أنا بجد باشكر الموقع الجميل ده، وبجد بحب أستفيد منكم، وبافضفض معاكم، عشان بجد أنا حيرانة وتعبانة. المشكلة بتاعتي إن فيه واحد بيحبني وأنا بحبه، هو مسافر وهينزل إجازة بعد شهرين ونص كده، هو بيقول لي كتير إنه بيحبني، وبيطلب إني أقول له إني بحبه أكتر من مرة، وبيقول لي إنتِ وحشتيني، وإنه عايز يبقى معايا، وإنه بيحبني أوي.
أنا مش عارفة هو ده عادي؛ يعني ممكن يكون هو بيقول كتير كلمة "بحبك"، وبيطلبها لأنه بعيد ولوحده، وإنه بيحبني فعلاً، وده طبع فيه إنه رومانسي أوي أو كده؟ ولا هو مش حاسس بالكلمة دي، ولا إيه؟
وأكتر من مرة، قلت له: إنت بتتسلى أو كده؟ قال لي: لأ، أنا بحبك بجد؛ بس عايزين وقت عشان نعرف بعض أكتر.. ومرة قال لي: إن نفسه يحضني أوي. ساعتها أنا قلت له: مش هينفع نكمّل مع بعض.. وجه قال لي: أنا آسف ومش هاعمل أي حاجة تضايقك تاني؛ بس أنا بحبك.. وفعلاً ماكررهاش تاني.
وأما باقول له على حاجة ضايقتني بيتأسف.. هو الحمد لله كويس معايا؛ بس هو كلامه الزيادة عن اللزوم في الحب هو اللي مخوّفني، ومحسّسني إني باعمل حاجة غلط، وساعات باقول أستنى الشهريين ونص دول، وأشوف آخرتها إيه؛ بس بجد مش عارفة.
صليت استخارة أكتر من مرة، ودعيت ربنا يبعدني عنه لو فيه شرّ ليّ؛ بس مش باقدر أبعد عنه، وباحسّ إني بحبه أوي، هو كلامه ده عادي، ولا إيه؟
بداية يا عزيزتي، الحب ليس عيباً ولا حراماً في المطلق، وهو ليس بالأمر التافه كما تتخيلين؛ لأن هذه الأشياء التي نعتبرها أحياناً من التوافه يصير منها أجمل وأفظع الأشياء؛ ولكن ما يُحدّد في أي مسار ستسير الأمور، هو النظر إلى الشيء وسؤال الذات: هل هذا يُرضي الله ولا غبار عليه؟
إجابة هذا السؤال هي الأساس في كل شيء؛ فليس هناك مانع من أن يتعرف شاب وفتاة بغرض أن يتفهّم كل منهما الآخر عقلاً وديناً وخُلُقاً، ويتعارفا اجتماعياً كذلك؛ حتى يصلا إلى التفاهم التامّ؛ استعداداً للمرحلة التالية وهي الزواج؛ ولكن هذا لا بد أن يكون بعلم الوالدين، أو على الأقل بعلم أحدهما، أو الشخص المسئول والمهيمن على تلك الفتاة؛ بحيث تكون علاقتهما هذه في النور فلا تشوبها شائبة؛ فيكون من الطبيعي بعد نهاية هذه المرحلة أن يبدأ الفتى مرحلة جادة جديدة، وهي الاتصال بأهل الفتاة ليصبح الحب في النور.
أما ما أراه يا عزيزتي؛ فلا يقترب مطلقاً من هذه الشروط التي تضع العلاقة في إطارها السليم؛ فهذا الشاب يتسلى بك ويعبث، وإن كان جاداً؛ فهو بكل أسف خارج عن المنطق والمعقول.
فكل هذه العبارات المبالغ فيها ليست من الحب في شيء.. المحب حقاً لا يقضي كل وقته في هذا الكلام الذي ليس منه طائل؛ وخاصة إذا تطرّقت الكلمات إلى هذه الألفاظ والإيحاءات، التي لن أقول هنا باعتقادي كونها جارحة، وتخطّت الأصول والدين أيضاً؛ بل سوف أقول إنها جارحة فعلاً؛ فليس لشاب لا تربطه علاقة عَلَنية شرعية مع فتاة، أن يقول لها مثل هذا اللفظ، وكل ذلك يرجّح أكثر وأكثر فكرة العبث.
عزيزتي الحب الحقيقي ليس مجرد كلمات؛ ولكنه هدف واضح لفهم كل منكما للآخر، ثم ينتهي بالزواج، ولمرة أخرى أؤكد وجوب حدوث ذلك في النور، تحت نظر وعلم الأهل؛ ولكن أن يقتصر الحب على الكلمات بلا التزام؛ فما أسهل الكلمات.
أراكِ يا عزيزتي فتاة على خلق ودين؛ حتى إن ضميرك يلومك دائماً إذا شعرت أنك قد انحرفتِ قليلاً عن الطريق القويم، وهذا ما جعلك تقومين بعمل استخارة؛ ليهديك الله الطريق السليم.. ولكن هنا لي تعليق على الاستخارة؛ فالله لا يخذلنا أبداً إذا قمنا باستخارته؛ ولكن إذا تدخّل هوانا ورغباتنا الدفينة في أدائنا، هنا تتدخل النفس الأمارة بالسوء، ويتمّ ما أرادته النفس.. إذا أردت عمل استخارة في أي شيء؛ فعليك أن تجعليها خالصة لله وحده، ولا تُدخلي فيها هواك، هنا فقط سوف يوجّهك الله سبحانه وتعالى إلى الطريق القويم بإذن الله.
الأمر الآخر يا عزيزتي أن الحلال بيّن والحرام بيّن، وعلاقتك بهذا الشاب محسومة أساساً.. فهو لم يتقدم أية خطوة توضّح جدّيّته؛ بل يتجاوز ما لا يُرضي الله؛ لذا فإما أن تُعلِمي أسرتك وتصبح علاقتكما علنية رسمية حتى يعود من السفر، أو تقطعي علاقتك به حتى يعود من السفر.. ووقتها عليه التوجه إلى أهلك وخطبتك منهم رسمياً؛ فإن رفض فتأكّدي أنه شاب عابث بما لا يدع مجالاً للشك، ووقتها لن تكوني قد خسرت شيئاً.
وإن أتى وأوفى بوعده فهو شاب رومانسي، يحتاج فقط أن ينظر بواقعية للحياة قليلاً؛ ولكن لا بد من بعض الحب وقتها.. فقط لا تحيدي عن طريقك السليم.