السلام عليكم.. أشكركم كثيرا على مجهودكم الرائع، واهتمامكم بمشاكلنا؛ أنا فعلا وحيدة بالرغم من إني أعيش مع زوجي وأطفالي في إحدى البلدان العربية، والتي ليس لي فيها إلا بعض المعارف القليلة جدا، أما عن زوجي فهو إنسان طيّب وخلوق، وقد تزوّجته عن حُب، ولكنه زواج صالونات، ولكني أحبّبته، وضحيت كثيرا من أجل أن يتم زواجنا؛ فقد كانت المشكلات المادية تُحاصرنا، ورفض الكثير مِن حولنا هذه الزيجة، بعدما شعروا بكثرة تكاليف الزواج، وترتّب على ذلك الكثير مِن المضايقات، ومحاولات الإفساد بيننا، ومع الأسف انصاع زوجي في بعض الأحيان لهم، وهو ما لا أستطيع نسيانه لبعض أفراد الأسرة، وأنا أعتبرهم ناس طيبين رغم كل شيء، ولهم كل الحب والمودّة، ولكن مع الحذر من تصرّفاتهم وطباعهم التي لا تعجبني، والتي قد تؤذيني أنا وأسرتي في بعض الأحيان، المهم أنا الآن في عدة مشكلات متداخلة.... أولها زوجي فهو شديد الحب لشغله، لدرجة أنه قد لا يكون مشاركا فعليا في مسئولية البيت والأولاد، إلا بتوصيلنا إلى أي مكان نرغبه، والإنفاق علينا، مما جعلني أشعر بالوحدة والاكتئاب مع غربتي وتحمّلي لكامل مسئولية الأولاد من تربية ومذاكرة، وإذا تدخّل في تربيتهم فهو لا يفعل إلا الشخط والتعنيف فقط، دون أن يُكلِّف نفسه حتى عناء التفكير فيهم، وفيما يحتاجون. ولذلك فأنا أفكّر في اتخاذ قرار بالعودة إلى مصر، والعيش مع أولادي إن لم يستطِع زوجي إيجاد عمل في مصر؛ وذلك لتهيئة بيئة جيّدة لتنمية ذكائهم، فأنا الآن أذاكر لهم في البيت، وأيضا لإيجاد مجتمع يتفاعلون معه بكل مميزاته وعيوبه؛ لكي تصبح شخصياتهم أقوى، فهم هنا لا يستطيعون التعامل بشكل جيّد مع الناس. والمشكلة الثانية هي أيضا زوجي، ولكن مع أهله، فقد تُوفّي أبوه هذا العام، وكان مريضا، وكان يُحبّني، ويدعو لي ولزوجي كثيرا، فلم أمنعه أبدا مِن برّهم والإنفاق عليهم، ولكني اشترطت أن يكون ذلك لأبيه وأمه فقط بشكل خاص، وأي شخص تاني لا ينفق عليه إلا في الحالات الضرورية، وكان موافقا تماما على ذلك، والمشكلة أنه بعد وفاة والده شعرت أنه قد تغيّر، وبدأ يعطي لهم أموالا، بل وينتقدني بشدّة، واتّهمني أني أكرههم، وهذا ليس صحيحا، إنني خائفة جدا أن يتغيّر، خصوصا أن الإخوة قد لا يحرصون على حياة أخيهم مثلما يفعل الأب والأم. أنا حزينة جدا من زوجي، وأشعر أنه قد ضربني على رأسي عندما قال لي إني أكرههم، وأن كل ما فعلته لهم جميعا كان مجرّد رغبة في إرضائه، وهذا لم يكن كلامه من قبل.. أشعر أنه غدر بي، رغم اعترافه بعيوب إخوته، وأنهم يطمعون فيه، وأنهم متكاسلون عن العمل، وأنهم ضغطوا عليه في أوّل زواجنا؛ ليشتري أشياء في بيتي بدون رأيي. أرجوكم.. أنا في غربتي لا أستطيع أن أتحدَّث إلى أحد، وأنا في أشدّ الحاجة لنصائحكم لي في موضوع الرجوع إلى مصر، وماذا أفعل مع زوجي، وكيف أتصرّف في موضوع أهله؟!! وكيف أُثبِت له أني لا أكره أهله، ولكني أكره تصرّفاتهم؟ أعلم أني أطلت عليكم، اعذروني، وأرجو منكم سرعة الرد. ه. ن صديقتنا العزيزة... علّمنا ربنا معنى مُهمّا به تقوم حياتنا على المودة والرحمة، حيث جاء في الأثر: "الأقربون أولى بالمعروف".. ومَن أقرب لزوجكِ من إخوته وأهله؟!! ولو كانوا من وجهة نظرك لا يستحقون، بل لو كانوا لا يستحقون ولا يشكرون، ليس هذا فقط ولو كانوا يسيئون رغم ما يأخذون.. أتدرين لماذا؟ لأن الله أحسن إلى زوجكِ، وقد أمر الله من أحسن إليه بقوله: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، فكيف تجادلينه فيما يُرضي الله، أنتِ ترينهم سيّئي النية والسلوك، ورغم هذا برّهم واجب على هذا الزوج الوفي؛ فأعينيه، ولا تناقشيه في هذا الأمر أبدا..
أُدرك أنهم أساءوا إليكِ في مرحلة الخطوبة، وضيّقوا عليكِ، وحاولوا إفساد العلاقة، وفعلوا ما يغتاظ له قلبكِ.. ولا تستقر معه مشاعركِ الجميلة نحوهم.. هم أساءوا إليكِ فماذا أنت فاعلة؟!! هل تُردّين الإساءة بإساءة، وقد جعلكِ الله فوقهم، وفضّل زوجكِ عليهم في الرزق؟ لا أظنك تفعلين هذا؛ فأنتِ كريمة النفس، سليمة الطوية، وإلا لِمَا سألتِ وبحثتِ عن الصواب.. يقول سيدنا علي -كرّم الله وجهه- إذا قدرت على عدوك، فاجعل عفوك عنه شكرا لله على قدرتك عليه.. وهم ليسوا أعداءك؛ هم فكّروا لصالح أخيهم تفكيرا قاصرا.. وقد وفّقكِ الله، فلا تفعلي ما يفعل أغبياء النفوس مِن انتقام أو تشفّي أو حتى عدم مد يد العون، بل هي فرصتكِ أن تكوني أمام الله في موقف الإحسان، ليس بالمال؛ فالله قادر على أن يُغنيهم عنكِ وعن زوجكِ.. ولكنه جعلهم يمدّون أيديهم لزوجكِ ليكرمه ويُكرمكِ إن أحسنتِ التصرّف فلا تبالي بالماديات فهي زائلة، وكما قال تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، فاحمدي الله أن جعل زوجكِ صاحب اليد العليا، ولو شاء لجعل يده السفلى. سامحيهم يا عزيزتي، سامحيهم واغفري لهم؛ ليسامحك ويغفر لكِ الله.. ودعي من يأخذ يأخذ؛ فهي دنيا لا قيمة لها، وكلنا زائلون، والقبور لا ينفع فيها ذهب ولا فضة.. أما عن مغادرتك وأولادك وعودتك لمصر دون زوجكِ؛ فهو خطأ كبير لا تقدمي عليه.. كوني حيث كان.. ولا تحرمي أولادكِ منه، ولا تحرميه منهم، وأنتِ تظنين أن في ذلك مصلحتهم، وتذكّري أنه يتحمّل في عمله أعباء كثيرة فلا تطالبيه بتحمّل عبء الأولاد؛ فهي مسئوليتك أنتِ.. نعم مسئوليتك التي يجب أن تراعيها، ولا تكلّفيه فوق طاقته، ولكن من آن لآخر اطلبي منه متابعتهم بلا ضغط ولا أذى.. يا صديقتنا... إن الله أنعم عليكِ بالزوج والذرية، فارضي بما قسمه لك، ولا تبخلي فيبخل الله عليك.. ولا تتركي زوجكِ أبدا وحيدا في غربته، ومن آن لآخر اخرجي معه، والجئي لله ولكتابه، وستجدينه عونا وسندا.. والله ولي التوفيق،،،،