ستة أشهر دون ملل أو استهتار، وهو الجزء السلوكي.. وسأعطيك بعضا من ملامحه؛ لتحاول فيه حتى تتواصل مع طبيب نفسي وأخصائي نفسي يُتقن تلك الفنيات والحرفية، وهو في الغالب سينقسم لجزأين: جزء يرتبط بأمور ستقوم بها على المستوى المعرفي والسلوكي أثناء النوبة نفسها، والثاني يكون في الفترات التي تكون بين كل نوبة وأخرى.. وفي الجزء الخاص بأثناء النوبة عليك أن تتمرّن على أن تتذكر أن تقول لنفسك إنها نوبة وستنتهي بعد ربع ساعة على الأكثر كما انتهى غيرها، وسأكون أفضل كثيراً، وتذكّر أنك كنت تتخيل أنها مقدمة للجنون أو الموت أو الذبحة، ولكن أبداً لم يحدث ذلك؛ فهي نوبة خادعة وستنتهي كما انتهت قبل ذلك مرات ومرات فلا موت ولا جنون. تعلّم أن تتنفس تنفّساً صحياً ببطء وبهدوء بحيث يكون 8 مرات في الدقيقة، وكذلك يمكنك تغيير وضع جسمك بحيث يكون في حالة ارتخاء، وعليك أن تشتت تركيزك عما يحدث بداخلك لما يحدث حولك؛ كالنظر لمن حولك وتخمين وظائفهم لو أنت بالخارج، أو التفكير بشيء سارّ جداً لك، أو التركيز الشديد فيما يقوله من حولك... إلخ. يمكنك كذلك القيام بسلوك يشعرك بالثقة بالنفس فبعض الناس يحكمون قبضة اليد، أو يرفعون رؤوسهم لأعلى، أو يشبّكون أصابعهم، والبعض يتوضّأ، والبعض يصلّي. أما فيما بين النوبات بعضها بعضا، فأول ما يجب عليك أن تدركه أن استمرار تلك الفترة بنوبات الهلع المتكررة قد قمت فيها دون وعي بربط رد فعلك للنوبة بأنك تستسلم لتلك المشاعر المصاحبة لها، لذلك عليك بكسر هذا الارتباط بين فترات حدوث النوبات؛ بأن تتخيل مرورك بنوبة ولكنك تتصرف أحد التصرفات التي اقترحت بعضها عليك، وكلما وجدت نفسك في حالة قلق اخرج خارج التخيل ثم عاود من جديد لتتقدم خطوة، ثم اخرج وعاود من جديد بخطوة إضافية، وهكذا حتى تتمكّن من تخيل نوبة كاملة وردّ فعل كامل لما تحبّ أن تكون عليه أثناء النوبة، وكذلك احتفظ بنوتة صغيرة تخصّ تسجيلك للنوبات بشكل تفصيلي مثل: تفاصيل مشاعرك أثناء النوبة، متى حدثت؟ أين؟ كنت مع من؟ ماذا كنت تفعل قبل النوبة مباشرة؟ ماذا كان يدور بخاطرك أثناء النوبة؟ وبعد مدة ستجد أن هناك أفكاراً تتكرر وهي ما نسميها "الأفكار الساخنة" والتي ستجد تكرارها وشدّتها أكبر من غيرها، وستكون مفيدة مع المتخصص النفسي ليناقشها معك ويضع يده على موطن الخلل فيها ليصلحه، وحاول الابتعاد عن شرب الشاي والقهوة، والإكثار من تناول الخبز الأسمر، والفاكهة؛ لغناهم بفيتامين "ب"، والتعرف على معينات النوم المنتظم والهادئ. هذه بعض الاقتراحات التي قد تحاول القيام بها حتى تتواصل مع طبيب نفسي؛ وتذكّر دوماً أنك لست الوحيد الذي يعاني نوبات الهلع، فلقد أثبتت الدراسات أن هناك من 4-6% من البشر تعرضوا لنوبة هلع ولو لمرة في حياتهم، ومنهم من تتكرر معه، وأن تلك النوبات على ثقل ظلّها إلا أنها بسبب ما أشعرتك بالرهبة فقد جعلتك تبتعد عن الحشيش والبانجو والزنا، والبُعد عن الله سبحانه وتعالى. فلتحتفظ بتلك النعم وتدعو الله تعالى أن يتمّ عليك نعمه وأن يعينك على الشفاء؛ لتخرج للحياة من جديد يا ولدي بقلب ثابت وطاهر يذكر ربه ويأخذ بالأسباب ليستحق لقب إنسان.