هل نحن شعب "هفأ"؟... سؤال وجّهته لنفسي مراراً وتكرارا، خلال الأيام الماضية، وتحديداً بعد أن سرّبت الحكومة خبر الارتفاع المرتقب لأسعار "أي حاجة بتستخدمها أو هتستخدمها" على أن يشمل ذلك أسعار السلع الغذائية والبترول بكافة مشتقاته وإخواته من بنزين 80 و90 و92 و95، وكذلك هو حال ابن عمه السولار، فضلا عن الزيادة المتوقّعة للمشتقات البترولية كثيفة الاستخدام، وبالتالي من الممكن أن تشمل الزفت، ولما نقول زفت يبقى "أطران" قصدي "أفران"، ولما نقول أفران يبقى عيش، ولما نقول عيش يبقى طوابير وصراع وخناق وقتل. واللطيف في الأمر أنك عندما تحاول أن تستحلب أي تبرير منطقي من بنت شفة أحد من الوزراء، وخاصة عمهم اللي حابس دمنا إحنا.. وزير المالية يوسف بطرس غالي، سوف يرد عليك بينما حمرة الخجل على وجنتيه ويداه معقودتان وكتفاه محاذيان لأذنيه خجلاً وأسفاً قائلاً: والله يا جماعة غصب عننا، الميزانية فلتت مننا، والعجز أصله مش من عندنا، بس برده محدود الدخل يهمنا وإيييييه!!.. إلى آخر تلك الأغنية الهابطة التي لا تصلح سوى لأن تطرب عقول رواد مستشفى العباسية. أما نحن.. وبما أننا لسنا من رواد هذا المستشفى، فلدينا تساؤلات.. تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة في الأسعار.. وهل ما من سبيل آخر سوى زيادة أسعار السولار؟ هل تعرف ما معنى كلمة السولار يا سيادة الوزير؟ السولار هو الميكروباصات والميكروباصات يعني 3 مليون راكب يومياً.. ولّا هي الحكاية سبوبة وخلاص، طالما أن عدد الميكروباصات زي الرز... آه بالمناسبة هو الرز راح فين؟؟!! هذا قرار آخر، أو لمزيد من الدقة، فشل آخر لحكومة احترفت الفشل، بل وحققت فيه العالمية، عندما فشلت في استيراد الأرز من الخارج، وبالتالي قرّرت نيابة عن الشعب كله أن يأكل ذلك الأخير المكرونة، أصلها ناقصة سِمنة وتصلّب شرايين، إذن من الواضح أن هذه البلطجة الممنهجة التي تمارسها الحكومة تمارس على شعبها فقط فيستذئبون علينا و"يستمعزون" على غيرنا (إيه تنّحْت ليه؟ معزة - ماعز - يستمعز - يستمعزون). كل ما سبق كوم وخبر زيادة أسعار السلع الغذائية قرب حلول شهر رمضان هذا كوم تاني، كان الله في عون شرايين وقلوب وكلاوي الشعب المصري التي تتحمل أخباراً من هذه النوعية، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أصبح موعداً لارتفاع الأسعار كمان، اللهم صلِّ على النبي، في كل دول العالم تتجه الحكومات لسنّ سكاكينها لمحاربة أي زيادة موسمية مرتقبة في الأسعار، بينما في مصر نستقبل الزيادة الرمضانية كما نستقبل الهلال وزيادة شهر يوليو، حتى أنني أفكر جدياً أن اتقدم بطلب لرئيس الوزراء بإلغاء شهر رمضان للأبد. يا سيادة الوزير المالي والمحاسبي المخضرم.. يا من تدبّر أعقد ميزانيات العالم، وتعالج عجز الموازنة، بينما تصيب الشعب بعجز من نوع آخر.. إليك ميزانية أسرة من ملايين الأسر التي تحصل على 250 جنيه شهرياً، وأرجوك دعني أكمل ولا تفغر فاهك مدعياً إني مزودها؛ لأن ذلك يثير أعصابي، ويُشعرني بحق أنك لا تعرف عن شعب وزارتك سوى أن محدود الدخل فيه يحصل على 1000 جنيه شهرياً.. المهم نرجع مرجوعنا، هذه الأسرة مطلوب منها أن تأكل وتُؤكِّل عيالها من سلع غذائية بفضلك لم تعد في المتناول -بل في مخازن التجار- أو في السوبر ماركت بضعف الثمن، أرجوك "دبّأ" ومطلوب منهم أيضاً أن يركبوا ميكروباصات تضاعفت أجرتها بفضل جلالتك، ولا تنسَ -لو لم تعتبر ذلك سوء أدب مني- أن توفّر لهم فلوس العيش الذي بالتأكيد إما سيختفي أو سيصبح خبزاً فاخراً بربع جنيه، بعد أن يرتفع ثمن الزفت المستخدم في الأفران. ولا سعادتك فاكر إيه؟ هل تتخيل مثلا أن سائق الميكروباص شخصية أفلاطونية سوف يبلع زيادة أسعار السولار ويُبقي الأجرة على حالها؟ كان بودّي والله لكن ما تلاقيش، أم إنك تخيلت مثلاً أن الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه يتعامل مع أتوبيسات الهيئة "الرائعة" التي تسير بقوة الدفع البشرية، وعادة ما يكون الوقوف على سلّم بابها نوعاً من أنواع الرفاهية؟ فمن أي كوكب أنت وحكومتك بالله عليك؟!! د. أحمد نظيف.. أستحلفك وحكومتك بالله أن تتقدموا باستقالة جماعية إلى السيد رئيس الجمهورية، استقالة تحمل قدراً بالغاً من احترام الذات لأنفسكم وللشعب، على أن تكون استقالة مسبّبة تعلنون فيها صراحة أنكم فشلتم في إدارة زمام عبّارة هذا الشعب فأوشكت على الغرق، وقتها سوف يحترمكم التاريخ والناس أيضاً؛ لأنه طالما كان في وجودكم خراب فلترحلوا، طالما كان في بقائكم عذاب فبالله عليكم من على سلالم الوزارة ترجلّوا. سيدي رئيس الجمهورية.. أرجوك أن تتناول من هؤلاء سوط الأسعار الذي يجلدون به ظهور الشعب يوما بعد الآخر في كل شهر يوليو أليم يمرّ على هذه الأمة التعيسة فتزيد تعاستها، تناول منهم هذا السوط قبل أن يتناوله منهم الشعب وتكون الكارثة. بدموع ذلّ يعانيه فقير لا يجد ثمن رغيف كشري يريح بطنه من آلام الجوع أطلب من هذه الحكومة الرحيل، واستعجل رحيلهم؛ لأننا لم نعد نطيق بقاءهم.