قالت محكمة الجنايات برئاسة المستشار بشير عبد العال في حيثيات حكمها في قضية تصدير الغاز لإسرائيل إنه بعد الاطلاع على أوراق القضية قد ثبت في عقيدتها أن واقعات الدعوى حسب ما استقر في يقين المحكمة، واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات ابتدائية ونهائية وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تخلص إلى أننا أمام جريمة متتابعة الأفعال اتحد فيها الغرض الإجرامي لدى المتهمين جميعهم وجعلت من أفعالهم المتعددة مشروعا إجراميا واحدا. وأكدت المحكمة أن الجريمة شنعاء قد خطط لها جميع الحاضرين منهم والغائبين، فأضحت نموذجا إجراميا فريدا في أشخاصه وجرائمه.. أشخاص حمّلهم الله أمانة عرضها على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها. تبارى المتهمون لإهدار ثروات مصر أوضحت المحكمة أن أفئدة قد مرضت، وآثروا الحياة الدنيا رغم أن الآخرة خير وأبقى، وتفانوا وتباروا في إهدار تلك الثروة القومية، وبيعها للعدو قبل الصديق.. باعوها لعدوّ احتل الأرض وذبح الأبناء واستحيى النساء.. عدوّ كان وما زال يتربص بنا الدوائر.. عدوّ استولى عنوة على ثرواتنا في سيناء ونهبها قرابة 6 سنوات، ولما أجبر على إعادتها عندما أوشكت ثرواتها على النضوب وضعنا يدنا في أيديهم الملطخة بدماء شهدائنا، وتناسينا عن عمد ما فعله وما يفعلونه. وواصلت المحكمة سرد حيثياتها: "ليت الثمن كان مجزيا بل كان للعدو.. نقود معدودة كان إهداء الغاز الطبيعي للعدو من باب النخوة التي يُعرف بها المصريون أكرم من بيعه بما يسمى ثمنا. وعندما اكتملت خيوط المشروع الإجرامي لدى المتهمين بدأوا في نسجها عاملين متعمدين عن بصر وبصيرة وقناعة، فانطلقوا سهاما مسمومة لتستقر في تلك الثروة القومية الناضبة، فاتفقوا على هلكتها مجتمعين، ولكل منهم دور قاتل محدد.. وظهرت أولى تلك خطوات الخطة الإجرامية بخطاب شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز المؤرخ في 2 إبريل 2000 أرسله المتهم حسين سالم الذي يمتلك 70% من أسهمها ويرأس مجلس إدارتها إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول يخبره فيه أنه قد صدر القرار رقم 1020 لسنة 2000 من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بالترخيص بإنشائها. وأصدر المتهم الأول سامح فهمي الأمر المباشر ببيع الغاز الطبيعي المصري لشركة حسين سالم؛ لتصديره لكل من تركيا وإسرائيل، ويكون هو الآخر وضع عدة لبنات للمشروع الإجرامي الذي انتواه. وتناسى المتهمون عن عمد قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر بتاريخ 12/ 4/ 2000 والذي اعتمده فهمي في ذات اليوم، والذي ما كان منه إلا أمرا مباشرا ببيع الغاز الطبيعي المصري لشركة سالم، ولم يذكر أي منهما تعليلا أو فلسفة لإهدار هذا القرار الذي أقرّ سعر بيع الغاز بدولار ونصف دولار بحد أدنى ودون سقف؛ بحسبانه سعر الأساس الذي يتعين عدم النزول عنه حتى لو وصل سعر خام البرنت إلى صفر بل يزيد بزيادة الأخير. وأيضا تجاهلوا عن عمد الدراسة التي أعدّها الشاهد الثاني إبراهيم كامل في مارس عام 2000 بناء على تكليف المتهم الأول له بإعداد دراسة سعرية عن تكلفة إنتاج الغاز في مصر خلال 20 عاما لكل حقل غاز على حدة في الماضي والحاضر والمستقبل المحتمل عند 18 دولارا لبرميل خام برنت، ورغم أن الدراسة لم تحدد سعر التكلفة والبيع للوحدة الحرارية فإنها انتهت إلى أن متوسط تكلفة إنتاج الغاز من الحقول المصرية حوالي دولار ونصف دولار لكل وحدة حرارية عند سعر 18 دولارا لبرميل خام برنت، ويزيد سعر الأخير بناء على المعدلات السعرية بشراء حصة الشريك الأجنبي من غاز الربح واسترداد المصروفات ودون سقف للمعادلة. حيثيات البراءة وحول حيثيات براءة حسين سالم من تهمة التفاوض مع دولة أجنبية للإضرار بالمصالح القومية جاءت البراءة تأسيسا على أنه لما كان من المقرر أن المفاوضة هي إجراء دولي يتم فيه تعبير دولتين أو أكثر عن وجهة نظرهما تجاه مسائل معينة بقصد الوصول إلى اتفاق دولي بشأنها، وهي تعبير عن إرادة دولة، وهي في الأصل تكون لرئيس الدولة أو من ينوب عنه، وهذه الإنابة تحتاج إلى أوراق تفويض فيما عدا رؤساء الدول والحكومات المعتمدة لدى الدول التي يتم التفاوض بها مع ممثليها، ولما كان ذلك رأيا تاما كان وجهة النظر القانونية في توصيف ما أطلق عليه مذكرة التفاهم أو البروتوكول المؤرخ في تاريخ 30 سبتمبر.