إثر أعمال العنف التي أعقبت لقاء الاتحاد الليبي والأهلي المصري في ذهاب الدور ال16 لدوري أبطال إفريقيا، والتي نتج عنها إصابة وائل جمعة ومحمد بركات بجروح نتيجة إلقاء قطع من حديد عليهما، خرج إلى الإعلام المصري بكل شجاعة محمد الأغا -عضو مجلس إدارة الاتحاد الليبي- معتذراً لجماهير مصر ولأسرة النادي الأهلي على تصرّفات شباب طائش عقب المباراة. اعتذار لم ينقص مِن قيمة ليبيا قيد أنملة، ولا مِن قيمة إنجاز الفريق، ولم يزِد في المصريين شيئاً، وأسكتَ كل الأبواق التي كانت ستستغل الحادثة للتهكم على الجمهور الليبي وشعبه وتصفه بالإرهاب والهمجية، وقطع الطريق أمام من أوهموا الجماهير المصرية بأن مصر مستهدفة، كما أنه اعتذار كان يمكن للمسئولين على الاتحاد المصري تقديم مثله للاتحاد الجزائري يوم الرابع عشر من نوفمبر وندفن الفتنة التي نعيشها، وتخرج مصر عزيزة وكبيرة من ورطة ستلاحقها لسنوات. هذا هو الاعتذار الذي كان يجب أن يُقدّمه الاتحاد المصري لنظيره الجزائري في وقته، وليس الاعتذار الذي تقوم بتسويقه بعض الأبواق، وبكونه إساءة لمصر، وينقص من قيمتها، ولا يمكن للاتحاد المصري تقديمه لاتحاد جزائري يرأسه يهودي أمه مدفونة في "حيفا" المحتلة. الليبيون بتصرّفهم من خلال اتحادهم لقّنوا الاتحاد المصري درساً في الشهامة والشجاعة، وقطعوا الطريق أمام دكاكين الفتنة التي لم تطلق أبواقها؛ لأنها كممت في المهد، وتصرّفات بعض الجماهير الليبية مع بعثة الأهلي لم تكن لتحدث لولا تداعيات مباراة القاهرة، وما يشعر به كل عربي حر من أن مصر الكبرى أخطأت عندما اعتدت جماهيرهاً على اللاعبين الجزائريين، وأخطأت عندما كذب الإعلام واتهم الجزائريين بالتمثيل، وأخطأت عندما سمحت للجهلة بسبّ الجزائر وشعب الجزائر، وأخطأت عندما لم تعتذر في الوقت المناسب.. الإعلام المصري الذي يصطاد في المياه العكرة، أسكته هذه المرة اعتذار الليبيين؛ لأنه لا يمكنه التنديد بفعل يأتي بمثله ويكذبه، كما أن الليبيين لم يحرموهم من التأهل إلى المونديال، وبإمكان الأهلي تعويض النتيجة في القاهرة. الجزائريون اليوم لا يقبلون الاعتذار وهو مِن حقهم، ولا يرضون حتى لمصر أن تعتذر بعد فوات الأوان؛ لأنه عندما يحدث متأخراً يفقد معناه، ويسيء إلى مصر خاصة وأننا لا نرضى لمصر أن تُصبح صغيرة في عيوننا؛ بسبب تصرّفات أطفال صغار يلعبون بمشاعر الناس أمام كاميرات مختلف القنوات، ويُورّطون مصر وشعب مصر في دوامة عواقبها وخيمة. لكن مثلما نُقدّر عزة نفوسكم ونتفهّم موقفكم من الاعتذار اليوم، نرجو منكم أن تتفهموا موقفنا برفض الاعتذار ورفض كل أشكال الصلح، وتتفهموا إصرارنا على مواصلة فضح أكاذيب إعلامكم ومسئولي اتحادكم الذين يُصرّون على تصحيح الخطأ بخطيئة أكبر، ويُروّجون لمبادرات صلح وهمية ستحدث في جدة على هامش اجتماعات الاتحاد العربي، وستعيد الأمور إلى سالف عهدها. أحد الزملاء الإعلاميين مِن ليبيا قال لي إن تعرّض لاعبي الأهلي المصري للاعتداء في طرابلس؛ سببه إعلامهم وما فعله بالجزائريين، وعدم اعتراف اتحادهم وسلطات بلدهم بالاعتداء على الجزائريين، وبسبب ذلك سيتعرّضون في كل مرة لاعتداءات المناصرين في الكثير من الأماكن. تداعيات الاعتداء على عناصر المنتخب الجزائري في القاهرة وعدم الإقرار به ستلاحق الإعلام المصري والاتحاد كلما حدثت واقعة مثلها، وعندما يحين الوقت سأتحدّث إليكم عن أمور أخرى كثيرة حدثت على هامش مباراة مصر الجزائر في القاهرة، وسأكتب مثلاً عن واقعة فرض سلطات مطار القاهرة على الوفد الجزائري دفع مبلغ ثلاثة آلاف دولار مقابل مرور اللاعبين من القاعة الشرفية، في وقت كان الاستقبال في مطار الجزائر بالورود، ومن القاعة الشرفية كان خروج الوفد المصري معززاً مكرّماً من دون مقابل؛ لأننا لا نطلب المقابل أصلاً، خاصة عندما يكون مع الإخوة. وإذا كنتم لا تتقبّلون الدروس من الجزائريين، فأرجو أن تتقبّلوها من إخوانكم الليبيين على الأقل باسم العروبة التي تتغنون وتتاجرون بها.. أما أنا سأواصل كشف الحقائق في كل مرة؛ ليُدرِك الجهلة أن الكبير ليس بالألقاب ولكن بالأفعال، والليبيون فعلوا ما يجعلهم يكبرون في عيوننا، فهل حفظتم الدرس الجديد؟!! عن مجلة سوبر الإماراتية بتاريخ 27/ 4/ 2010