السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا في مشكلة كبيرة أوي، مشكلة سدّت كل أبواب الفرحة قدامي، وأتمنى إنكم تساعدوني فيها؛ لأني بجد باموت من الحزن، ونفسي بجد أفرح ولو مرة من نفسي؛ علشان أقدر أكمل في الدنيا دي. مشكلتي باختصار إني كنت بحب واحد قريبي أوي وهو كمان كان بيحبني أوي، كانت طباعنا زي بعض في الطيبة والهدوء وكل حاجة، حبيته من كل قلبي، وكنت بانسى همومي كلها بمجرد إني أسمع صوته، كنت طايرة من السعادة.. اتفقنا على الزواج وبالفعل اتقدم لي ووافقنا عليه، رغم إني كنت أعلى منه في التعليم بكتير، وباشتغل كمان شغلانة مرموقة، بس مع الأسف الوظيفة دي كانت هي سر تعاستي؛ لأنه هو من محافظة بعيدة أوي عننا، ووظيفتي دي صعب جدا النقل فيها، وسألت في شغلي قالوا لي ماينفعش أنقل، عرضنا عليه إنه ييجي يعيش عندنا ويشتغل عندنا، هو كان مستعد ييجي علشاني بس أهله وقفوا له وخلوه يسيبني غصب عنه، وضغطوا عليه كتير لحد ما خلوه يخطب غيري.
الكلام ده كان من سنتين.. والمشكلة إني مش قادرة أنساه أبدا ولو لحظة، رغم إنه تخلى عني وخطب غيري، أنا باموت في اليوم مليون مرة، وحاسة إن الدنيا كلها بوسعها ضيقة أوي عليّ، كل حاجة جوايّ حلوة راحت والفرحة ماتت جوايّ، مابقتش أي حاجة تفرحني، كل يوم أعيش على أمل إنه يرجع لي تاني، أنا انكسرت بجد وحاسة إني أتعس واحدة في الدنيا، ومستغربة.. إزاي بعد حبنا ده كله قدر يخطب واحدة غيري، وينساني ومايحاولش مرة واحدة يطمئن عليّ ولو بالكدب؟! بس اوعوا تقولوا لي أنساه؛ لأني مش هاقدر.. يا ريت تساعدوني وتقولوا لي أرجّعه إزاي ليّ علشان سعادتي ترجع لي من جديد.
أنا مش قادرة أحب أي حد.. أستحلفكم بالله تساعدوني علشان ترحموني من العذاب اللي أنا عايشة فيه، وجزاكم الله خيرا.. أرجو سرعة الرد لأني أشعر إني من كتر الحزن هيجرى لي حاجة، فرحوني ربنا يفرحكم يا رب، وفيه حاجة مهمة أوي نسيت أقولها، هي إني حاولت أسيب شغلي علشان أتجوز الإنسان اللي بحبه وبيحبني؛ بس أهلي رفضوا وقالوا لي إن الشغل هو مستقبلي.. الظاهر إني مش من حقي أحب ولا من حقي أفرح ولا أتجوز زي كل البنات، أنا كل يوم بيعدي عليّ وزني بيقل وبضعف، ونفسي في بارقة أمل تنقذني من اليأس اللي عايشة فيه.. نفسي أفرح يا رب..
h.m
أتمنى لك صديقتي أن تفرحي وتستعيدي سعادتك وحيويتك مرة أخرى، وهذا بالتأكيد سوف يحدث وبإمكانك؛ لأن الإنسان هو الذي يبحث عن السعادة، وهو الذي يستطيع أن يحاول بقدر إمكانه ألا يضيّع لحظات عمره القصيرة في البحث عن شيء ضاع منه لو وجده لزهد فيه.
وهذا عزيزتي يحمل جزءا أساسيا مما تشعرين به، ألمك الصارخ ينتج عن شعورك أن حبيبك تركك بعدما قبلته وأحببته؛ رغم أنك أفضل منه في التعليم وفي الوظيفة المرموقة.. وأنا أقدّر لك هذا الشعور؛ لأن المرأة لا تحب أن ترفض ولا تنسى الرجل الذي رفضها رغم تفوقها عليه، وتركها دون حتى أن يسأل عنها أو يندم حياته كلها، وهذا من شأنه أن يجعلها تشعر بعدم الحياة، وربما تمنت أن يتذلل للرجوع إليها حتى ترد كرامتها الجريحة.
لو فكرتِ جيدا لوجدت أن سعادتك في ابتعاده عنك؛ لأن ما حدث كشف لك عن جوانب عميقة خفية، فإذا استمرت العلاقة لكانت تعاسة لك في عمرك كله، والله يقول: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ}.
وهذا لأن إرغام أهله على الزواج من أخرى بذلك الضغط على رجل المفترض أن له قراره وشخصيته لا يتأتي إلا:
- عن ضعف شديد في شخصيته، وهذا كان من الممكن أن يجعله غير جدير باحتوائك كرجل، أو ملائمة طموحاتك وإمكاناتك المرموقة.
- أو أن هذا الغصب والضغط مجرد واجهة لتظهر لكِ أنه ضحية وتكون رغبته في الأساس متفقة مع رغبة أهله، أو أن مشاعره لم تصل إلى الدرجة التي يمكن أن يبذل طاقته للحفاظ عليها.
وبعد هذا كله هل يستحق الأمر أن تهدري كرامتك ولن تحصلي عليه في النهاية؟! وهل يستحق أن تجعلي شخصا استغنى عنك يرى كم أنت ضعيفة؟! وهل تستحق تلك المشكلة التي في ظاهرها فقط تبدو لكِ حزنا أن تغلقي بها عينيك عما يدخره الله لكِ من خير وسعادة أفضل بكثير من هموم وعقبات وآلام حماكِ الله منها؟! فلو علمتِ الغيب لاخترتِ الواقع.
لذا فأنا أخشى عليكِ أن ترهقي نفسك في الآلام بشكل يفسد عليك كل السعادة، والأفضل أن تأخذ أحزانك وقتها حتى تهدئي تماما وتجلسي مع نفسك بشكل أصفى، وتتذوقي حلاوة القرب من الله الذي لا يغفل عن تفاصيل حياتك، والذي سيعطيك الهدوء والسعادة والقوة والأمل عندما تعلمين أن كل مشكلة تمرين بها كلها خير، وسيعوضك الله عن كل لحظة تعب مريتِ بها، وسيأتيك بالإنسان الذي يلائم مكانتك ويقدر مشاعرك ويتمسك بها ولن يستغنى عنك أبدا كما فعل غيره بسهولة عند أول عقبة في بداية الطريق.
وتذكري يا عزيزتي.. أن أهلك هم أكثر الناس خوفا عليكِ ويتمنون لك أفضل مكانة، لكن ما يبدو لك من بعض القسوة ربما أتى من عاطفتك الثائرة وتمسكك الذي لا تريدين لأحد أن يكسره، أو من لغة الحوار بينك وبينهم التي يمكن أن يكون فيها بعض من الشدة في ظاهرها، ولكنها تحمل كل الرحمة في داخلها.
صديقتي الغالية.. لا تحاولي استرجاع شريط الذكريات دوما؛ لأنه سيعكر حياتك دون داعٍ، لأن هذه البداية السعيدة ليست دليلا أبدا على أنها ستستمر على نفس الوتيرة، كذلك كلمات الأغنيات التي تهيئ لك الاعتقاد بأن الحبيب هو الحياة، وأن نسيانه مستحيل وغيرها من الكلمات ستقنعك أنك فعلا أسيرة داخل هذه القصة.
يمكنك مثلا استبدال كلمات مثل "لا أشعر بالسعادة إلا معه، لا أستطيع أن أنساه"، بعبارات أخرى مثل "هذه فترة حزن مؤقتة وسأستعيد بعدها شخصيتي المرحة والقوية، لأنني أقوى من هذه المشكلة، وهي تحدٍ لي لإثبات قدرتي على تجاوزها، ولن أدعها تهزمني، وسأستغلها لأصبح أكثر نضجا وثباتا".
وأؤكّد لكِ أنكِ ستعبرين المحنة وستستعيدين تألقك، وسيثبت لك الزمن أن ما حدث كان أفضل مما تتمنين، كوني قوية وثابتة على طريق الله وسيعوضك الله لا تقلقي أبدا.