تحقيق مني البديوي وراضي عبدالباري: ما هو تأثير زيادة اسعار البنزين والسولار علي اسعار باقي السلع؟ وهل يمكن ان تتحكم الحكومة في الاسواق وتمنع التجار من رفع الاسعار؟ وهل يمكن ان ترتفع اسعار البنزين والسولار دون ان تؤثر علي المنتجات الاخري؟ وما هو موقف القطاعات المختلفة التي لها علاقة مباشرة بالبنزين والسولار مثل النقل والزراعة والسياحة؟ كل هذه الاسئلة طرحناها علي الخبراء والمختصين. الدكتور حسن عبدالرحمن استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر يري ان ارتفاع اسعار البنزين والسولار يعد مؤشراً لارتفاع اسعار باقي السلع خلال الفترة القادمة مشيراً الي انها خطوة في خطة شاملة لزيادة الاسعار. ويضيف ان ارتفاع اسعار البنزين والسولار سينعكس علي عدد كبير من الخدمات فقد زادت اسعار النقل بين المحافظات وبالتالي فجميع اسعار الموصلات سوف تزيد وسيترتب علي ذلك ارتفاع اسعار السلع الغذائية والزراعية التي يتم نقلها من محافظة إلي اخري. ويشير الي ان المواطن هو اكبر المتضررين من الزيادة لانه هو وحده الذي يتحملها. وينتقد عبدالرحمن توقيت رفع اسعار البنزين والسولار مؤكدا ان الحكومة كان يجب عليها ان تختار التوقيت المناسب لرفع الاسعار فأغلب الاسر المصرية حالياً عليها اعباء كبيرة ولم تستفد من العلاوة الاخيرة التي تم صرفها لان زيادة اسعار البنزين سوف تلتهم هذه العلاوة مشيراً الي ان هناك تخوفاً من ان تكون هناك خطوة قادمة اخري لزيادة اسعار المواد البترولية الاخري وفقا لما يتم ترديده حيث ستشمل الغاء البنزين 80 لتقتصر الانواع علي ال 90 بسعر 130 قرشاً وال 92 بسعر 140 قرشاً ومن المقرر رفعه الي 170 قرشاً في خطوة قادمة كما تشمل الخطة زيادة اسعار الكيروسين والغاز. ويضيف ان المواطن سوف يدفع الثمن في كل الحالات وذلك بحصوله علي سلع وخدمات مرتفعة الثمن. وعن سبب ارتفاع اسعار البنزين في هذا التوقيت يقول عبدالرحمن ان الحكومة تؤكد انه من المتعثر الاستمرار في دعم اسعار الطاقة بذات المستوي الحالي خاصة بعد ارتفاع اسعار البترول الاخيرة بالاضافة الي ان الحكومة تهدف الي تقليل حجم الدعم الذي وصل الي 42 مليار جنيه في موازنة هذا العام منها 2.16 مليار جنيه للسولار حيث تستهلك مصر 10 ملايين طن منها 5.6 مليون طن انتاجاً محلياً و5.3 مليون طن يتم استيرادها بسعر السوق العالمي الذي وصل الي 550 دولار للطن في الفترة الاخيرة كما تستهلك مصر 3 ملايين طن من البنزين وتبلغ قيمة الدعم المقدم للبنزين 2.4 مليار جنيه ويذهب باقي الدعم الي مستهلكي الغاز والبوتجاز والمازوت. اما محمود الحسيني عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية فيؤكد ارتفاع اسعار البنزين والسولار سوف يؤثر بشكل كبير علي اسعار السلع والحاصلات الزراعية مشيراً الي ان الحاصلات الزراعية سوف تتحمل اعباء كبيرة من جراء هذا الارتفاع في اسعار السولار خاصة ان السولار يستخدم في عمليات الري وعمليات تجهيز الاراضي الزراعية وكذلك عمليات نقل الحاصلات الزراعية. ويؤكد الحسيني ان جميع السلع الغذائية من المؤكد ان اسعارها سوف تزيد خلال الفترة القادمة خاصة التي يتم جلبها من المحافظات. مشيراً الي ان اسعار البنزين ارتفعت بنسبة 30% حيث تم تحريك اسعارها من 100 قرش الي 130 قرشاً. وارتفعت اسعار السولار بنسبة 25% حيث ارتفع من 60 قرشاً الي 75 قرشاً والكيروسين من 40 قرشا الي 75 قرشاً. ويستبعد الحسيني عدم تأثر باقي السلع بارتفاع اسعار البنزين والسولار مؤكداً ان هناك علاقة غير مباشرة بين ارتفاع اسعار البنزين والسولار وارتفاع اسعار السلع الاخري. فأغلب السلع يدخل ضمن التكاليف الخاصة بها السولار والبنزين وبالتالي فاي ارتفاع فيهما سوف يؤثر علي باقي السلع. واذا كان هذا تأثير ارتفاع اسعار البنزين والسولار علي الحاصلات الزراعية فإن شركات السياحة تأثرت هي الاخري بإرتفاع اسعار البنزين والسولار حيث يؤكد محمود ابوالوفا صاحب شركة الايمان للنقل السياحي ان جميع شركات النقل السياحي قامت برفع اسعار الرحلات الخاصة بها وذلك بعد ارتفاع اسعار البنزين مؤكداً ان ارتفاع اسعار البنزين بنسبة 30% ادي الي قيامهم برفع جميع الرحلات. مشيراً الي ان هذا الارتفاع ادي الي مشاكل مع اصحاب الحجوزات حيث رفض اغلبهم دفع الزيادة ولكن الشركات اصرت علي موقفها لانه ليس من المعقول ان تتحمل الشركات وحدها هذا الارتفاع فأغلب الاتوبيسات التي تستخدم في النقل السياحي تم رفع اسعارها بنسبة لا تقل عن 30% ايضاً. ويضيف ان جميع وسائل النقل تم رفع اسعارها ومن المرجح ان ترتفع اسعار باقي السلع الاخري خلال الايام القادمة. ومن جانبه فإن الدكتور اسامة عبدالخالق "الخبير الاقتصادي" بمنظمة العمل العربية وعضو الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب" يؤكد ان الحكومة لم تكن موفقة في زيادة الاسعار في هذا التوقيت والذي بدت فيها وكأنها تتربص بالعلاوة التي ستمنح مع راتب هذا الشهر علي ضآلتها، فقبل ان يحصل المواطن علي العلاوة بدأت الحكومة في تحميل هذا المواطن الكادح اعباء تفوق ما سيحصل عليه. حيث ارتفعت تكلفة خدمات مترو الانفاق وارتفعت اسعار البنزين والسولار وباعتبارها سلعة رئيسية فسيتبعها ارتفاع جميع السلع والخدمات المرتبطة بها في ظل تهاون وقصور الاجهزة الرقابية المختلفة المتعلقة بالرقابة علي الاسواق. علماً بأن اكثر الفئات المتضررة من القرار الاخير هي فئة محدودي ومعدومي الدخل ذلك ان معظم الاقبال علي الاستهلاك كان علي البنزين 90 ومعظم تكاليف خدمات النقل بالقطاع الخاص تعتمد علي السولار وهو الامر الذي يعني ببساطة اتجاه مستوي الدخل الحقيقي للمواطن المصري للانخفاض. ويستغرب عبدالخالق ان تقوم مصر وهي دولة مصدرة للبترول والغاز الطبيعي وفي ظل ارتفاع اسعار برميل البترول نتيجة الحروب الاخيرة ان يحدث في وقت متزامن رفع اسعار البنزين والسولار محلياً وهو امر يعكسه عدم صحة الاتفاقات المعقودة بين وزارة البترول والشركات الاجنبية القائمة بالبحث والتنقيب والانتاج وهل لها دور في رفع اسعار هذه السلع محلياً؟ ولذلك فالامر يتطلب اعادة النظر في هذه الاتفاقات. ويستطرد عبدالخالق قائلا: ان ارتفاع اسعار البنزين سوف يؤدي بلاشك الي انخفاض دخل المواطن الحقيقي قبل الحصول علي العلاوة خاصة ان الاسعار قد ارتفعت في حين ان العلاوة لم تصرف الا من اول الشهر التالي. كما يشير الي ان السلع والخدمات سوف تتأثر قطعياً بهذه الزيادة خاصة في المناطق الشعبية التي لاتصل اليها المواصلات العامة وهي مناطق عشوائية وغير عشوائية يقوم فيها القطاع الخاص من خلال سيارات السرفيس والميكروباص بالخدمات الوحيدة لنقل المواطنين في ظل غياب الحكومة عن تخطيط هذه المناطق وفي ظل غياب الرقابة الحكومية عن هذه الخدمات وغيرها فقد زادت اسعار تأدية هذه الخدمات بالفعل بنسب تفوق تكلفة الزيادة في البنزين والسولار.