بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا سعيدة جدا إني لقيت حد ممكن يسمعني وكمان هيفيدني، أنا مش عارفة أبدأ منين؛ بس أنا نفسي أطلّع كل اللي جوايا من غير ما أخاف من حاجة.. أنا عندي 22 سنة، وطول السنين اللي فاتت وأنا حاسة إني مش عايشة إلا بعض أيام منها، ومش عارفة العيب في مين؛ ساعات باقول العيب فيّ، وساعات تانية باقول العيب في الناس؛ بس مش عارفة إيه الصح.
أنا من أسرة بسيطة والحمد لله، ودي عمرها ما كانت مشكلة بالنسبة ليّ؛ المشكلة إن كل واحد في الأسرة دي عايش مع نفسه، وطبعا أنا كمان، ودي كانت أكبر مشكلة؛ لأني دايما باحس إني لوحدي، وإن مافيش حد بيحبني؛ حتى أهلي.
وطبعا دوّرت على الحب بره؛ علشان أحس إني إنسانة وزي باقي الناس بحب وباتحب، كنت باكلم أي حد، وبآمن لأي حد، ودي كانت تاني مشكلة، وطبعا بتوقعني في مشكلات كتير، وكنت اللي باكلمهم أغلبهم أولاد؛ بس دايما كنت باقول لنفسي: مش مهم، أنا أصلا مافيش حد بيحبني وعايزني، ولا حد بيخاف عليّ؛ لحد ما حصلت لي مشكلة كبيرة؛ وهي إن فيه حد كان بيبعت لي رسايل ويهددني إنه هيعمل حاجات كتير علشان يدمرني، وفاجئني إنه يعرف عني حاجات كتير، وأنا طبعا ماعرفش ده مين..
المشكلة إنه مش بس هددني، ده كمان كلّم أخويا، وقال له: إني أنا على علاقة بشاب، وإني باقابل الشاب ده، وأخويا سألني، وطبعا كدبت عليه، وأخويا مخاصمني ومش بيكلمني، وكمان قال لي إني مش هاكمّل في الجامعة ولا هاروحها تاني.. حاولت أكلمه وأفهّمه؛ لكن هو رافض يكلمني؛ لدرجة إني كتبت له اللي أنا عايزة أقوله في ورقة؛ لكنه رفض ياخدها مني.
أنا بجد مش عارفة أعمل إيه؟ أنا عارفة إني غلطت؛ بس والله أنا عمري ما عملت حاجة وحشة في حد، ودايما باعامل الناس بما يُرضي الله.
أنا مش عارفة ربنا بيعاقبني بذنب مين؟ أنا مش باعترض على عقابه؛ بس أنا والله قبل ما يحصل الموضوع ده قلت لنفسي: كفاية كده، ولازم أكون حد كويس كل الناس تحبه؛ ولكن أتت الريح بما لا تشتهي السُفن، أنا فيه حاجات كتيرة أوي كان نفسي أحكيها.
Memo.wife
ما تعانينه يا عزيزتي هو حالة "جوع عاطفي" شديد أدّت من فرط شدتها لتعطيل عقلك، وحسن تمييزك للصواب والخطأ في العلاقات الإنسانية.
فأنتِ تعيشين حالة حرمان مزمن من أي ترابط إنساني مع أسرتك التي يُفترض أن يكون أفرادها هم الأقرب لك من بين الناس, وهو ما جعلك تلتمسين البديل خارجها؛ ولكن بشكل غير سليم؛ فالمنطقي أن يكون أقرب أصدقائك من الفتيات, لا أن يكون كل أصدقائك من الشباب, ولا أن تكون علاقتكِ بأحدهم أو بعضهم عميقة بشكل مخالف للمألوف والمعروف.
هذا الاندفاع وصل لحد عدم تمييزك بين الصالح والطالح من الأصدقاء, وجعلكِ تقعين فيما وقعتِ فيه من مشكلات وصلتْ لحد إفساد علاقتكِ بأخيكِ.. وأعتقد أن في هذا ردّا على تساؤلك عن سبب ما أنتِ فيه من مشكلات؛ وعلى رأسها تلقّيكِ تلك التهديدات من شخص الله أعلم ماذا كانت علاقتك به، وما هي دوافعه لذلك؟
والخطأ لا يقع عليكِ وحدكِ, وإن كان لكِ النصيب الأكبر منه؛ فثمة خطأ في بنيان أسرتك وعلاقات أفرادها ببعضهم, وهو ما خلق لديكِ هذا الكبت الذي بلغ نقطة الانفجار وتسبب في كل هذا.
ولكن هذا لا يعفيكِ من اللوم؛ فأنتِ في النهاية فتاة ناضجة مميزة تعرفين الصواب من الخطأ؛ فكيف سمحتِ لنفسك أن تتجاوز علاقتك بشاب ما هو متفق عليه دينا وخلقا وتقليدا؟ ومجرد أن تكون علاقتك به في الخفاء خلسة عن أسرتك؛ فهو مخالفة لكل ذلك.
أعتقد أن مشكلتك تحتاج أن تأخذي وقفة طويلة مع نفسك تراجعين فيها حياتك وعلاقاتك، وتحاولي إعادة هيكلتها وتنظيمها من جديد بما لا يخالف الدين والأخلاق والتقاليد ولا أي ضوابط اجتماعية.. وعليكِ أن تحرصي على أن تكون علاقاتك في المقام الأول ببنات جنسك.. صحيح أن مجالات التعامل الاجتماعي تخلق بعض أشكال التعامل بالزمالة أو الصداقة بين الفتاة والشاب؛ ولكن حتى هذا لا بد أن تكون له ضوابط, كما يفترض بالشاب أن يكون أغلب أصدقاؤه من الشباب؛ فهذا أكثر صحية نفسيا واجتماعيا.
عليكِ كذلك أن تحاولي ربط جسور التعامل مع أفراد أسرتك -وأخوكِ بالذات- وألا تيأسي من المحاولة مرة والثانية والعاشرة والمائة؛ حتى تتكون لكِ بهم علاقات سوية صحيّة تُشبعكِ اجتماعيا وعاطفيا، وتحول دون وقوعك في الخطأ من جديد, كذلك تمنع عنكِ سوء ظن أي من أفراد أسرتك بكِ, كما حدث من شقيقك.
هذا الأمر الأخير ليس بالسهل؛ أعترف لك بهذا؛ ولكنه كذلك ليس بالمستحيل, والنتيجة تستحق الجهد المبذول لأجله.
وحاولي كذلك أن تملئي فراغك النفسي والاجتماعي ببعض الأنشطة الاجتماعية البناءة؛ بحيث تُفرغين فيها قِسما من طاقتك العاطفية، وتكوّنين فيها علاقات سوية تساعد على الحفاظ على بنيانك النفسي والاجتماعي، وتعينك على اكتساب المهارات الاجتماعية المطلوبة، ولو ترغبين في أن نوجّهكِ لبعضها؛ فأهلاً بكِ.
وفّقكِ الله ورعاكِ يا عزيزتي, وهداكِ لما فيها الخير.. تحياتي.