أرجو المساعدة أنا لا أعرف لي حياة منذ أن تنازلت عنها، فأنا سيدة أبلغ 30 سنة، منذ عشر سنوات أحببت رئيسي في العمل وكان متزوجا، ولكنني أحببته وكنا طوال الوقت مع بعض لم نفترق إلا على موعد النوم فقط، وحدث بيننا خلوة بعدها جاء بعقد زواج عرفي وطلب مني التوقيع فوقّعت، ولكن ليس أمام شهود، ولكن وجدت أن هناك اثنين وقّعوا عليها فيما بعد. مرّت سنوات ولم أفكر أبدا في هذه الورقة كانت علاقتنا قوية جدا، ثم بدأ يُقنعني بضرورة أن أتزوّج لأنني أكبر في السن، وبالفعل وافقت على الزواج من أحد أقاربي؛ بسبب ضغطه عليّ، وقد ساعدني في الحصول على شقة وتشطيبها، وجاء يوم عقد القران رحت إليه وتوسلت إليه أن يتزوجني هو، ولكنه أبى، وذهبت إلى أهلي وتم عقد القران، وحدد موعد الفرح بعد أسبوعين، كنت ضائعة ومتعبة لأنني أحبه جدا، ولا أقدر على فراقه، ولكنه جاء قبل موعد الفرح بيوم واحد وقال لي أنت زوجتي وزواجك هذا باطل، قال لي تزوجي واطلبي الطلاق بعده مباشرة، وبالفعل تزوجت وبعد عدة أيام من زواجي بدأت أطلب الطلاق، ولكن زوجي هو ابن خالتي يحبني جدا وتحمّل الكثير لكي لا نفترق، ولكن حبيبي هذا أخذ مني وعدا ألا يمسّني زوجي، وقال لي أي شيء يتم بينكما حرام؛ لأن زواجي منه باطل، ولم أكن أستطيع التحدث مع أحد، وظللت مشتتة بينهما. لا أعرف لي طريقا.. هو يقول تطلّقي وأتزوجك؟؟ وأنا أخاف من الطلاق وأخاف من مجرد مواجهة أهلي برغبتي في الطلاق؟ عندما أسأله لماذا جعلني أتزوج؟ يقول إنه لم يكن يحبني واكتشف ذلك قبل زواجي بيوم!! إن زوجي إنسان كويس جدا، وأنا لست كفئا له؛ لأنه كان يستحق إنسانة أفضل بكثير، أما أنا فلا أعرف إلى أين أسير.. الآخر يضغط عليّ ليل نهار أن أطلّق، ولم أعد حتى أطلب الطلاق خوفا على أهلي؛ فأنا أحيا ميتة منذ أن تنازلت عن حياتي؟ أنا زوجة مَن؟ وماذا أفعل؟ F.M الأخت السائلة.. أصابتني رسالتك بهم عظيم وعشت وقتا طويلا في كرب وغم، لما قرأته؛ فكيف بمن عاش كل هذا، وكيف بك أنت وأنت في قلب هذه المأساة التي صنعتها بيدك؛ فلقد أغرقت نفسك في دوامة يعلم الله سبحانه منتهاها، وعنده وحده سبحانه ختامها، فهل تعودين؟ هل تستطيعين؟ هل يقبل الله لك بأن تعودي؟ إننا يا أختي نتخيل أننا من يملك القرار، ومن يستطيع أن يعود في الوقت الذي يختاره، ولكن الأمر خلاف ذلك؛ فإن الله سبحانه هو المقدّر وهو القاهر فوق عباده، وهو الذي أبقى صناديد قريش على كفرهم جزاء ما فعلوه بالمؤمنين، وهو الذي لم يقبل لفرعون أن يتوب أو يعود، فهو القائل سبحانه: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}، وهو القائل: {ثم تاب عليهم ليتوبوا}؛ أي أن الله هو من يتوب على الإنسان ليتقبل منه توبته، وقد ظنّ إخوة يوسف أنهم سيقتلونه ثم يكونون من بعده قوما صالحين، لكن الله لم يُرِد لهم التوبة إلا بعد عمر طويل.. والله عادل ولا بد أن يعرّف كلا بذنبه، ولا بد أن يحاسب على الظلم، ولن يفلت ظالم من عاقبة ظلمه إما في الدنيا وإما في الآخرة.. فاسألي الله أن يعجّل لك عاقبة ظلمك لنفسك ولزوجك المسكين في الدنيا؛ لأنه إن أمهلك للآخرة فالعقاب أليم.. لا أريد أن أقنطك من رحمة الله.. ولا أستطيع أن أغلق باب التوبة في وجهك؛ لأن الله لم يغلقه في وجه أحد، ولكني فقط أبصّرك بشيء عظيم وهو أن الله عزيز.. عزيز يعني أنه ليس آخر خيار، ولا بابه هو الحل الأسهل لمن لم يستطع أن يسلك أي طريق آخر.. فليس معنى أنك لم تستطيعي أن تحصلي على الطلاق من زوجك المظلوم وتذيبي قلب "الشيطان" الذي تحبينه نحوك، فيمكنك أن تعودي إلى الله "وخلاص"! الله أكرم من ذلك وأعزّ من ذلك، لا يقبل إلا من جاءه متوسلا متضرعا تائبا راجعا متذللا نادما على ما كان منه عازما على عدم العودة إلى الذنب من جديد.. وقد لمست في رسالتك رغبة حقيقة في العودة من هذه "الحياة" التي لا تمتّ للحياة بأي صلة.. وقد شعرت بنفس تريد أن تعود للطهارة بعد عمر من السقوط في المستنقع.. ولهذا سقت لك كل هذه الحقائق الصادمة بعض الشيء؛ حتى تعلمي أن طريقك للعودة ليس سهلا، ولكنه طريق إلزامي حتى تتمكني من الحياة بصورة بشرية والتعاطي مع الدنيا كإنسانة تحيا وتشعر وتسعد، وأطالبك وأستحلفك بالله أن تتوقفي عما ترتكبينه بحق نفسك المسكينة التي أوردتها كل هذه المهالك وطعنتها كل هذه الطعنات، لكنك حتى الآن ما زلت تملكين قلبا فيه بقية من رغبة في الحياة والنظافة والعودة من جديد إلى الفطرة.. فلا تقتلي البقية الباقية ولا تخمدي آخر لحظة صحوة تنتابه قبل أن يموت.. لن أعدد لك جرائمك فأنت تعرفينها حق المعرفة، لكني أوضح لك أن قوة العودة إلى الطريق الصحيح لا بد أن تكون بحجم قوة الخطأ أو الأخطاء التي أوقعت نفسك فيها.. ولا تملّي طريق الصواب مهما كان صعبا؛ لأنك سرت طويلا في طريق الخطأ، فلن تكون العودة سهلة.. وسأوضح لك إن شاء العوائق التي ستمنعك من العودة إلى طريق الصواب وكيف تستطيعين أن تتغلبي عليها: 1- قلبك الذي تقولين إنه ما زال يحب "الشيطان".. وأخشى أن يضعف في وقت ما ويحنّ إلى حياة الرذيلة، وساعتها عليك أن تواجهيه بأن الماضي كان كابوسا، وأن هذا الشخص "الذئب" لم يكن أكثر من "شيطان" في صورة إنسان، يرغب في افتراسك وأخذ يتسلى بأكل لحمك والشرب من دمك سنين طويلة لم يؤنبه ضميره مرة، ولم يشعر للحظة بأنك إنسانة لها حق في الحياة.. لقد وجدك فريسة ملقاة في الطريق فلم يفكر فيك كإنسانة فكيف ستفكرين أن فيه كإنسان.. 2- الورقة التي يملكها هذا "الشيطان" سيحاول أن يضغط عليك بها ليعيدك إلى سطوته، وبخصوصها فيمكنك أن تجعليه "يبلها ويشرب ميتها"؛ لأنها ليس لها أي أهمية في الشرع ولا في القانون.. وإن كانت له حياة أخرى فيمكن أن تكون ورقة ضغط لصالحك؛ حتى يخشى الفضيحة في بيته أو عمله فيرتدع عن اتّباع طرقه الشيطانية.. 3- وجود وسيلة اتصال يمكن لهذا "الشيطان" أن يصل لك من خلالها.. وبهذا الخصوص يمكنك أن تقطعي كل وسائل اتصاله بك.. الهاتف ألقي شريحته في أقرب سلة قمامة.. الإنترنت ألغيه تماما.. العمل انسي الطريق التي توصلك إليه.. البيت لا تفتحيه لأحد من طرفه.. اقطعي أي صلة لك بالماضي.. إنها الفرصة الوحيدة المتبقية لتعيشي ما بقي من عمرك وتحسي بنعمة الحياة التي يطمح إليها قلبك وتستحقها نفسك كإنسانة.. تُثنين على أخلاق زوجك وصفاته فأتعجب كيف تفرطين في هذا الحب وهذه الصفات النبيلة، خاصة وقد جربت نموذج الدناءة والجشع والاستغلال والابتزاز في شخصية "الشيطان".. كيف لك أن تتركي الحبل الذي امتدّ لك في جوف بئر عميقة كنت على وشك الغرق فيها بما كنت فيه من ماضٍ أليم.. استغلي الفرصة يا صديقتنا فربما تكون الأخيرة، واعلمي أن الله عزيز وقد مدّ لك يدا وفتح لك بابا فلا تغلقيه على نفسك فلا تخرجي من زنزانة الخطيئة أبدا.. أقبلي على ربك واعلمي أنه يحبك وقد منحك الفرصة للعودة إليه، فأقبلي عليه بكل ما فيك من طاقة، وأحبيه بكل ما في قلبك من قوة حب، واحمديه فقد سترك طول ما فات؛ لأنه يحبك ويمهد لك طريقا للعودة، فأحبيه وقدّري ستره عليك ولا تفضحي نفسك، فليس في هذا مصلحة، ولكن عوّضي زوجك عن خياناتك السابقة بمزيد من القبول والعطاء والتضحية له والبذل في سبيل إرضائه وتحقيق حلمه فيك، فكوني كما يريد؛ لأنه يستحق ذلك وهذا أقل تعويض عما فات.. ولا تلتفتي إلى الماضي، انسي كل ما كان فهذه هي الطريقة الوحيدة للعودة والبداية من جديد.. أرجو أن أكون قد أضأت لك شعاع نور، وأن أكون قد حققت لك شيئا من الإفادة والمساعدة على طريق العودة إلى النور وإلى الله الكريم.. أسأل الله أن يوفقك إلى الخير وأن يكفيك شر شياطين الإنس والجن، وشر نفسك، ويلزمك الصواب، ويهديك إلى الرشاد.. آمين..