السلام عليكم.. أنا مشكلتي اسمها الرياضة، أنا ببساطة مدمن الرياضة، قد يفكر أحد ما أن هذا شيء إيجابي لكني أحب أن أصل إلى أعلى مستوى، أنا باتمرن يوميا مش أقل من ساعتين، ولو تركتها باحس بنقص وقلة ثقة في نفسي. المشكلة الناس تتعامل معي على هذا الأساس، فألاحظ أن معظمهم يحاول التقرب أو التكلم معي إعجابا فقط بهيئتي خاصة من الفتيات في الجامعة، مع أن هذا ليس هدفي من التمرين، ولاحظت فرقا كبيرا في التعامل عندما تركت التمرين وتراجع مستواي. مشكلة أخرى هي إني أستهلك غذاء يكفي عائلتين، آكل حتى دون الإحساس بالجوع؛ فقط لأجل أن أعوض ما أخسره أثناء التمرين، وكلما أفشل في شيء كالدراسة مثلا أحاول أن أعوض بأن أتمرن زيادة، كأني أحاول أن أعوض النقص في داخلي بمظهري الخارجي. أنا مش عارف لأي مدى أريد أن أصل بس الأمر ابتدى يأثر عليّ. aa.m صديقي العزيز.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إن ما تعانيه هو أحد الاضطرابات النفسية المتعلقة بصورة الجسد وهو يقع ضمن نطاق الوسواس القهري، ويمكن أن يكون له العديد من الأسباب، والتي تمتد جذورها في الغالب لمرحلة الطفولة خاصة فيما يخص ثقتك بنفسك كما ذكرت؛ حيث يعوض الإنسان ما ينقصه من تقديره لذاته وشعوره بالنقص بالتركيز على جانب واحد فقط في الحياة يعطيه التميز ويلفت أنظار الآخرين إليه؛ ليشعرهم بوجوده وأهميته واختلافه وتميزه، فهناك من يكون تركيزه مثلا على المذاكرة دون غيرها مهملا جوانب الحياة الأخرى ولا يسعى إلا للتفوق الدراسي. أما أنت فلقد اخترت التميز الرياضي، وشكل الجسد والأمر لا يختلف كثيرا؛ لأن التفوق في الحالتين على حساب أوجه الحياة الأخرى، كما أنه يعوّض شعور النقص بشكل سطحي ومؤقت، ناهيك عن أنه لا يجلب السعادة لصاحبه، بل على العكس يكدّر صفو حياته بمشاعر القلق التي لا تنتهي؛ ففي أي لحظة يقلع فيها من يمارس الرياضة عن رياضته تكون مخاوفه معتدلة حول زيادة وزنه وتناقص لياقته أو تراجع صحته. أما أنت فمخاوفك ستكون مضاعفة؛ لأنها مرتبطة بذاتك وكينونتك فصورة جسدك تعني لك أكون أو لا أكون، ومن ثمّ فأنت قلق طوال الوقت، ولم ولن تشعر بمتعة في ممارسة الرياضة، والآن ما هو الحل؟!
أنت بحاجة لزيارة الطبيب النفسي لعمل جلسات للعلاج المعرفي السلوكي للتخلص من المخاوف المتعلقة بصورة الجسد التي تعكس مخاوف أعمق تجاه صورتك لذاتك وثقتك بنفسك، وكذلك برنامج علاجي معرفي سلوكي للتخلص من الممارسة القهرية وإدمان الرياضة، والعلاج يهدف إلى الفهم الواعي لكيفية تكون هذه الأعراض، وكيف تكونت لديك الوساوس ووصلت بك إلى هذا الحد.
كما أنه يساعدك على كشف مواطن التفكير السلبي المتعلقة بذاتك والتي أدت إلى انخفاض مستوى ثقتك بنفسك، والربط الخاطئ بين شكل الجسم وتقدير الآخرين لك، مع تعلم طرق إيجابية للتفكير تساعدك على رؤيتك لنفسك بشكل تكتشف من خلاله نقاط القوة في شخصيتك، وكيف يمكن أن يكون لديك مواهب وقدرات في مجالات أخرى تضاءلت تحت وطأة الوسواس القهري وكيف نعطي لها الفرصة والسماح بالظهور حتى تخلق التوازن وتهدأ ثورة الإدمان الرياضي من تلقاء نفسها أي أنك بحاجة ماسة لخلق التوازن بين أوجه الحياة المختلفة مع العلم بأن هذا العلاج قد يحتاج لفترة من ثلاثة إلى ستة أشهر.. وفقك الله لما فيه الخير لك.