أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بجواز التعددية السياسية، مشيرة إلى وجود أدلة من فعل النبى- صلى الله عليه وسلم- والصحابة على جوازها شرعاً. جاء ذلك فى بيان لدار الإفتاء، اليوم، فى الرد على بعض الفتاوى التكفيرية التى رصدها مرصد دار الإفتاء، والتى تدعى أن الشريعة أمرت بنظام سياسى واحد، وما سواه يعد خروجاً عن الإسلام، ولفتت الفتوى إلى تعريف التعددية السياسية التى تتناولها، مؤكدة أنها تعنى كثرة الآراء السياسية المنبثقة فى الغالب عن طريق ما يسمى بالأحزاب السياسية، التى يتكون كل منها من مجموعة من الناس لهم آراء متقاربة، يحاولون تطبيقها عن طريق التمثيل النيابى أو الوزارى أو حتى عن طريق الوصول للرئاسة. وأوضحت الفتوى أن الشريعة الإسلامية لم تأمر بنظام سياسى محدد، بل تعددت الأنظمة التى أقرها فقهاء الأمة على مر العصور بدءًا من عصر النبى صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام. وحول طبيعة النظام السياسى فى الإسلام طرحت الفتوى سؤالا: هل أمر الشرع بنظام سياسى معين؟ وأجابت مؤكدة أن هذا لم يحدث، حيث ترك الشرع الباب مفتوحاً أمام اجتهادات تناسب العصور والأماكن المختلفة، وهذه هى طبيعة تعامل الشريعة مع كل القضايا التى تحتمل التغيير. واستدلت الفتوى بطريقة تعيين الخليفة الأول والثانى والثالث، حيث لم ينص النبى صلى الله عليه وسلم على الخليفة من بعده، واختار المسلمون أبا بكر رضى الله عنه، ثم قام أبو بكر بتعيين عمر خليفة من بعده، ثم قام عمر بتعيين ستة يُنتخب منهم واحد. وعلقت الفتوى على ذلك بأنه يدل على سعة الأمر، وجواز إظهار بدائل جديدة لا تخرج عن جوهر الأحكام الشرعية، مؤكدة أن الفقهاء على مر العصور بَنَوا آراءهم الفقهية على ما تم حدوثه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. وعن الأدلة الشرعية للتعددية السياسية أوردت الفتوى مجموعة من المواقف حدثت فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد تعامله صلى الله عليه وسلم مع المخالف له فى الرأى من الصحابة وإقراره له على المخالفة وحواره معه؛ منها ما حدث من عمر رضى الله عنه يوم الحديبية، ومنها ما حدث مع الأنصار فى غزوة حنين وقت توزيع الغنائم، والتى أكدت الفتوى أنها تدل جميعها على حوار النبى صلى الله عليه وسلم مع المخالف ومناقشته فى موقفه. لكن الفتوى أوضحت ضرورة الالتزام بأدب الخلاف أولا، وضرورة أن تكون هذه التعددية فى إطار قانونى يتعارف عليه المجتمع، من خلال مجلس للنواب أو خلافه، شريطة ألا تكون ثوابت الأمة وهويتها من عقائد وأعراف محلاًّ للإلغاء أو النقاش. وعن واجب الجمهور إزاء تلك التعددية أكدت الفتوى أنَّ مَن يدلى بصوته فى الاستحقاقات السياسية ينبغى أن يتقى الله فى صوته، وأن يتحرى مصلحة الوطن العليا، مستشهدة بقوله تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ{.