بالتأكيد كل منا يرغب في أن يصل للقوام المثالي، وأن يخسر الوزن الزائد الذي يعيقه عن الكثير من الأشياء التي يتمنّى أن يمارسها، كما أنه يُؤثّر على الصحة. ولكن البعض منا قد تخونه إرادته وتضعف، وتمنعه من أن يُكمل الطريق الذي بدأه؛ خاصة أمام الأطباق الشهية والوجبات السريعة اللذيذة. ولذلك قررنا أن نقدِّم لكم بعض النماذج لأشخاص عاديين أكملوا الرحلة لنهايتها، ووصلوا لجسم معتدل ورشيق إلى حد كبير، وأصبحوا لا يعانون من السمنة الآن، واقتربوا من الوزن المثالي، واختلفت حياتهم تماماً إلى الأفضل، وصارت صحتهم في أحسن حال. لنتعرّف سوياً على بعض القصص والمواقف المضحكة في حياتهم السابقة على حسب رواياتهم لي، قبل أن يُنظّموا أسلوب حياتهم وطريقة أكلهم إلى أن وصلوا للوزن المناسب. كانت حياتهم دائماً معاناة مع الأكل؛ فقد كانت النزهة إلى محلات الأكل هي أجمل متعة في حياتهم، وكان البعض منهم يخترعون وصفات جديدة للأكل، والبعض كان يُفكّر أن يدخل كلية السياحة والفنادق حتى يصبح شيفاً للأكل.. كانوا يحبون كل شيء مرتبط بالأكل، كان الأكل عندهم هواية ومتعة وكانت هذه هي المشكلة. لنبدأ سوياً.. حتى نأخذ منهم قدوة ونتعلّم من تجربتهم ونتجنّب أخطاءهم:
المحاولة الأولى ل"م . ف" تلك القصة على لسان صاحبها: في أول حياتي قبل السفر مع أبي، كان وزني قليل، وكنت نحيفاً جداً، وطوال عمري كانت أمي تتعارك معي من أجل الأكل حتى لا أضعف، كانت دائماً وجبتي ضعيفة، وكنت متناسياً الأكل، وكان الأكل آخر اهتماماتي. ثم جاءت رحلة أبي إلى الخارج لدراسة الماجستير والدكتوراه في سن ال7 سنوات، وكانت تلك هي بداية رحلتي مع السمنة.. فبعد المعيشة في الخارج صارت الحياة جميلة، وبدأت آكل وأشتهي الأكل، وبدأت أبحث عن الأكل الحلو، وأن أجري وراءه، بدأت أُعجب بمحلات الأكل، وكنت دائماً أشتري ما لذّ وطاب من الحلويات وأكلات الأطفال الجميلة، حتى صارت أمي تتعارك معي لكي أقلل من الوجبات والكميات، ودائماً تقول لأبي: لا بد من التدخّل لحل مشكلة زيادة وزنك. وكانت المحاولة الأولى التي بدأتها في التاسعة من عمري بعد رجوعي من الخارج؛ حيث رأت أمي أن وزني ازداد سريعاً وبشكل ملحوظ, وبدأت تقلق على صحتي, وبدأت أمي في التخطيط لإنقاص وزني، لكن دون علمي حتى لا أتمرّد على الوضع.. وكانت خطواتها معي على النحو التالي: 1- أكّلتني مسلوق من غير ما اعرف بدأت تحضر لي الأكل يومياً ولكن طعمه كان مختلف ومتغيّر عما سبق, لم يكن سيئاً؛ ولكن الأول طبعاً كان أحلى بكثير، وصار الأكل يومياً بهذا الشكل، ولم أفهم وقتها أنه مسلوق, واختلف العشاء أيضاً وصار خفيفاً لا يشبع ولا يغني من جوع، وكان دائماً فواكه أو زبادي.
وحينما كنت أسألها عن الاختلاف في طعم الأكل كانت تقول لي نسيت أضع زيت أو لا يوجد سمن في البيت، وكانت المبررات المختلفة تزداد يومياً، وحينما أسألها عن العشاء كانت تردّ دائماً أن هذا صحي ومفيد. 2- قلّلَتْ من الزيارات العائلية.. ومنعتني من الحلويات كانت أمي تقلل من الزيارات العائلية للحدّ من كميات الأكل في الولائم التي تشتهر بها العائلة المصرية, ومنعت البيبسي والحلويات والمقرمشات التي كان يشتهيها الأطفال، ولم أفهم السبب واستغربت؛ لأني كنت من الأوائل دائماً ومؤدباً إلى حد كبير.
3- اشترت ميزاناً وكانت بتوزنّي كل 4 أيام اشترت أمي ميزاناً للبيت، وصارت توزنّي كل 3 أو 4 أيام، وحينما كنت أسألها كانت تقول باطّمّن على صحتك يا حبيبي، وكانت تفرح جداً حينما ينقص وزني. 4- جوّعتني في المدرسة والبيت قللت وجبة الإفطار؛ فصار الجوع ملازمني في المدرسة والبيت وفي كل مكان، ولم أكن أدري لماذا, وكانت مبررات أمي غريبة ولا تخضع للمنطق، ولكن كان ما يشغلني هو الجوع الشديد. 5- بدأنا لعبة القط والفار بعد كل تلك الخطوات الغريبة بدأت أشك في الأمر، وأتمرّد لكن دون تحرك، إلى أن سمعت أبي يتحدّث في التليفون مع أحد أصحابه، ويقول له "أنا باعمل ريجيم لابني"؛ ففوجئت بالكلمة وأدركت محاولات أمي وجهدها معي لإنقاص وزني، وبدأت لعبة القط والفار بيني وبين أمي والتي استمرّت سنين بيننا. 6- كنت باكل من وراها كانت أمي تحضر لي أكل الريجيم، وكنت أتظاهر بالأكل قليلاً، وانتهى ثم أقول لها لقد شبعت تسلم إيدك. وكانت تفرح أني أكلت قليلاً، ولم أعترض على الأكل؛ ولكن كان هناك ما يخفى عليها، وهو أنني كنت أنتهز فرصة نوم أمي في وقت القيلولة وأنقضّ على الثلاجة بكل ما فيها؛ مما لذّ وطاب، كنت آكل وأشبع من خيرات الطعام، وكان الأكل وقتها بالنسبة لي أحلى شيء في الوجود.. وكنت من شدة الفرح أشعر أني أذهب للقاء حبيبتي؛ ولكن كنت دائماً آكل بحساب حتى لا يظهر أي تغيير في كمية الأكل وأنكشف. 7- يوم عاشوراء انكشفت خطتي ظلت الأمور هكذا إلى أن بدأت أمي تشكّ في اختفاء الأشياء أو نقص كمياتها من الثلاجة أو المطبخ, وأيضاً بدأ وزني يثبت، ثم بدأ يزداد تدريجياً، وكانت هذه هي بداية النهاية. وفي يوم عاشوراء كانت أمي تجهّز الأرز باللبن والعاشوراء مثل معظم الأمهات المصريات، وضعت أمي الأطباق في الثلاجة، ومن الواضح أنها كانت تعرف عددها، ولم أنتبه لهذا الموضوع، وأخذت واحداً من الأطباق في وقت القيلولة والكل نائم، ثم ذهبت إلى النوم، واستيقظت على صرخات أمي، وكنت خائفاً بشدّة، وشعرت أن النهاية قادمة وأني انكشفت. وسمعت أمي تقول من الذي أخذ الطبق الناقص؛ فهرعت مسرعاً لأرى مصيبتي، وكنت في شدة الخوف والندم، إلى أن أنقذني أبي من غضب أمي، وقال لها وهو يرمقني بنظرة لن أنساها أبداً: إنه هو من أخذ الطبق؛ ولكني شعرت أن أمي لم تقتنع وانتهى الأمر على خير. وبدأت أقلق وآخذ حذري جداً، ومرّت الأيام عصيبة عليّ، والجوع بدأ يشتدّ ثانية، وكنت أنتظر حتى تنسى أمي الموقف؛ ولكنها كانت تراقبني طوال الوقت. ومن شدة الجوع قررت المغامرة والسطو على الثلاجة, وفي ليلة كان الكل نائماً ذهبت إلى الثلاجة، وبدأت الأكل وكنت سعيداً بفك الحصار عن معدتي؛ ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فقد ظهرت أمي فجأة بدون سابق إنذار، وتمّ القبض عليّ، وكانت ليلة ما يعلم بها إلا الله. 8- تم العفو عني من سجن الريجيم ظلت أمي تعاقبني طوال الأسبوع إلى أن ذهبتُ إلى أبي، واشتكيت له حالي وجوعي، وبكيت له أني دائم الجوع في البيت والمدرسة والنادي وكل مكان؛ فأشفق عليّ، وتمّ النقاش بينهما وكان حاداً جداً، وانتهى لصالحي في النهاية، وتمّ إعفائي من سجن الريجيم وخروجي إلى دنيا المأكولات اللذيذة؛ ولكن كان هذا في حدود، وكانت هذه أول محاولة في حياتي؛ ولكن بدون علمي أو رضاي. لهذا السبب أنصح الأمهات بالتشاور مع الأطفال في موضوع إنقاص الوزن، ومحاولة إقناعهم بعمل الريجيم؛ لأنها مسألة صعبة على الأطفال ومحكوم عليها بالفشل إذا لم يوافق الطفل عليها، بعكس النتائج لو قرر اتّباع الريجيم بكامل وعيه وبإصرار منه على إنقاص وزنه. لا بد لكل الأمهات تغيير طريقة الأكل للأطفال تدريجياً وعدم الضغط عليهم حتى لا يصابوا بإحباط أو بعُقدة نفسية ويكون لهذا آثار سلبية عليهم. كما يجب مراعاة شعورهم؛ فلا يجب أن يأكل الآباء ما لذّ وطاب من الحلويات أو الممنوعات عامة أمام الأطفال، ثم مطالبتهم بالامتناع عنها؛ لذلك يجب على الآباء مشاركتهم حتى يكون عندهم الحافز والإصرار والاقتناع التام باتّباع الريجيم الصحي السليم.
وإلى اللقاء في محاولة (م . ف) الثانية للتخسيس... لنرَ ما هي الأخطاء التي وقع فيها... وما هو الحل الصحيح للتغلّب على مشاكله مع الريجيم...