[شوقي السيد: مقترح البرادعي تخاريف سياسية] شوقي السيد: مقترح البرادعي تخاريف سياسية أحمد مهاب جاء اقتراح الدكتور محمد البرادعي بأن يكون هناك رئيس مؤقت للبلاد لمدة عام؛ يتم خلالها وضع الدستور، ثم إجراء الانتخابات البرلمانية، ويعقبها الانتخابات الرئاسية؛ حتى تتم الأمور بشكل بصريح، بدلا مما نعانيه الآن من احتمالية بطلان انتخابات مجلس الشعب؛ وبالتالي حلّ البرلمان، وأيضا تطبيق قانون العزل عن طريق المحكمة الدستورية، ومن ثمّ إعادة الانتخابات الرئاسية، ولم تتوقف حالة التخبط عند هذا الحد، بل إنه رغم حالة الصراع على تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور؛ إلا أن الأمر ما زال غير محدد، وهو الأمر الذي يفتح المجال للحديث عن فترة انتقالية أخرى، أو رئيس لمرحلة انتقالية لوضع الأمور في مسارها الصحيح.. فهل يصلح هذا المقترح للتطبيق؟ وما مدى شرعيته وإمكانية تطبيقه؟
في البداية يوضح عبد الغفار شكر -رئيس حزب التحالف الاشتراكي- أننا الآن على مشارف بدء انتخابات الجولة الثانية بمصر بعد انتهائها بالخارج، وقد اختار الشعب وقرّر ونتيجة هذا القرار ما أفرزت عنه جولة الإعادة، وعلينا تقبُّل الأمر والالتزام بالقانون، ولا يمكن الآن التفكير في رئيس مؤقت للبلاد، فرغم جودة الاقتراح؛ فإنه صعب التنفيذ.. فكيف سيتم اختيار الرئيس المؤقت؟ فمرشحا جولة الإعادة لن يسمح أي منهما التنازل على ما حصده بالجولة الأولى، ولا يمكن اختياره عن طريق القوى السياسية من مرشحي الجولة الأولى أو مجلس الشعب أو رؤساء الأحزاب؛ فهم لم يتمكنوا من الاتفاق حول آلية تشكيل لجنة الدستور.. فكيف سيسعون لاختيار رئيس مؤقت ولا توجد آلية محددة لذلك؟! ويكمل: "علينا أن نسمح بتطبيق الديمقراطية حتى لو أخطأ الشعب؛ فيجب تركه ليتعلم، ولا نفرض عليه آراء الصفوة من السياسيين والإعلاميين والمفكرين". ومن جانبه، يرى أحمد بهاء الدين -مؤسس حزب الاشتراكي- أن اقتراح البرادعي يضعنا في مأزق وعودة للوراء عام ونصف بعد الثورة؛ ولكنه ضروري للغاية، خاصة أننا على مشارف بطلان انتخابات الرئاسة والشعب؛ وبالتالي فوضى سياسية وتشريعية، ولم يتبقَ لنا سوى لجنة إعداد الدستور التي ما زالت القوى السياسية مختلفة حول طريقة تشكيلها، وكأننا سوف نضطر للمرور بمرحلة انتقالية أخرى، وبالتالي الانتظار لمدة عام وربما أكثر لتشكيل دستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.. ولكن آلية اختيار رئيس مؤقت لتلك المرحلة الانتقالية هو أمر مستحيل؛ لأن كل قوى سياسية ترى في ذاتها الأجدر والأحق بمنصب الرئاسة، وبالتالي صعب الوصول لرئيس مؤقت وسط حالة الاختلاف والصراع السياسي، لهذا فأفضل لنا الانتهاء من الانتخابات الحالية، ووضع دستور ووجود رئيس للبلاد.
ويعترض دكتور شوقي السيد -أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة- قائلا: "إن مثل تلك الاقتراحات كالتفكير برئيس مؤقت للبلاد هي تخاريف سياسية واختراق للدستورية، فهناك إعلان دستوري تسير طبقا لبنوده الانتخابات الرئاسية، ووصلنا لمرحلة الإعادة، وهذا هو الوضع الدستوري السليم.. أما الحديث على رئيس مؤقت فهو اختراق لشرعية ودستورية الوضع الحالي، وحتى لو حُكِم بتطبيق العزل فالأمر راجع للجنة العليا للانتخابات الرئاسية، فعدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات يعني الفوضى التشريعية والسياسية، وعلى مَن يطرح مثل تلك الاقتراحات أن يراعي الوضع الحساس للبلاد التي بحاجة لرئيس لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد".
ويبرر دكتور جابر نصار -أستاذ القانون الدستوري- أن مقترح البرادعي قد جاء في وقته؛ خاصة أننا مررننا بمرحلة انتقالية فاشلة.. فلا دستور قائم، وانتخابات شعب مهددة بالبطلان، وكذلك الانتخابات الرئاسية؛ لهذا جاءت فكرة البرادعي في التوقيت المناسب للخروج من المأزق الذي وضعنا فيه العسكري منذ البداية؛ حيث الانتخابات دون دستور يحدد الصلاحيات، فمن يتولوا أمر البلاد الآن.. يعرضون الوطن لمشكلات جمة.
ويُكمّل أنه من الواضح أن المجلس العسكري لا يريد تسليم السلطة الآن؛ لهذا فقد تبطل انتخابات الرئاسة والبرلمان وتُعاد الانتخابات ليكتسب العسكري مبررات البقاء مرة أخرى بحجة البطلان، لهذا مقترح البرادعي هو الوسيلة للتخلص من بقاء العسكري، وعلى القوى أن تتكاتف لتطبيقه قبل فوات الأوان، ويأتي رئيس مؤقت لحين إعداد الدستور وإجراء الانتخابات مرة أخرى.